الرباط.. وزير الداخلية يستقبل نظيره الغامبي    وزارة السكوري توضح بخصوص اختراق موقع الوزارة: "لم تتعرض أي قاعدة بيانات للاختراق والوثائق المتداولة حالياً لا تندرج ضمن مجال اختصاص الوزارة"    الدولي المغربي رومان سايس يستكمل بروتوكول علاجه بالمغرب    الوزير قيوح: المغرب يعزز أمنه الجوي ويقود جهود التعاون الدولي لمواجهة التحديات في مناطق النزاع    بعد هاشتاع كلنا سلمى .. النيابة العامة تأمر بفتح تحقيق عاجل    لليوم الثاني.. مظاهرات طلابية بالمغرب دعما لغزة ورفضا للإبادة    المغرب وكوريا الجنوبية يتفقان على تسريع مفاوضات الشراكة الاقتصادية    رسوم ترامب ضد الصين ترتفع إلى 104%    توقيع اتفاقية لتعزيز تجهيزات مقرات الأمن بكل طنجة وتطوان والحسيمة    منخفض "أوليفيي" يعيد الأمطار والثلوج إلى مختلف مناطق المملكة    توقيف شخصين يشتبه تورطهما في حيازة وترويج المخدرات والأقراص المهلوسة    المصادقة بجماعة دردارة على نقاط دورة أبريل والسبيطري يؤكد منح الأولوية للمشاريع التنموية    خطوة واحدة تفصل نهضة بركان عن نصف نهائي كأس الكاف    وزير الخارجية الأمريكي يستقبل ناصر بوريطة بواشنطن    الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات تتوج في حفل توزيع جوائز AIM Congress 2025    حزب القوة الشعبية البيروفي يؤكد دعمه للوحدة الترابية للمغرب    أنشيلوتي : هدفنا التأهل ولا مجال للتراجع أمام أرسنال    أخبار الساحة    «طيف» لبصيرو «مائدة» العوادي يتألقان في جائزة الشيخ زايد للكتاب    في افتتاح الدورة 25 لفعاليات عيد الكتاب بتطوان: الدورة تحتفي بالأديب مالك بنونة أحد رواد القصيدة الزجلية والشعرية بتطوان    وزارة مغربية تتعرض لهجوم سيبراني من جهة جزائرية.. وتساؤلات حول الأمن الرقمي    المغرب يتصدر التحول الرقمي الإفريقي بإنشاء مركز إقليمي للذكاء الاصطناعي    شبكةCNBC : مايكروسوفت تفصل المهندسة المغربية ابتهال لرفضها التعاون مع إسرائيل    الجزائر تخسر دول الساحل    الذهب يرتفع وسط الحرب التجارية العالمية وهبوط الدولار    بغلاف مالي قدره مليار درهم.. إطلاق البرنامج الوطني لدعم البحث التنموي والابتكار    حادث يقتل 4 أشخاص قرب كلميمة    محاولة تهريب الحشيش تقود مغربيًا إلى السجن في سبتة    تفاصيل متابعة صاحب "فيديو الطاسة" في حالة سراح بابتدائية طنجة    الشعب المغربي يخلد ذكرى الرحلتان التاريخيتان للمغفور له محمد الخامس لطنجة وتطوان يوم 9 أبريل    شهيد يدعم تقصي "استيراد المواشي"    لطيفة رأفت تعلن عن إصابتها بفيروس في العين    موازين يبدأ الكشف عن قائمة النجوم    آيت الطالب يقارب "السيادة الصحية"    دراسة: السكري أثناء الحمل يزيد خطر إصابة الأطفال بالتوحد واضطرابات عصبية    المغرب عضوا بمكتب لجنة الديمقراطية وحقوق الإنسان للاتحاد البرلماني الدولي    الدولار يتراجع وسط تزايد مخاوف الركود    عرض ماسة زرقاء نادرة قيمتها 20 مليون دولار في أبوظبي    القناة الأولى تكشف عن موعد انطلاق الموسم الجديد من برنامج "لالة العروسة"    تقليل الألم وزيادة الفعالية.. تقنية البلورات الدوائية تبشر بعصر جديد للعلاجات طويلة الأمد    إشادة واسعة بخالد آيت الطالب خلال الأيام الإفريقية وتكريمه تقديراً لإسهاماته في القطاع الصحي (صور)    الوداد بلا هوية .. و"الوينرز" تدق ناقوس الخطر    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    