دون شك فالمتتبع للشأن الدولي والإقليمي يرى الاهتمام المتزايد على منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا (دول مينا) ، وكيف أن متزعمة المد الليبرالي الولاياتالمتحدة وحلفائها تحاول إعادة رسم خريطة هذه المنطقة وفق مصالحها الاستراتيجية والحفاظ على استغلال خيرات المنطقة خاصة مصدر الطاقة وفي نفس الوقت فتح الأسواق أمام استثمارات الرأسمالية ، من تم جاء الترويج لاتفاقات الشراكة والتبادل الحر ومحاولة إحداث منطقة موسعة للتبادل الحر، أورو متوسطية، قائمة على أساس إزالة الحواجز الجمركية، والتي بدون شك ستخلف آثارا اقتصادية ومالية مهمة من جراء تحرير الحدود وتدفق الواردات وبالتالي منافسة المنتوج الأجنبي للمنتوجات المحلية، ودون شك سيتسبب تحرير الحدود وتفكيك الرسوم الجمركية، في تراجع مداخيل الدولة، ومن تمت كانت الضرورة في محاولة إيجاد سبل ناجعة لتغطية العجز المالي الذي ستعرفه الموازنة العامة للدولة، وفي نفس الوقت وبشكل متواز اتخاذ إجراءات عملية تساهم في إعادة تحديت المؤسسات الاقتصادية، والنهوض بالاستثمارات وتقوية القطاع الخاص. وفي ما يلي سنتناول تشخيصا للآثار الاقتصادية والجبائية للتبادل الحر، ثم سنحاول التطرق للإكراهات المفروضة على اقتصاديات البلدان النامية ،المغرب نموذجا، في ظل هذه الوضعية ، والإجراءات المتخذة في هذا المجال لرفع هذا التحدي، الذي تفرضه الظرفية. الآثار الاقتصادية والجبائية للتبادل الحر و تأثيرهذا الأخير على البنية الإنتاجية إن المنافسة المفروضة على المنتوجات والخدمات في دول الجنوب بما فيها القطاعات التصديرية الرئيسية تعرف وضعا سيئا يترجم بضياع الأسواق الأساسية وبتزايد الواردات وتزايد العجز التجاري، وانخفاض فرص الشغل، وتباطئ التنمية الاقتصادية، كما أن التفكيك الجمركي سيكلف التجارة الخارجية لهذه الدول خسائر جبائية مهمة، ودون شك ستكون له تأثيرات سلبية على مختلف القطاعات الإنتاجية. تأثير التفكيك الجمركي على البنية الإنتاجية لقد شكل الانفتاح اختيارا استراتيجيا لمختلف الدول النامية والمغرب بدوره لا يشكل استثناء، حيث ترجم هذا الاختيار بانضمامه "لمنظمة التجارة العالمية" منذ سنة 1994. وبتوقيعه اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي منذ سنة 1996، إضافة إلى إبرام اتفاقات للتبادل الحر مع دول أخرى كالولاياتالمتحدةالأمريكية وكان ذلك في مارس سنة 2001، حيث وصل عدد اتفاقات الشراكة والتبادل الحر51 اتفاقا مع مختلف دول العالم ، وهكذا التزم المغرب بالخضوع لمقتضيات "الجات" و"المنظمة العالمية للتجارة"، وتحرير حدوده في وجه مبادلات الدول الأطراف في الاتفاقيات التي وقعها. وتهم هذه الاتفاقيات كل من المنتوجات الصناعية والفلاحية وتجارة الخدمات وحماية الملكية الفكرية، وسنحاول رصد تأثير إلغاء التعرفة الجمركية على كل قطاع على حدى . 