مقدمة: يعلم الجميع أن ضريبة الشاشة ليست بالإجراء الجديد، إذ تم سن هذا الرسم في السبعينيات من القرن الماضي من أجل تضريب الإعلانات التي تتم على شاشات التلفزيون وشاشات السينما، وذلك بهدف تمويل صندوق خاص بتنمية السمعي البصري في المغرب. غير أنه بموجب قانون المالية لسنة 2018 تم تغيير وتتميم المواد 251/ب و254 و183/ب ليشمل مفهوم ''الإعلان على الشاشة'' مجموع الإعلانات التي يتم نشرها على كل أنواع الشاشات التناظرية (analogique) منها والرقمية (numérique). فما هي ضريبة الشاشة؟ وما الغاية من سنها؟ وعلى من تطبق؟ وما هو معدلها؟ وكيف يتم احتسابها؟ ومتى تؤدى؟ ومن المكلف بأدائها؟ وكيف يتم أداؤها؟. 1- ما هي ضريبة الشاشة؟ ضريبة الشاشة عبارة عن رسم كان عند إقراره يفرض فقط على الإعلانات التي تتم على شاشات التلفزيون وشاشات السينما. غير أن من بين المقتضيات القانونية الأساسية التي جاء بها قانون المالية رقم 68.17 لسنة 2018 (الجريدة الرسمية عدد 6633 ربيع الآخر 1439 الموافق 25 ديسمبر 2017) نجد توسيع ضريبة الشاشة هذه لتشمل كل أنواع الشاشات، بما فيها الشاشات الرقمية، مثل شاشات الهواتف وشاشات الحواسيب والمواقع الإلكترونية (من بينها المواقع الإعلامية الإلكترونية) وغيرها. 2- ما الغاية من توسيع ضريبة الشاشة؟ لقد تم توسيع ضريبة الشاشة لتشمل الشاشات الرقمية من أجل مواكبة التطور المهول الذي عرفته تكنولوجيا الإعلام والاتصالات، خاصة منها الإنترنت، في ميدان الإشهار الذي أصبح شيئا فشيئا ينتقل من التلفزيون والسينما إلى الإنترنت. 3- على من تطبق ضريبة الشاشة؟ هذه الضريبة التي كانت تطبق فقط على الإعلانات على شاشات التلفزيون والشاشات السينمائية تم توسيع نطاق تطبيقها إلى كل الشاشات، بما في ذلك الشاشات الرقمية؛ إذ نصت المادة 183/ب من قانون المالية المذكور على أنه: "يسأل على وجه التضامن عن أداء واجبات التنبر: - (...) - أصحاب إعلانات الإشهار ومستغلو قاعات العروض السينمائية أو الهيئات العامة أو الخاصة المكلفة بإدارة أو بيع الفضاءات الإشهارية على الشاشة والمواقع الإلكترونية (الإنترنت) (...)". هذا يعني إخضاع مالكي المواقع الإلكترونية الإعلامية وحتى التجارية وكل ناشري المحتوى الرقمي بشكل عام لواجب التنبر برسم عمليات الإشهار التي تتم عبر شبكة الإنترنت. غير أن الإدارة العامة للضرائب اعتبرت بعد ذلك أن واجب التنبر يطبق فقط على المداخيل والفواتير المتعلقة بالإعلان الذي يتم عبر النشر التلفزي والنشر على شبكة الإنترنت الذي يستخدم التقنيات الحديثة للاتصال techniques modernes de) (télécommunications مثل البث الحي لمقاطع الفيديو على جهاز الحاسوب (streaming) وتلفزيونات الويب (Web TV). نشير إلى أن هذا الإجراء يستتني للأسف الدعامات الإعلامية الدولية، مثل "غوغل"، ومواقع التواصل الاجتماعي، مثل "فيسبوك"، والتي تستحوذ على حصة الأسد في سوق الإعلانات الإلكترونية. 4- ما هو معدل هذه الضريبة؟ يتعلق الأمر برسم جبائي نسبته 5 في المئة، يقتطع من قيمة الإعلانات التي تعرض على أي وسيلة تستخدم الشاشات، سواء تعلق الامر بشاشات تناظرية (التلفزيون والسينما) أو رقمية (الهواتف والحواسيب والمواقع الإلكترونية وغيرها). 5- كيف يتم احتساب هذه الضريبة؟ يتم احتساب هذه الضريبة على أساس المبلغ الإجمالي للإتاوات أو الفاتورات التي تم إنجازها من قبل المستشهرين، مع العلم أن المشرع ميز في هذا الشأن بين الشاشات السينمائية من جهة والشاشات التلفزيونية والرقمية من جهة أخرى؛ إذ نصت المادة 251 من القانون نفسه المتعلقة بتصفية الواجبات على أنه: "يصفى واجب التنبر على إعلانات الإشهار على الشاشة على: 1- المبلغ الإجمالي بالنسبة للعروض السينمائية. 2- المبلغ الإجمالي للإتاوات أو الفاتورات الذي تقبضه الهيئات العامة أو الخاصة المكلفة بإدارة أو بيع الفضاءات الإشهارية عندما يبث الإعلان على شاشة التلفزيون أو على أي نوع آخر من الشاشات". 6- متى تؤدى هذه الضريبة؟ من المعلوم أن المادة 254 التي كانت سارية المفعول قبل فاتح يناير 2018 (وهو تاريخ دخول المقتضيات القانونية الجديدة حيز التنفيذ) كانت تلزم المعلنين على الشاشات (الشاشات التلفزيونية والشاشات السينمائية) القيام بتصريح شهري عن الإعلانات المبرمجة للشهر الموالي، وأداء الرسوم إلى قابض الإدارة الضريبية المختص. غير أنه بموجب المقتضيات القانونية الجديدة أصبح على المعنيين بهذه الضريبة (5 في المائة من المداخيل الإشهارية) أداؤها نهاية كل شهر إلى الإدارة العامة للضرائب، سواء تم قبل ذلك استخلاص ثمن الإعلان من المعلن أو لم يتم ذلك. 7- من المكلف بأداء هذه الضريبة؟ الجديد الذي جاء به قانون المالية لسنة 2018 في هذا المجال هو تبسيط إجراءات التصريح من خلال تعيين حسب الأحوال مخاطب وحيد (مستغلو القاعات السينمائية أو الهيئات المكلفة بتدبير أو بيع الفضاءات الإشهارية) من أجل وضع الإقرار الضريبي ودفع الرسوم المستحقة. إذ نصت المادة 254 من القانون على أنه: "يجب على مستغلي قاعات العروض السينمائية والهيئات المكلفة بتسيير أو بيع الفضاءات الإشهارية على الشاشة (...) أن يودعوا شهريا إقرارا عن إعلانات الإشهار المنجزة خلال الشهر السابق من طرف أصحاب الإعلانات، وأن يؤدوا الواجبات المستحقة إلى قابض إدارة الضرائب المختص". لكن أصحاب إعلانات الإشهار هم أنفسهم من يتكلفون بوضع الإقرار الضريبي ودفع الرسوم المستحقة عندما يتم إنجاز إعلانات الإشهار من قبل هيئات مقيمة خارج المغرب؛ إذ تنص الفقرة الثانية من المادة 154 أعلاه على أنه: "عندما يتم إنجاز إعلانات الإشهار لدى الهيئات غير المقيمة المكلفة بإدارة وبيع الفضاءات الإشهارية على الشاشة يجب إيداع الإقرارات وأداء واجبات التنبر من طرف أصحاب إعلانات الإشهار". 8- كيف يتم أداء هذه الضريبة؟ في إطار الاتجاه الذي يعرفه المغرب نحو نزع صفة المادية عن الإقرارات والأداءات الضريبية بصفة عامة، فإنه من بين المستجدات التي جاء بها التعديل الأخير نجد إلزامية أن تقدم التصاريح وتدفع الرسوم المستحقة في ما يتعلق بضريبة الشاشة بطريقة إلكترونية. خاتمة: إذا كان يبدو من الناحية الظاهرية من المنطقي تمديد ضريبة الإعلان على الشاشة من الشاشات التناظرية إلى الشاشات الرقمية، بسبب تطور تكنولوجيا الإنترنت، الذي رافقه ظهور قنوات جديدة مرتبطة بهذه التكنولوجيا لنشر الإعلانات، فإنه من المنطقي كذلك ألا يتم وأد تجربة الانتقال الرقمي الذي يعرفه المغرب، خاصة في مجال الصحافة الإلكترونية، بسن هكذا ضريبة. كما أنه بدل فرض ضريبة على المواقع الإلكترونية الوطنية، كان من الأجدى أن يتم فرض ضريبة على عمالقة الويب (غوغل / فايس بوك / أمازون / آبل) الذين يحققون أرقاما خيالية في مجال الإعلان الإلكتروني. * أستاذ جامعي خبير/ مكون في القانون الإلكتروني