الجيش الملكي في اختبار صعب أمام بيراميدز    ديربي البيضاء يُشعل الجولة 26 من البطولة الاحترافية    دراسة: أدوية الاكتئاب تزيد مخاطر الوفاة بالنوبات القلبية    بونو: أتمنى عدم مواجهة الوداد في كأس العالم للأندية    برنامج الأغذية العالمي يحذر من أن خفض التمويل الأمريكي يهدد حياة الملايين    بنك المغرب يستهدف الشباب لتعزيز الكفاءات المالية في إطار للأسبوع الدولي للثقافة المالية    "قمرة" يساند تطوير سينما قطر    ارتفاع ملحوظ في عدد الرحلات السياحية الداخلية بالصين خلال عطلة مهرجان تشينغمينغ    بين نور المعرفة وظلال الجهل    ‬كيف ‬نفكر ‬في ‬مرحلة ‬ترامب ‬؟    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ردا على يوسف زيدان .. العلمانية ليست خرافة
نشر في هسبريس يوم 26 - 02 - 2018

ردا على يوسف زيدان.. العلمانية ليست خرافة.. العلمانية فكر يتطور 1/4
صراحة لا أعرف الدكتور يوسف زيدان ولم أقرأ له شيئا ولم أشاهده قط إلا حين قام الإعلامي المصري عمرو أديب باستضافته ببرنامجه الخاص على قناة "أون تي في" ضمن فقرة "رحيق الكتب". كنت أسمع باسم الرجل باعتباره أديبا ومفكرا ولكني لم أعرف أفكاره إلا من خلال هذا البرنامج خلال الأسابيع القليلة الماضية، وأعترف بأنني بدأت في متابعته خصوصا أن تلخيصه وقراءته لأهم الكتب التي صنعها العصر البشري كانت تفيدني كثيرا في معرفة أفكار تلك الكتب ومؤلفيها وتضيف إلى رصيدي المعرفي المتواضع أفكارا جديدة، إضافة إلى كوني كنت كل مرة أشاهد فيها البرنامج أشعر برغبة عارمة في البحث عن ذلك الكتاب وغيره مما يورده الكاتب الكبير في سياق شرحه وقراءته له من الألف إلى الياء.
قبل حوالي أسبوع شاهدت آخر حلقات البرنامج إياه وكان الكتاب موضوع المناقشة لابن رشد بعنوان "فصل المقال...". قال زيدان إن ابن رشد لا يختلف كثيرا عن ابن تيمية وإن تشدد ابن تيمية مقبول باعتباره ابن بيئة سياسية موسومة بالقهر وتسلط الأجنبي وهشاشة أوضاع الدولة الإسلامية، بينما تشدد ابن رشد، نعم، تشدد بن رشد، هكذا تكلم عنه الكاتب المصري العظيم، لا تبرير له باعتباره تشددا في نصرة سلطة التشدد، بمعنى آخر فابن رشد ليس أول الفلاسفة المتنورين ولا أبرزهم ولا هو بتلك القامة الكبيرة التي جعلته المترجم الأنجع لمنطقيات الفلسفة اليونانية (والأريسطية) على وجه التحديد. فجأة، وعلى لسان يوسف زيدان، أصبح ابن رشد "رمزا من رموز الظلام" في تاريخ الفكر "الإسلامي" و"الإنساني".
لن أتوقف هنا عند نقطة "ابن رشد" و"ظلاميته" حسب النظرة الزيدانية، ولن أنتقد اعتماد يوسف زيدان على موضوعين أو ثلاثة طيلة الحلقة أورد فيهما آراء ابن رشد "المتشددة" لكي يخرج بخلاصة عامة مفادها أن الرجل أكثر ظلامية من ظلامية ابن تيمية، لن أسأل يوسف زيدان عن فحوى كل الآراء الأخرى التي وثقها في كتبه ولن أسأله عن قيامه بهدم أسس الغزالي في نقده للفلاسفة والفلسفة وهو الذي جعل "تهافت الفلاسفة" "تهافتا للتهافت". لست أعلم ما كان بوسع زيدان أن يقوله بخصوص هذا الكتاب ولكني أنتظر أن يتكلم يوما عنه (وبالمناسبة فكتاب الغزالي "تهافت الفلاسفة" واحد من المقترحين المطروحين للتصويت لكي يتناوله بالنقاش الكاتب يوسف زيدان في الحلقة القادمة وأتمنى أن يقع الاختيار على هذا الكتاب لعل زيدان يمر من مناقشة "تهافت الفلاسفة" إلى مناقشة "تهافت التهافت" ويعود لابن رشد" مرة أخرى لعله يقرأه قراءة أخرى).