1: تأثير التبادل الحر على القطاع الفلاحي يعتبر القطاع الفلاحي أهم القطاعات والأكثر حساسية في مفاوضات المغرب وشركائه، سواء الاتحاد الأوروبي، أو الولاياتالمتحدةالأمريكية، وتدعو اتفاقات الشراكة بين المغرب وهذه الدول، إلى تحرير المبادلات الفلاحية، وذلك بشكل تدريجي إلى أن يتم تحريرها بشكل كامل في إطار إنشاء منطقة للتبادل الحر موسعة . لكن يبقى التساؤل حول مدى قابلية و استعداد الدول النامية كالمغرب للدخول في هذا النوع من الاندماج والتكامل الاقتصادي. مدى قابلية القطاع الفلاحي للمنافسة : إن الاتفاقات الموقعة بين المغرب وشركائه المتوسطين والخاصة بتحرير المبادلات، قد نصت على التخفيض التدريجي للتعرفة الخاصة بالمنتوجات الفلاحية وذلك بنسبة 2.5% في كل سنة إلى غاية تحريرها بشكل كامل في افق سنة 2020 . إن انعكاسات هذا التحرير على التنمية في القطاع الفلاحي، تكون سلبية في مجملها نظرا للضغوط التي يتعرض لها من طرف الإجراءات الوقائية للدول المستوردة، وكذا الدعم الذي تستفيد منه المنتوجات الفلاحية في أغلب الدول المتقدمة، ومن جهته فقد عمل المغرب في مفاوضاته على إلغاء الحواجز التي تواجه الصادرات الفلاحية المغربية. وإلى جانب هذه الحواجز نجد مجموعة من الصعوبات، تنضاف إلى مجموعة الحواجز الداخلية، والتي تشكل عائقا بالنسبة لتنافسية القطاع الفلاحي، ومنها صغر حجم الأراضي الفلاحية المستغلة، حيث نجد أن نسبة 75% منها تشكل قطع لا تتجاوز مساحتها ست 6 هكتارات، بينما نجد نسبة أكثر من 87% من الأراضي الفلاحية الأوروبية تتكون من مساحات تفوق خمسة وعشرون 25 هكتارا، إلى جانب هذا نجد أن الفلاحة المغربية جد ضعيفة التأطير ولا تستعمل التقنيات الحديثة للزراعة، فأغلب الأراضي تعيش تحت رحمة الجفاف، ويعيش أصحابها تحت رحمة القروض. وفي غالب الأحيان تكون أغلب المنتوجات ضعيفة المردودية، وكمثال على ذلك نجد أن مردودية الحبوب تصل إلى اثنا عشر 12 قنطارا للهكتار الواحد مقابل ثمانية وخمسون 58 قنطارا للهكتار الواحد في أوروبا، فقط مردودية الطماطم التي تفوق المنتوج الأوروبي وذلك بنسبة 52% تقريبا. وهذا ناهيك عن الإعانات والمساعدات التي تتمتع بها القطاعات الفلاحية الكبرى بالاتحاد الأوروبي وبذلك تشكل حافزا لهذا القطاع وامتيازا يعتبر بالنسبة للمغرب بعيد المنال. ولذلك تبقى المردودية الفلاحية المغربية دون مستوى تحدي الفلاحة الأوروبية، وبالتالي المنافسة صعبة المنال، ويصبح بذلك إلغاء التعرفة الجمركية وتحرير مبادلات المنتوجات الفلاحية تضحية وانتحارا، بقطاع فتي وهش البنية. ولمواجهة هذا التحدي وضع المغرب برنامجا لتوجيه الاستثمارات الفلاحية وتشجيعها في إطار ما يسمى بمشروع المغرب الأخضر. برنامج توجيه الاستثمارات الفلاحية لقد ثم وضع مجموعة من الأهداف الاستراتيجية لتوجيه السياسة الفلاحية ويمكن تلخيصها في: محاولة تحقيق الأمن الغدائي والاكتفاء الذاتي في بعض المنتوجات صب الاهتمام على الزيادة في حجم الصادرات داخل إطار برنامج تحرير المبادلات. محاولة ترشيد والحفاظ على الموارد الطبيعية. أما في ما يخص تشجيع الاستثمارات الفلاحية، نجد مجموعة من المساعدات والامتيازات التي تم تقديمها للفلاحين، مثل منحة