دعا الدكتور طارق رمضان، أستاذ الدراسات الإسلامية المعاصرة في "كلية سانت أنتوني" بجامعة أكسفورد في المملكة المتحدة، في محاضرته بمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، الجماعات الإسلامية في العالم الإسلامي إلى تبنّي خطاب سياسي يركز على التنمية الوطنية ونبذ العنف والمضي قُدماً في استيعاب ممارسة العملية الديمقراطية بعدم الإقصاء، والإيمان بالدولة المدنية التي يعيش في كنفها جميع التيارات الفكرية والأديان وفق مبادئ العدل والمساواة وسلطة القانون. وأكّد الدكتور رمضان في محاضرته التي حملت عنوان "مستقبل الإسلام السياسي في العالم العربي"، مساء أمس الثلاثاء، "أن الجماعات الإسلامية في مصر وتونس مثلاً سرعان ما بدأت تعاني أزمات وانفجارت داخلية ورؤى مختلفة، عمّا اعتادته، خاصة بعد نجاح المتظاهرين الذين يمثلون اتجاهات فكرية وسياسية ودينية مختلفة، حيث لم يعد بإمكان الخطاب السياسي الديني التقليدي المطالبة بسلطة الدولة الدينية، وراحت هذه الجماعات تشهد الانقسام تلو الانقسام، بسبب الاصطدام بخطاب الأغلبية السياسي الذي يدعو إلى رفض الدولة الدينية ويدعو إلى الدولة المدنية والعلمانية وسيادة القانون وحقوق الإنسان. واستطرد قائلاً: "إني من هنا، من منبر "مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية" في أبوظبي أدعو جميع التيارات الإسلامية في العالم الإسلامي إلى ضرورة الانتقال من الخطابات الدينية التقليدية، التي اعتدناها في الأربعينيات من القرن الماضي، إلى خطاب يركز على التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتطوير البنى التحتية للمجتمع كالتعليم ومناهجه والخدمات الصحية وتعزيز الرفاه الاجتماعي وإعطاء المرأة حقوقها الإنسانية، مشيراً إلى أن رجب طيب أردوجان، رئيس الوزراء التركي، المعروف بفكره، كان في زياراته يرافقه على الطائرة دائماً طواقم من رجال الأعمال الأتراك، من أجل تعزيز استقرار تركيا اقتصادياً، متسائلاً: ما قيمة الشعارات والخطابات من غير استقرار ورفاه اجتماعي للجميع وتحقيق العدالة الاجتماعية؟ مشيراً في هذا الصدد إلى أن الجماعات الإسلامية اليوم لا تمتلك مشروعاً موحداً كما كانت في السابق، ولا تمتلك برنامجاً للتنمية كما هو مطلوب اليوم. وأضاف الدكتور رمضان وسط حشد يقترب من الألف من الحضور وعدد من أعضاء السلك الدبلوماسي والإعلاميين في "قاعة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان" بمركز الإمارات، قائلاً: وأنا هنا في الوقت الذي أعبّر فيه عن امتناني للدكتور جمال سند السويدي، مدير عام "مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية"، لإتاحته الفرصة لإلقاء محاضرتي بحرية، أشعر بحرية كاملة أيضاً، وأنا أفكر في دولة الإمارات العربية المتحدة، تماماً، كما أنا أفكر بالحرية ذاتها في المملكة المتحدة، وما تعلمته، هو أن الدِّين الإسلامي معنيّ بالتأمّل والتفكير والتدبّر والانفتاح وتوجيه الأسئلة والنقد بحرية، وليس الجمود والاعتداد بالرأي وعدم احترام الرأي الآخر أو إقصائه. يذكر أن الدكتور طارق رمضان يشغل وظيفة أستاذ الدراسات الإسلامية المعاصرة في "معهد الدراسات الشرقية" في "كلية سانت أنتوني" في "جامعة أكسفورد" بالمملكة المتحدة. وهو أستاذ زائر في "كلية الدراسات الإسلامية" في دولة قطر و"جامعة مونديابوليس" في المغرب، ويعمل باحثاً في "جامعة دوشيشا كيوتو" في اليابان. وحصل على درجة الدكتوراه في اللغة العربية والدراسات الإسلامية من "جامعة جنيف" في سويسرا. وتلقى تدريباً شخصياً مكثفاً في الدراسات الإسلامية الكلاسيكية في "جامعة الأزهر" بالقاهرة. وهو رئيس "مركز أبحاث شبكة المسلمين الأوروبيين" (EMN) ومقره في بروكسل. وله مؤلفات منها: "معنى تطوير فلسفة التعددية" (2010)؛ "ما أؤمن به" (2009)؛ "الإصلاح الراديكالي والأخلاق الإسلامية والتحرر" (2008).