اتّهم رشيد البلغيثي، الصحافي والناشط الجمعوي، الإدارة، ممثلة في الخزينة الإقليمية بطاطا، والبنْكَ الذي فتَح فيه الحسابَ البنكي للجمعية التي يرأسها، والمجلس الإقليمي لطاطا، بتوريطه في قضية الشيك بدون رصيد الذي اعتُقل بسببه يوم الخميس الماضي، وقضّى ساعات رهْن الحراسة النظرية. وكان البلغيثي قد اعتقلَ من بيْته في الرباط، على إثر شكاية قدّمها ضدّه مموّن الشركة التي تولّت تموين مهرجانٍ تنظمه "جمعية تامورنانت-الإنسان والبيئة" التي يرأسُها البلغيثي بمدينة طاطا، قبْلَ أن يُفرَج عنه بعد ساعات بعد تقديم المشتكي تنازلا إثر التوصُّل إلى تسوية بين الطرفيْن. وفي ندوة صحافية عقدها مساء الاثنين في مقر النقابة الوطنية للصحافة المغربية بالرباط، قدّمَ البلغيثي تسعَ وثائق قالَ إنّها تؤكّد وجودَ مؤامرة ضدّه لتوريطه في قضية الشيك بدون رصيد، من ضمنها وثيقة تُثبت وجودَ حساب بنكي باسم الجمعية التي يرأسها سُلِّمت له بتاريخ 10 غشت 2016. الوثيقة الثانية التي أدلى بها البلغيثي تتعلق بمحضر مفوَّض قضائي، أنجزَ بناءً على طلب صاحب الشركة المشتكي، بتاريخ 29 دجنبر 2016، يُبيّن اختفاء الحساب البنكي لجمعية طاطا تمورانت وعدم ظهوره في المنظومة البنكية. وبتاريخ 6 يناير 2017، تسلّم البلغيثي شهادة بنكية تُظهر عودة الحساب البنكي. وبتاريخ 31 يناير 2017، طالب البلغيثي بإنجاز معاينةِ مفوّض قضائي، أكّدَ محضرُها اختفاء الحساب البنكي من جديد من التطبيقات المبرمجة بالنظام المعلوماتي الخاص بالوكالة البنكية، ليعود إلى الظهور بتاريخ 1 فبراير 2017، حسب ما تؤكّده شهاد مُسلّمة إلى البلغيثي من الوكالة البنكية التي يوجد بها الحساب البنكي لجمعيته. اختفاءُ وعودة الحساب البنكي لجمعية طاطا تامورانت دفع عمر بنجلون، عضو هيئة الدفاع عن البلغيثي، إلى تنبيهه، منذ ذلك الوقت، إلى أنّ "مؤامرة تُحاك ضدّه لتوريطه في قضية شيك بدون رصيد"، على حدَّ قوله، معتبرا أنَّ رفْع المشتكي شكاية ضدّ المشتكى به "تنطوي على غدْر وسوء نيّة". وأكّدَ البلغيثي أنَّ حسابَ الجمعية التي يرأسها كان يحتوي على مؤونة كافية لتسديد قيمة الشيك المُسلّم إلى الشركة التي كُلفتْ بتموين المهرجان الذي نظمته جمعية طاطا تامورانت، بمبلغ 539200.00 درهم، مستندا إلى جواب الخازن الإقليمي بطاطا بتاريخ 23 فبراير 2017. ويؤكّد جواب الخازن الإقليمي أنَّ الخزينة الإقليمية بطاطا قامتْ بتحويل مبلغ مليون وخمسمائة ألف درهم إلى الحساب البنكي لجمعية طاطا تامورانت بتاريخ 17 دجنبر 2016، وتمَّ رفْضه من طرف الوكالة البنكية التي يوجد بها الحساب البنكي للجمعية بالرباط. ما جاء على لسان الخازن الإقليمي بطاطا، أكّده وزير الاقتصاد والمالية، في جواب على سؤال كتابي للنائب البرلماني عمر بَلا فريج؛ إذ أكّدَ الوزير أنَّ الخازن الإقليمي أصدر أمرا بتحويل المنحة إلى حساب الجمعية، إلا أنَّ رئيس المجلس الإقليمي (الآمر بالصرف) أعادَها إلى ميزانية المجلس، بدل إعادة تحويلها إلى حساب الجمعية، بداعي أنّ عدمَ صحّة الحساب البنكي لا يعني المجلس الإقليمي "Compte non conforme ne nous concerne pas"، حسب ما جاء في جواب وزير الاقتصاد والمالية. وكانت هيئة دفاع البلغيثي قد لجأتْ إلى المحكمة التجارية، ورفعت دعوى في شهر يونيو 2017، لإخلال البنك بالتعاقد الذي يجمعها بجمعية طاطا تامورانت، حسب عبد العزيز النويضي، عضو هيئة الدفاع عن البلغيثي، مشيرا إلى أنَّ الجمعية راسلتْ كلّا من عامل إقليم طاطا، ووزيرَ الداخلية، ووالي بنك المغرب، والخازن العام للملكة، دون أن تتلقّى أيَّ جواب. واعتبر عبد العزيز النويضي أنَّ "التلاعُب بالحساب البنكي لجمعية طاطا تامورانت أمر خطير للغاية، ويعني أنّنا وصلنا إلى مستوى غير مسبوق من انحطاط الجهات التي خططتْ لهذا التلاعب"، بينما قال عمر بنجلون إنَّ هيئة الدفاع طالبت النيابة العامة بإحالة ملف هذه القضية على التحقيق "لأنه لأول مرة أصبحنا نرى الحسابات البنكية تُقرصن، غير أنَّ النيابة العامة لم تستجبْ لهذا الملتمس". وبالرغم من أنَّ المشتكي تنازلَ عن شكايته التي أدّتْ إلى اعتقال البلغيثي، وبالتالي سقوط الدعوى المدنيّة، فإنَّ الدعوى العمومية ما زالتْ قائمة. وينصّ القانون على أنَّ المشتكى به في قضايا شيك بدون رصيد يؤدّي نسبة 25 في المئة من مبلغ الشيك، وهو ما يساوي، في حالة البلغيثي، الذي سيمثُل أمام المحكمة الابتدائية بالرباط خلال شهر مارس القادم، حوالي 12 مليون سنتيم. وفيما قالَ البلغيثي إنَّ مسؤولية توريطه في قضية الشيك بدون رصيد تتحمّلها جميع الأطراف المعنية، من الخازن الإقليمي، مرورا برئيس المجلس الإقليمي لطاطا، وصولا إلى البنك، قالَ إدريس واعلي، عضو هيئة الدفاع عن البلغيثي، "لا يهمّنا من أخطأ، هل الخزينة الإقليمية أم البنك، المهمّ هو أنَّ المؤونة المالية كانت موجودة لأداء مبلغ الشيك"، بينما قال عمر بنجلون "إنَّ الضحية في هذه القضية ليس هو المشتكي، بل البلغيثي، لأنه تعرّض لقرصنة الحساب البنكي للجمعية التي يرأسها".