الاستثمار، مساعدات التجهيز والتي تصل إلى تغطية مصاريف التجهيزات بنسبة 90% وبعض المشاريع تصل إلى نسبة 100% . كما أعطيت الأولوية لتنمية القطاع الفلاحي للاستثمار الأجنبي، وذلك عن طريق تشجيع المستثمر الأجنبي ومنحه حق استغلال الأراضي الفلاحية مدة 99 سنة في حالة التأجير المشروط. وإلى جانب مدة استغلال الأراضي الفلاحية، نجد امتيازات أخرى يمكن للمستثمر الأجنبي الاستفادة منها كمثل : الموارد البشرية المؤهلة والمتوفرة. يد عاملة رخيصة. إمكانيات متاحة لتطوير التقنية الفلاحية. وهذه الوسائل مجتمعة يمكن اعتبارها تدابير آنية، لتجاوز آثار التبادل الحر و تحرير المبادلات الفلاحية وإذا كان هذا هو وضع القطاع الفلاحي، نتساءل عن الوضع بالنسبة لقطاعات اخرى كالقطاع الصناعي في إطار التبادل الحر. 2: القطاع الصناعي والتبادل الحر إن رصد انعكاسات التبادل الحر على القطاع الصناعي، تختلف بين مكونات هذا القطاع، فهناك جهات داخل القطاع، تعلن اقتناعها بالتبادل الحر وأنه نقطة ايجابية لها وأنه سيفتح المجال لتطوير تواجدها في الأسواق الخارجية خاصة داخل السوق الأوروبية والسوق الأمريكية، الشيء الذي سيعطيها نفسا جديدا من حيث التصدير والاستثمار، وهناك جهات أخرى قطاعية تجزم بأن اتفاقات التبادل الحر ستلحق أضرارا بهذا القطاع . وسنحاول في هذا الصدد التركيز على أهم القطاعات الصناعية في المغرب، ومدى تأثير التبادل الحر و إلغاء الحواجز الجمركية على مردوديتها. صناعة النسيج إن المغرب، بمجرد بداية العمل باتفاقية "منظمة التجارة العالمية"، قام بإخضاع قطاع النسيج لقوانين "الجات"، والتي بمقتضاها تم تحرير واردات النسيج عبر مراحل، حيث وصلت نسبة الواردات المحررة خلال الفترة الأولى إلى نسبة 15%، بينما وصلت النسبة في الفترة الثانية إلى 18% ، أما المرحلة الثالثة فقد وصلت نسبتها إلى 20%، والتحرير النهائي لواردات النسيج والملابس الجاهزة كان من المتوقع ألا يتجاوز سنة 2015 . لكن نظرا لعدة اكراهات بنيوية والأزمة المالية التي عصفت ومازالت تعصف بدول أوروبا فالتحرير النهائي مازال عاثرا، ومن المتوقع الدخول في مفاوضات جديدة تعيد أسس بناء منطقة تبادل حر، وحول امكانية التحرير النهائي للمبادلات الصناعية. وبذلك فالإلغاء الكامل للحواجز الجمركية خاصة في قطاع النسيج سيعرض لا محالة الإنتاج المغربي لمنافسة قوية، سواء داخل السوق المغربية أو بالنسبة لصادرات المغرب من هذه المادة في الأسواق الأوروبية، من طرف منتوجات دول آسيا والصين. وفعلا هذا ما يمكن تسجيله بمجرد زيارة أحد الأسواق المغربية، وكيف أن المنتوجات الصينية قد غزت هذه الأسواق وبأثمان منخفضة رغم غياب علامات الجودة على هذه المنتوجات. صناعة السيارات يعتبر هذا القطاع من بين القطاعات المهمة داخل النسيج الصناعي المغربي وإخضاعه لنظام إلغاء الحواجز الجمركية، سيعرضه لانعكاسات سلبية جد مهمة. فعلا لقد التزم المغرب في إطار اتفاق الشراكة الأورو – مغربي الذي وقعه المغرب مع الاتحاد الأوروبي، بفتح أسواقه بشكل تدريجي في وجه