بعد مرور أزيد من سبعة عشر عاما على الاعتراف الرسمي الأوّل بالأمازيغية، كمكوّن من مكوّنات الهوية الوطنية المغربية، في الخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس في بلدة أجدير نواحي خنيفرة، ما زال الأمازيغ في المغرب ينتظرون تفعيل هذا الاعتراف الذي عزّزه دستور 2011، على أرض الواقع. في هذا الحوار، يقدم أحمد بوكوس، عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، الذي وُضع الظهير المحدث له من لدن الملك في بلدة أجدير سنة 2001، وجهة نظر المعهد حول ما تحقق للأمازيغية من مكتسبات، وعن رأيه في إدماجها في التعليم والإعلام، وموقفه من مشروعي القانونين التنظيميّين لترسيم الأمازيغية. بوكوس يرى أنَّ ما تحقق في مجال الأمازيغية يستحق التثمين؛ لكنّه يؤكد، في المقابل، أنَّ ثمّة انتظارات كثيرة وكبيرة يجب أن تتحقق، تنزيلا لمقتضيات دستور المملكة. ويرى عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية أنَّ التيار السياسي السائد حاليا، متمثلا في حزب العدالة والتنمية، يُثبط جهود النهوض بالأمازيغية، وخاصة في الولاية الحكومية السابقة. هل أنتم راضون عمّا تحقّق من مكاسبَ للأمازيغية، إلى حد الآن؟ إجمالا، يُمكن اعتبارُ أنّ ما تحقّق في مجال النهوض بالأمازيغية شيء لا بد أن نثمّنه؛ لأنّ الاعتراف بالأمازيغية سنة 2001، في الخطاب السامي لصاحب الجلالة في أجْدير، هو اعتراف الدولة المغربية بهذا المكون للهوية الوطنية. ونحنُ نثمّن هذا الاعتراف، لا سيَما أنَّ أوضاع الأمازيغية قبل ذلك كانت مُزرية، إذْ لم تكن مُدمَجة في التعليم وفي الإعلام؛ بل إنّ كثيرا منا، من الناحية النفسية، كان يشعر بأنه مَقصيٌّ في بلده. وبعد خطاب أجْدير، كان هناك شعور بالاعتزاز بالنفس وبالهوية الأمازيغية كمكوّن للهوية الوطنية، وبالتالي هذه مكاسبُ مهمّة جدّا. هل نفهم من كلامكم أنّكم راضون تماما؟ بعُجالة، الأمازيغية أدمجت في المنظومة التربوية الوطنية وفي الإعلام، وأصبح الشباب ينتج في مجالات الآداب والتعابير الفنية.. ثمَّ جاء ترسيم الأمازيغية في الدستور، وقد كنّا ننتظر أن يتحقق الكثير بعد الترسيم، خاصة في مجال تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، لكيْ يكون للاعتراف الرسمي وقْعٌ على أرض الواقع، وعلى الحياة المعيشة والثقافية للمغاربة، ونرى الأمازيغية مندمجة فعلا في السياسات العمومية.. هذا تمّ إلى حدّ ما، ولكن لم يتمّ بالشكل الذي نطالب به. ما سبب ذلك؟ هل هناك جهات تعرقل تنفيذ ورش النهوض بالأمازيغية؟ أعتقد أن التعثر الذي طال إخراج القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية والقانون التنظيمي للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية لا يمكن أن يكون تعثرا عاديا، لا سيَما أن القانونيْن التنظيميين تمّ التصريح بهما في البرنامج الحكومي لسنة 2012، وتم تصنيفُهما ضمن القوانين التنظيمية المُهيكلة، بمعنى أن لهما أهمية قصوى في الترسانة القانونية للبلاد. وقد انعكس هذا التأخّر والتأخير، وربما التماطل، على وضعية الأمازيغية بشكل سلبي. مثلا في مجال تعميم تدريس الأمازيغية، وكذلك بالنسبة إلى أوضاع الأمازيغية في الإعلام، وعلى مستوى الإبداع الثقافي والفني لدى الشباب. إذن، هناك قانون أسْمى يعترف بالأمازيغية ورسّمها، وهو الدستور، من جهة، ولكن من جهة ثانية، لم يتمّ تفعيل هذه التدابير الدستورية. ألا يعني هذا غيابَ إرادة سياسية للنهوض بالأمازيغية؟ ممَّا لا شك فيه أن الإرادة السياسية على المستوى الأعلى لهرم السلطة في البلد هي إرادة قوية، والبُرهان على ذلك هو إنشاء هذه المؤسسة التي نوجد بها الآن (المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية) وتوفير جميع الوسائل والموارد لكي تشتغل على النحو الذي تشتغل به إلى حد الساعة؛ ولكن على المستوى الحكومي هناك تماطل، وقد كان لافتا بعض التصريحات على مستوى رئاسة الحكومة السابقة التي يرى أصحابها أنَّ كل ما له صلة قانونية وتشريعية بالأمازيغية هو شيء مزعج. أستحضر هنا التصريحات التي أدلى بها رئيس الحكومة السابق، والتي خدشت شعور الأمازيغ، وكذا تصريحاته التي نعَت فيها حرف تيفيناغ بأنه مجرد خربشات وأنَّه لا يرقى إلى مكانة الحرف الآرامي أو الحرف اللاتيني... هذه كلها إشارات تدل على أن تيارا معيّنا لديه تحفظ إزاء تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وكان لديه تحفظ بشأن ترسيمها في الدستور، حيث إنَّ بعض التدخلات جعلت من الأمازيغية لغة من الدرجة الثانية. إذا استحضرنا كل هذه الوقائع سنخلُص إلى أنَّ التيار السياسي السائد في البلد حاليا، على المستوى التنفيذي والتشريعي، لديه تحفظ، ونحن نأسف لذلك كثيرا؛ لأن الدستور الذي رسّم الأمازيغية هو دستور المغرب والمغاربة جميعا. مَن تقصدون بهذا التيار المُثبط لورش تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية؟ حزبُ العدالة والتنمية؟ (يضحك) حينَ أقول التيار السياسي السائد، على المستوى التنفيذي والتشريعي، أعتقد أنَّ المقصود بكلامي واضح. حزب الاستقلال أيضا كانت لديه تحفظات؟ نعم، ولكنَّ هذا التيار السياسي حاليا غير سائد، وليس قوة لها أوراق يمكن أن يضغط بها. وعموما، فحزب الاستقلال، أيضا، كان لديه دائما، قبل مرحلة القيادة السابقة، موقف من القضية الأمازيغية؛ وهو الحركة الوطنية التي كانت تنظر بنوع من التبخيس إلى الأمازيغية. من جهة ثانية، لا شك في أن هناك تحفظات تياراتٍ أخرى إزاء الأمازيغية، كالتيار الليبرالي الذي لديه نظرة أخرى هي أن البلاد يجب أن تكون فيها اللغة الفرنسية أو الإنجليزية هما اللغتين السائدتين؛ لأنهما لغتا الاقتصاد والحداثة والاندماج في سياق العولمة. ألا تروْن أنّ ملف الأمازيغية يتجاوز الحكومة، كما قال عبد الإله بنكيران، رئيسها السابق؟ ما يظهر لنا هو أنّ هناك نوعا من الاختباء وراء ما يُسمّى حكومة الظل، أو جهات "التحكّم"، أو شيء من هذا القبيل. نعتقد أنّ هذه التبريرات لا أساس لها من الصحة. الحكومة تشتغل حسب ضوابط اللعبة السياسية في البلد، ولديها مجال للتصرف وحرية المبادرة، ولممارسة مسؤولياتها على مستوى تدبير الشأن الوطني. ما تقييمكم لعملية إدماج الأمازيغية في المنظومة الوطنية للتربية؟ مبادرة إدماج الأمازيغية في المنظومة التربوية سنة 2003 كانت مبادرة تاريخية، إذ لأوّل مرة تدخُل الأمازيغية إلى المدرسة ويتعلمها المتمدرسون. وزارة التربية الوطنية انخرطت آنذاك، كما انخرط المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وكان هناك حماس كبير لإنجاح هذا المشروع. كنا نعمل بوتيرة مكثفة مع فرق الوزارة لإعداد منهاج تدريس الأمازيغية والحوامل البيداغوجية وإرساء رؤية مستقبلية لإدماج فعلي للأمازيغية. انطلق تدريس الأمازيغية بأقل من 20 أستاذا ومفتشا. ومع ذلك، تمكنَّا، بفضل انخراط الوزارة والمعهد، وفي إطار التكوين المستمر المنظم بشراكة مع الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، من رفع عدد الأساتذة إلى 5000 أستاذ متخصص في تدريس الأمازيغية، وعشرات من المفتشين، ووصلنا إلى أكثر من 500 ألف متمدرس يتعلمون الأمازيغية؛ ولكن ابتداء من سنة 2007، بدأت وزارة التربية الوطنية تنظر إلى مشروع إدماج الأمازيغية في المنظومة التربوية بنظرة أخرى، أدّت إلى حصول تراجعات على مستوى عدد التلاميذ والأساتذة والمفتشين، الشيء الذي عرقلَ بشكل واضح عملية تعميم تدريس الأمازيغية على مستوى التراب الوطني. ألم تحاولوا التدخل لإعادة قطار سكة تعميم تدريس الأمازيغية إلى سكته؟ المعهد اشتغل على ثلاث واجهات أساسية: الواجهة المؤسساتية، حيث وجَّهنا مذكرات إلى السلطات المعنية بهذا الملف، لإثارة الانتباه إلى الأوضاع المتدنية للأمازيغية في المدرسة المغربية، كما وجهنا مذكرات إلى رئاسة الحكومة، وإلى الوزير الأوّل سابقا، وإلى وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي، والمجلس الأعلى للتربية والتكوين، وهذا ما يسمح لنا به الظهير المُحدث للمعهد. هناك عراقيل في العمل المشترك بين المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية مع وزارة التربية الوطنية ومع المديريات المركزية للوزارة، حيث قامت هذه الأخيرة بتجميد عمل اللجنة المشتركة مع المعهد؛ وهو ما حتّم علينا الاشتغال بشكل مباشر مع زملائنا من مديري الأكاديميات والمديرين الإقليميّين والأساتذة والمفتشين. هذه العملية أعطت بعض الثمار، ولكنْ تبيَّن لنا أنه بدون انخراط الوزارة على المستوى المركزي لا يمكن أن نصل إلى النتائج المنشودة. بمعنى أنكم تحمّلون مسؤولية تعثر إدماج الأمازيغية في المنظومة التربوية لوزارة التربية الوطنية؟ أعتقد أنَّ القسْط الأوفر من المسؤولية تتحمله الوزارة. القسط الآخر الذي يتحمله المعهد هو أنّ عليه أن يشتغل في مجال البحث العلمي الأكاديمي، من خلال القيام بدراسات ميدانية لنرى ما هو حاصل على أرض الواقع. وقد قمنا بمحاولات، مع بعض الأكاديميات كأكاديمية سوس ماسة، ومكناس تافيلات، وسطات ورديغة، ودرعة تافيلات. أما وزارة التربية الوطنية ففي عهد الوزير أحمد اخشيشن، قيل لنا إنها ستقوم بدراسة تشخيصية لوضع تدريس الأمازيغية، ونحن صفّقنا لهذا وقد نسّقنا مع اللجنة التي أحدثت للإشراف على هذه العملية. كان ذلك في سنة 2007، والنتيجة أنه إلى حدّ الساعة لم ترَ هذه الدراسة النور. ألم تحاولوا القيام بدراسات تشخيصيّة خاصة يُنجزها المعهد؟ بلى، قُمنا ببعض الدراسات. الدراسة الأولى قمنا بها في إطار التعاون مع الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لسوس ماسة درعة (قبل التقسيم الجهوي الجديد)، وكان موضوعها هو درجة التمكّن من القراءة والكتابة في الدرس اللغوي الأمازيغي، واشتغلنا مع عيّنة مهمة من أساتذة اللغة الأمازيغية والمفتشين. هذه الدراسة صدرت ضمن منشورات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وفحوى نتائجها أنّ التلاميذ لا تواجههم أية عراقيل في ما يتعلق بتملّك اللغة الأمازيغية، وأنَّ هناك إقبالا عليها، عكس ما يُشاع من أنّ أولياء التلاميذ يرفضون أن يَدْرُس أبناؤهم الأمازيغية، وأنَّ بعض التلاميذ يواجهون صعوبات كبيرة، وخاصة الناطقين بالعربية.. نتائج الدراسة التي أنجزناها بيّنت العكسَ تماما. كما قمنا بدراسة أخرى تتعلق بحرف تيفيناغ، حيث كان يُقال إنّ تدريس اللغة الأمازيغية، وهي جديدة على المدرسة، بحرف جديد، سيصعّب مأمورية التلاميذ في تعلّمها، ومأمورية الأستاذ، ولكنَّ الدراسة أثبتت، مرة أخرى، أنَّ التلاميذ لا يواجهون أيَّ مشكل في تعلّم الأمازيغية بحرف تيفيناغ؛ بل أكثر من ذلك بيّنتْ أنَّ التلاميذ الناطقين بالعربية هم الذين يحققون أفضل النتائج. كما اشتغلنا مع المجلس الأعلى للتربية والتكوين، الذي كان يرأسه الراحل عبد العزيز مزيان بلفقيه. المجلس كان يرى أنّه لا بد من توفير رؤية إستراتيجية شمولية للتعليم في المغرب، وتم تقسيم الرؤية إلى بعض المجالات، ونحن انخرطنا في العملية، واشتغلنا مع إدارة المجلس لمدة سنة. وقد ساد لدينا اعتقاد بأن المجلس لديه نية في تذليل العراقيل التي تعوق تعميم تدريس الأمازيغية. ما رأيكم في ما أفرده المجلس الأعلى للتربية والتكوين للأمازيغية في رؤيته الإستراتيجية 2015-2030؟ أشير بدْءا إلى أنّ المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ممثل في المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي... وعميد المعهد هو عضو في لجنة البرامج والمناهج بالمجلس، وهي لجنة استراتيجية، هي التي قامت بصياغة الهندسة البيداغوجية التي تضمنتها الرؤية الاستراتيجية 2015-2030. عموما، يمكن القول إنّ إدراج المجلس الأعلى للتربية والتكوين للأمازيغية في هذه الهندسة شيء إيجابي، كوْنُ الرؤية تقول بإلزامية تدريس اللغة الأمازيغية على مستوى التعليم الابتدائي، وهذا شيء إيجابي كذلك؛ ولكنَّ المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية كان يطلب أكثر، وكان يدافع على مقاربة أشمل. مثلا، المعهد يقول إنه لا بد أن يكون للأمازيغية حضور على مستوى التعليم الأولي (ما قبل المدرسي)، وهذا المطلب لم تتضمنه الرؤية الإستراتيجية بصريح العبارة. أيضا المعهد كان ينظر إلى موقع الأمازيغية في المنظومة التربوية بشكل شمولي، أي أنْ تكون حاضرة منذ التعليم ما قبل المدرسي إلى التعليم العالي. بتدرّج، نعم، ولكن في الوثائق الرسمية يجب التنصيص على هذا الأمر، ولكنّ هذا لم يتمّْ، مع كامل الأسف، حيث تمّ إقصاء الأمازيغية من الرؤية الإستراتيجية على مستوى الثانوي الإعدادي والثانوي التأهيلي كذلك. لدينا أيضا تحفظ بخصوص موقع الأمازيغية لغةً ودراساتٍ فنيةً وثقافية على مستوى التعليم العالي. في الرؤية الإستراتيجية هناك كلام حول تلقين الأمازيغية كأداة للتواصل، والتواصل الشفهي، وهذا الأمر غير مُرض بالنسبة إلينا، لأنه لا توجد لغة رسمية يتم تدريسها فقط لأغراض تواصلية شفهية. أنتم ممثلون في المجلس الأعلى للتربية والتكوين، ألم يكن بإمكانكم الضغط لفرض لائحة مطالبكم؟ سأقول لك كيف يشتغل المجلس. هناك لجان، لجنة البرامج والمناهج التي نحن ممثلون فيها وتضمُّ 12 عضوا، ينتمون إلى مختلف التيارات، بمن فيهم ذلك التيار السائد والقوي (يقصد حزب العدالة والتنمية)، الذي لديه تحفظات على الأمازيغية. نحن ندافع عن الأمازيغية، ولكن هناك كتلة ترى الأشياء بمنظور آخر، ثم إنّ الجمع العام للمجلس تشارك فيه تيارات مختلفة، من نقابات وإداريين وباحثين.. وهذه التشكيلة غير المتجانسة لكل تيار منها توجه معيّن، ولكنَّ هذا لا يعني أننا وحدنا من يدافع عن الأمازيغية في المجلس. هناك أصوات من طرف أناس ذوي خبرة، ولديهم نظرة مستقبلية وديمقراطية وتقدمية بالنسبة إلى المسألة اللغوية والثقافية في علاقتها بالمدرسة والتعليم، يناصرون الأمازيغية، التي عليها توافق، ولكنَّ دائرة الأشخاص المتبنين لمطالبنا ضيقة إلى حد ما، لذلك خرجت الرؤية الإستراتيجية بالشكل الذي هي عليه. في ظلّ هذا الوضع، ألا تعتقدون أنَّ تأثير التيار المحافظ الذي تحدثتم سينعكس سلبا على القانونين التنظيميين لترسيم الأمازيغية؟ لا بد من أن نميِّز بين ممارسة الحكومة الأولى وبين ممارسة الحكومة الحالية. هناك فرق بينهما. مثلا بالنسبة إلى رئاسة الحكومة الحالية، وُجّهت إلى المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في الخمسة عشر يوما الأولى من تعيينها، وتم استقبال مدير المعهد من لدن رئيس الحكومة، حيث جرى التداول في القضايا المتعلقة بالتعليم والإعلام بالدرجة الأولى. في جلسة العمل تلك قبِل السيد رئيس الحكومة بأن تُدرَّس الأمازيغية على مستوى المدارس العليا، وعددُها ست مدارس، والتي تكوِّن أطرَ البلاد. وفي الأسبوع الموالي، صدرت تعليمات من رئاسة الحكومة، لبدْء تفعيل هذا المشروع، وبعد ذلك بأسبوع بدأ المعهد يتوصل بطلبات من مديريات هذه المعاهد، وجلسنا مع مديريها واتفقنا على برنامج ومنهاج تدريس الأمازيغية، ونظمنا دورات تكوينية لفائدة الباحثين المنتمين إلى المعهد الذين سيتولّون هذه المهمة. هل طرحتم عدم رضاكم عن مشروعي القانونين التنظيميّين أمام رئيس الحكومة؟ نعم، وكان جوابُ رئيس الحكومة هو أنّه مستعد لتلقي جميع الملاحظات والمقترحات والتعديلات التي يرى المعهد ضرورة إدخالها على مشروعيْ القانونين التنظيميّين. وقد وجهَّنا مذكرة أخرى أكثر دقة في هذا الموضوع إلى من يعنيهم الأمر. في حال لو لم تستجب الحكومة لمطالبكم.. ماذا أنتم فاعلون؟ الوسيلة التي بأيدينا هي مُكاتبة السلطة التي ترعى هذه المؤسسة (يقصد الملك)، وهذا الحق تخوّله لنا المادة الثانية من الظهير المحدث للمؤسسة، وهو تقديم الرأي، وكل ما من شأنه أن ييسّر عملية النهوض بالأمازيغية. منتقدوكم يقولون إنَّ معهدكم لا يملك اختصاصات للدفاع عن الأمازيغية.. ما ردّكم؟ نرحِّب بجميع الآراء والانتقادات، إلا أنه يجب أن نفهم كيف تشتغل المؤسسات. آليات اشتغال المؤسسات تختلف كليا عن آليات اشتغال الجمعيات الثقافية وجمعيات المجتمع المدني، واشتغال المؤسسة يخضع لضوابط ونصوص كما يخضع لمساطر، ولا بد أن تنضبط لها المؤسسة.