لن أدخل في كل هذا النقاش ولن أدخل في تفاصيل أخرى قال فيها زيدان آراء ساذجة جدا كتلك المتعلقة بكون كل المغاربة في الأندلس كانوا يتكلمون باللغة العربية، وكأن اللغات الأمازيغية مجرد خيال علمي أو كأن الذين فتحوا أوروبا تحت راية العرب لم يكونوا أمازيغا لا يجيدون العربية لا من قريب ولا من بعيد. لن نعلق على كل هذا وسوف أركز على النقطة الأهم التي جعلتني أكتشف الكاتب يوسف زيدان أكثر فأكثر من خلال الانفتاح على آرائه بخصوص الموضوع الأهم "رأيه في العلمانية".
كان الرجل وهو يناقش موضوع كتاب ابن رشد "فصل المقال" قد قال إن العلمانية مجرد "هرتلة"، أي مجرد خرافة وكلام فارغ في عالمنا الإسلامي المعاصر. ولما عدت إلى فيديوهات وبرامج سابقة تكلم فيها عن العلمانية، وجدت أنه يرفض العلمانية والعلمانيين في العالم الإسلامي ويقول عنهم وعنها إن الأمر يتعلق ب"خرافة"، بمعنى إن رأي الرجل في العلمانية قديم والملامة عليّ أنا الذي لم أكن أعرف الرجل وإلا كنت قد كتبت هذا المقال قبل سنوات خلت... بالنهاية هناك خلل خطير وقلب رهيب لعصب المنطق يقوم به هذا المثقف المحترم.
الرجل يقول إن العلمانية خرافة في العالم الإسلامي لأنها ليست ابنة البيئة التي نشأت فيها، ويقول، وهذا هو المضحك في الأمر، إن العلمانيين في أوروبا والدول العلمانية أقلية. تخيلوا معي أن يكونوا المرضى بالزكام في "محمية فلييو" هم الأغلبية... منطق مثقوب. الرجل يقول إنه لا وجود لعلمانيين في أوروبا وإن العلمانية في أوروبا تم تجاوزها، لكي تصبح ماذا؟ "الله أعلم.. ما نوع الفكر السياسي والاجتماعي السائد في أوروبا غير العلمانية؟ الله أعلم.. السيد المفكر لم يخبرنا ما اسم هذه الفلسفة الاجتماعية والعقيدة السياسية والروح العلمية السائدة في عالم الغرب اليوم؟ المفكر الكبير لم يخبرنا أبدا.. المهم أنها شيء آخر غير "الفكر العلماني".. ربما يتعلق الأمر ب"الفكر الباذنجاني" مثلا.
يقول المفكر المصري الكبير إن العلمانية وليدة السياق الأوروبي حين كانت الكنيسة تسيطر على مقومات الحياة وترفض كل نظرية علمية أو معرفية مخالفة لتصورات الكنيسة، وإنها (الكنيسة) أحرقت وأعدمت وقتلت العشرات من المفكرين والعلماء الثوريين، ومن أجل هذا كان لا بد من الثورة على الكنيسة لأنها تقف في وجه العلم وتعدم الفكر والعقل وأسسهما في المجتمع.. في عالمنا الإسلامي لا وجود لأمر مماثل فالفكر الديني لم يقتل أحدا ولم يعدم أحدا من أجل نظرية علمية، ولهذا فإن العلمانية فكرة نشاز في عالمنا الإسلامي لأن السياق يختلف عن أوروبا وعالمنا ليس كعالمهم وتاريخنا ليس كتاريخهم...
هذا ملخص كلام الرجل ورأيه في العلمانية باعتبارها خرافة في عالمنا الإسلامي المتخلف... هذا رأي الرجل ولكم أن تصدقوا أو لا تصدقوا لأنه الرأي نفسه الذي يقول به "رجال الدين المتشددون" من مخلفات فكر بن تيمية وجمال الدين الأفغاني في نقدهم للعلمانية، فما الفرق بين المفكر الكبير الذي ينور الناس ويملك قراءة مختلفة لكل شيء ولكل فكرة ولكل شخصية على مر التاريخ وبين هؤلاء المذكورين أعلاه؟ ما الفرق حقا؟
رأي أتأسف كثيرا لصدوره من فم رجل يملك معرفة موسوعية –على ما يبدو-أتأسف لتبسيطيته الغريبة على مفكر مثله... العلمانية "وليدة لحظة حضارية" لا تتكرر ولا تنبث في بيئة غير بيئتها الأصلية، هذا ما يقول به المفكر المصري الكبير يوسف زيدان، وهذا ما يمكن وصفه بجرة قلم ب"الكلام الفارغ"، والأدلة في الأجزاء الموالية تباعا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.