الصناعات الأوروبية، وذلك عن طريق الإلغاء التدريجي للحقوق الجمركية والرسوم وقد كان ذلك في الفترة ما بين سنة 2000 و 2010. إن البرنامج العام لاستيراد السيارات قد تم نقله من اللائحة "ب" إلى اللائحة "أ" بمقتضى اتفاقات الشراكة هذا، أما بالنسبة لأجزاء السيارات المستوردة والتي يتم تركيبها في المغرب فقد تمت إزالة الرسوم الجمركية الخاصة بها منذ سنة 1996 سنة التوقيع ، أما بالنسبة للسيارات المستعملة والتي يتجاوز عمرها خمس 5 سنوات فقد تم منع تعشيرها داخل التراب الوطني، وذلك تشجيعا لاستهلاك السيارات المصنعة محليا. إذن بعد أن كانت السيارات الجديدة المستوردة تخضع لرسوم جمركية مرتفعة، أصبح قطاع السيارات معرضا للمنافسة العالمية، الشيء الذي يهدد الإنتاج المحلي، هذا الإنتاج الذي يظل ضعيفا وهشا وتعترضه صعوبات في تغطية الطلبات المحلية رغم محاولة الحكومة المغربية تجاوز هذا الخلل، وذلك بإنشاء عدة وحدات صناعية ، كمثل الوحدة الصناعية التي تم انشائها بشراكة مع شركة "رونو-نسان" ، هذا المصنع للسيارات بمنطقة طنجة الذي ثم افتتاحه من طرف عاهل المغرب في سنة 2012 ، رغم ذلك فالمستهلك المغربي مازال وسيظل أمام اختيارات محدودة وفي الغالب تكون ناقصة الجودة فالمنتوج المحلي وقطع الغيار تبقى جودتها من الدرجة الثانية والثالثة مقارنة مع منتوجات السوق الأوروبية والسوق الأمريكية. ولذلك فدخول هذا القطاع عالم المنافسة الدولية يتطلب من الحكومات المغربية المتعاقبة بدل المزيد من الجهود، من أجل جعل هذا القطاع في مستوى التحدي، واتخاذ إجراءات من شأنها تكييف هذا القطاع مع الواقع الجديد للمناخ العالمي للاستثمارات. الصناعات الصيدلية يعتبر هذا القطاع كذلك من القطاعات المهمة داخل النسيج الصناعي المغربي، وهو بدوره سيتعرض لانعكاسات سلبية مهمة، بإخضاعه لنظام إلغاء الحواجز الجمركية. إن المغرب بالتزامه بتحرير المبادلات الصيدلية يجعل المختبرات المغربية، والتي يصل عددها إلى 30 مختبرا تقريبا، وتشغل أزيد من ثمانية الاف 8000 عاملا، في مواجهة تحديات كبيرة . فإنقاد مستقبل هذا القطاع الإنتاجي يبقى متوقفا على مدى جدية الإصلاحات السوسيو اقتصادية في المجال الصحي وكذا توفير تأمين صحي شامل يتيح لكل المواطنين الحصول على الأدوية، وإعادة النظر في التأمين الاجباري عن المرض (A.M.O)، وبدل أن يبقى ¾ ثلاث أرباع سكان المغرب غير قادرين على شراء الأدوية، يصبح العلاج والدواء حق لكل مغربي، وبالتالي يرتفع الاستهلاك الداخلي، وهذا ما ذهبت إليه الحكومة المغربية التي تزعمها حزب الاستقلال ونهجت نهجها الحكومة الموالية، بزعامة حزب العدالة والتنمية المغربي ، حيث جعلت من نظام المساعدة الطبية لدوي الدخل المحدود(RAMED) نظام لكل المغاربة، وقد تم تعميمه على سائر مناطق وجهات المملكة بعد أن اقتصرت تجربته على جهة بني ملال - خنيفرة. وبذلك وإلى حد ما، كيف سيمكن مواجهة المنافسة في هذا القطاع خاصة في مواجهة الشركات المتعددة الجنسية العملاقة العاملة في هذا الميدان، والتي ستقتحم المجال