يستحوذ عمالقة الأنترنيت على أزيد من 360 مليون درهم من الإيرادات الإشهارية بالفضاء الرقمي بالمغرب، ومع ذلك فإن غوغل وآبل وفيسبوك وأمازون يفلتون كل سنة من الضرائب. وتستحوذ شركتا غوغل وفيسبوك لوحدهما على أكثر من 70 في المائة من سوق الإعلانات الرقمية المغربية، أي ما بين 360 و390 مليون درهم، تاركة الفاعلين المحليين في صراع على الباقي.. إذا كان يبدو من الناحية الظاهرية من المنطقي تمديد ضريبة الإعلان على الشاشة من الشاشات التناظرية إلى الشاشات الرقمية، بسبب تطور تكنولوجيا الإنترنت، الذي رافقه ظهور قنوات جديدة مرتبطة بهذه التكنولوجيا لنشر الإعلانات، فإنه من المنطقي كذلك ألا يتم وأد تجربة الانتقال الرقمي الذي يعرفه المغرب، خاصة في مجال الصحافة الإلكترونية، بسن هكذا ضريبة. كما أنه بدل فرض ضريبة على المواقع الإلكترونية الوطنية، كان من الأجدى أن يتم فرض ضريبة على عمالقة الويب (غوغل / فايس بوك / أمازون / آبل) الذين يحققون أرقاما خيالية في مجال الإعلان الإلكتروني. يشار أن ما يسمى بضريبة الشاشة، تم سنها في سبعينيات القرن الماضي من أجل تضريب الإعلانات التي تتم على شاشات التلفزيون وشاشات السينما، وذلك بهدف تمويل صندوق خاص بتنمية السمعي البصري في المغرب. وبموجب قانون المالية لسنة 2018 تم تغيير وتتميم المواد 251/ب و254 و183/ب ليشمل مفهوم "الإعلان على الشاشة" مجموع الإعلانات التي يتم نشرها على كل أنواع الشاشات التناظرية (analogique) منها والرقمية (numérique). وضمن المقتضيات القانونية الأساسية التي جاء بها قانون المالية رقم 68.17 لسنة 2018 (الجريدة الرسمية عدد 6633 ربيع الآخر 1439 الموافق 25 ديسمبر 2017) نجد توسيع ضريبة الشاشة هذه لتشمل كل أنواع الشاشات، بما فيها الشاشات الرقمية، مثل شاشات الهواتف وشاشات الحواسيب والمواقع الإلكترونية (من بينها المواقع الإعلامية الإلكترونية) وغيرها. لقد تم توسيع ضريبة الشاشة لتشمل الشاشات الرقمية من أجل مواكبة التطور المهول الذي عرفته تكنولوجيا الإعلام والاتصالات، خاصة منها الإنترنت، في ميدان الإشهار الذي أصبح شيئا فشيئا ينتقل من التلفزيون والسينما إلى الإنترنت. هذه الضريبة التي كانت تطبق فقط على الإعلانات على شاشات التلفزيون والشاشات السينمائية تم توسيع نطاق تطبيقها إلى كل الشاشات، بما في ذلك الشاشات الرقمية؛ إذ نصت المادة 183/ب من قانون المالية المذكور على أنه: "يسأل على وجه التضامن عن أداء واجبات التنبر: *أصحاب إعلانات الإشهار ومستغلو قاعات العروض السينمائية أو الهيئات العامة أو الخاصة المكلفة بإدارة أو بيع الفضاءات الإشهارية على الشاشة والمواقع الإلكترونية (الإنترنت) .. هذا يعني إخضاع مالكي المواقع الإلكترونية الإعلامية وحتى التجارية وكل ناشري المحتوى الرقمي بشكل عام لواجب التنبر برسم عمليات الإشهار التي تتم عبر شبكة الإنترنت. غير أن الإدارة العامة للضرائب اعتبرت بعد ذلك أن واجب التنبر يطبق فقط على المداخيل والفواتير المتعلقة بالإعلان الذي يتم عبر النشر التلفزي والنشر على شبكة الإنترنت الذي يستخدم التقنيات الحديثة للاتصال techniques modernes de) (télécommunications مثل البث الحي لمقاطع الفيديو على جهاز الحاسوب (streaming) وتلفزيونات الويب (Web TV). هذا الإجراء يستتني للأسف الدعامات الإعلامية الدولية، مثل “غوغل”، ومواقع التواصل الاجتماعي، مثل “فيسبوك”، والتي تستحوذ على حصة الأسد في سوق الإعلانات الإلكترونية.