الصيدلي المغربي بعد الاندماج الكامل لهذا القطاع في التبادل الحر بين المغرب وباقي الشركاء الاقتصاديين خاصة الاتحاد الأوروبي، والولاياتالمتحدةالأمريكية. قطاع الخدمات والتبادل الحر إن تحرير تجارة الخدمات، يعتبر من بين أهم القطاعات التي احتلت حيزا هاما في المفاوضات جنوب- شمال، وذلك تخوفا من كون هذا التحرر والانفتاح سيصب غالبا لصالح وفي مصلحة الدول المتقدمة علميا وتكنولوجيا (دول الشمال)، بينما سيحمل تبيعات ذات انعكاسات سلبية على الدول السائرة في طريق النمو والتي تعتبر متأخرة شيئا ما في مجال التكنولوجيات الحديثة (دول الجنوب). وينقسم قطاع الخدمات حسب مقتضيات "المنظمة العالمية للتجارة"، إلى أربعة أصناف: أ-توريد الخدمات من دولة إلى أخرى، من قبيل المكالمات الهاتفية الدولية الحوالات والبعثات الدولية...). ب-استعمال خدمة من طرف مستهلك أجنبي أو مؤسسة أجنبية مثل حالة السياح (استعمال بطاقة دولية للأداء الالكتروني) والتي تسمى الاستهلاك بالخارج. ج-إنشاء فروع من طرف مؤسسة أجنبية من أجل توريد خدمات في دولة أخرى (مثال فروع الأبناك العالمية). د-انتقال الخواص من أجل تقديم خدمات داخل دولة أخرى غير دولتهم (مستشاري المؤسسات والهيئات الرسمية وغير الرسمية). إذن إيجابية تحرير تجارة الخدمات تبقى محصورة في بإمكانية الولوج إلى مجموعة من الخدمات بأسعار أقل وتكلفة أقل من التكلفة المحلية، كما أن استيراد الخدمات ذات التقنيات العالية من المفروض أن تكون مرافقة بإجراءات ايجابية وموازية، مثل تحويل التكنولوجيا وتكوين اليد العاملة المؤهلة في الميدان . وقد قام المغرب بمجموعة من الالتزامات فيما يخص قطاع الخدمات كان أهمها: ففي قطاع الاتصالات قام المغرب بتوقيع اتفاقية خاصة بالاتصالات منذ سنة 2009، كما قام بوضع مجموعة من الإصلاحات الملازمة لتحرير هذا القطاع، حيث قام بوضع مجموعة من القوانين تنظم هذا المجال، كما تم إنشاء الوكالة الوطنية لتنظيم الاتصالات A.N.R.I ، وقام بخوصصة اتصالات المغرب وفتح المجال لشركات أخرى للاستثمار في هذا المجال كمثل MEDITEL، INWI... وغيرها من الشركات. قطاع الخدمات المالية قام المغرب بوضع قانون خاص بتحرير القطاع البنكي وقطاع التأمين، كما عمل خلال مفاوضات "المنظمة العالمية للتجارة" على محاولة الحصول على امتيازات أكثر في مجال تحرير هذا القطاع، ومحاولة تحقيق التوازن في ما يخص الحقوق والالتزامات المترتبة عنها في هذا المجال ومحاولة تجنب الانعكاسات السلبية لهذا الانفتاح. حماية الملكية الفكرية في هذا الإطار لقد منح اتفاق الشراكة بين المغرب وشركائه، خاصة الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدةالأمريكية ، مهلة عقب المفاوضات المتوالية من أجل تحديث الإطار القانوني والمؤسساتي الخاص بحماية الملكية الفكرية. وقد تم بالفعل المصادقة على قانون خاص بالملكية الصناعية، كما تم إنشاء المكتب الوطني لحماية الصناعة والتجارة (O.P.I.C) ، والذي عوض المكتب الوطني للملكية الصناعية (O.M.P.I). ويمكن القول أن الخلاف القائم حول هذه الملكية يتمثل في كون الدول الصناعية تبحث عن إعطاء صبغة العالمية لحماية حقوق الملكية الفكرية، بينما نجد أن الدول النامية تعارض ذلك، وترتكز في تبريراتها، في كون تدويل حقوق الحماية الفكرية سيؤدي إلى تكثيف الحواجز في اتجاه أسواق الدول المخترعة، إضافة إلى تحميل المستهلك داخل الدول المستوردة مصاريف الاختراع عن طريق رفع أسعار المنتوج المخترع، وبالتالي فإن تحسن مستوى المعيشة سينحصر داخل الدول الأصلية للاختراع. إذن فتحويل التكنولوجيا عن طريق التصدير ودون حماية للملكية الفكرية سيؤدي إلى المنافسة عن طريق التقليد، وبالتالي سينجم عن ذلك انخفاضا للأجور في الدول الصناعية وفي المقابل سيتم رفعها لامحالة في الدول النامية. إن الانعكاسات السلبية لتحرير المبادلات في إطار اتفاقات الشراكة والتبادل الحر عرفت مجموعة من النقاشات، أفرزت بموجبها مجموعة من السيناريوهات المتوقعة في ظل الوضعية، غايتها تجاوز الأزمة ورفع التحدي . . . . (يتتبع) *دكتور في الحقوق باحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري. المراجع: الخصاصي عادل :"مشروع منطقة التبادل الحربين المغرب والاتحاد الأوروبي" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، أكدال- الرباط، جامعة محمد الخامس، الموسم الجامعي 1997/ 1998 العراش عبد العزيز : "النظام الجمركي ومسألة التنمية الاقتصادية بالمغرب". أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الدارالبيضاء، جامعة الحسن الثاني، الموسم الجامعي 1999/2000 الناصري عبد اللطيف: "الأبعاد الجبائية والاقتصادية للنظام الجمركي المغربي" ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، أكدال- الرباط، جامعة محمد الخامس، الموسم الجامعي 2005 / 2006 الزهراوي المصطفى : "الاندماج المغربي في نظام المنظمة العالمية للتجارة دراسة للجوانب الاقتصادية والإجرائية"، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، اكدال- الرباط، جامعة محمد الخامس، الموسم الجامعي: 2005 / 2006. الحمداني فاطمة : "السياسة الجمركية المغربية وإشكالية المبادلات التجارية الدولية" ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون عام تخصص مالية عامة، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال – الرباط، جامعة محمد الخامس، الموسم الجامعي : 2003/ 2004 الجنيد محمد وجيه : "النظام الجمركي في اليمن"، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، اكدال- الرباط، جامعة محمد الخامس، الموسم الجامعي 2000/2001 . سلامة المصطفي: " قواعد الجات الاتفاق العام للتعريفات الجمركية والتجارية" ،المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بدون مدينة نشر، السنة .1998 بوليف محمد نجيب : "العالم العربي بين تحديات العولمة ومتطلبات التنمية البشرية"، مطبعة طوب بريس، الرباط ، السنة 2003 . دسوقي بهاء هلال : "قانون التجارة الدولية الجديد" دراسة تحليلية، مطابع القاهرة الكبرى، القاهرة السنة 1993 .