خلقت حالة التمرد التي قادها نواب الأغلبية بمجلس النواب ضد الحكومة، اليوم الأربعاء في لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، عند مناقشة مشروع قانون يهم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أول أزمة بين السلطة التنفيذية وذراعها البرلماني؛ وذلك بعدما استعمل نواب الحكومة سلطتهم العددية لتمرير تعديل رغم أنف وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان مصطفى الرميد. وفي سابقة من نوعها، استعملت الأغلبية نوابها ضد الحكومة؛ وذلك بهدف تمرير تعديل حول مشروع القانون المتعلق ب"إعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان"، ينص على حضور البرلمان، ممثلا بأربعة نواب، ضمن تشكيلة المؤسسة الحقوقية، مبررة ذلك بأن مبادئ باريس المنظمة للمؤسسات الوطنية في مجال حقوق الإنسان نصت على تمثيلية للمؤسسة التشريعية. وأكدت الأغلبية، ضمن التعديلات التي قدمتها في لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان على مشروع القانون الحكومي، ضرورة تعيين أربعة برلمانيين مناصفة بين مجلسي النواب ومجلس المستشارين، داعية إلى حذف حالة التنافي بين عضوية المجلس وعضوية البرلمان التي جاء بها المشروع الحكومي. وفِي مقابل رفض الحكومة التعديل بدعوى أن ذلك من شأنه المس باستقلالية المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أعلن نواب الأغلبية اصطفافهم ضدها، وهو ما أغضب كثيرا وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، مصطفى الرميد، الذي سجل أن هذا الأمر لا يستقيم، مؤكدا أن الحكومة ترفض هذا التعديل ولا يمكن للأغلبية أن تعارض إرادة السلطة التنفيذية. وبعد نقاش بين الحكومة والأغلبية، وفِي ظل عدم إقناع الوزير للنواب الذين اصطفوا إلى جانب المعارضة، ممثلة في حزبي الأصالة والمعاصرة والاستقلال، أعلن الرميد أن الحكومة لا تتوفر على أغلبية في مجلس النواب، مهددا بالاتجاه نحو ملتمس سحب الثقة، الذي يؤدي إلى استقالة الحكومة استقالة جماعية كما ينص على ذلك الدستور. ولم يستطع وزير الدولة أن يقنع نواب الأغلبية بالعدول عن المقترح، وفي مقابل ذلك استعمل سلطته الحزبية ضد كل من نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية وعضو اللجنة سليمان العمراني، وكذلك البرلمانية وعضو الأمانة العامة مريم بن بوجمعة، مخاطبا العمراني بالقول: "لا يمكن أن تصوت ضد مادة تعترض عليها الحكومة، وأنت نائب الأمين العام"، ليدفعه إلى الخروج عن إجماع النواب والتصويت مع الحكومة ضد التعديل. ودافع النواب، وفِي مقدمتهم المنتمون إلى حزب العدالة والتنمية، عن أحقية البرلمان في عضوية المجلس الوطني لحقوق الإنسان، معلنين أن التجارب الدولية المقارنة تنص على تمثيلية برلمانية، دون أي تعارض مع استقلالية المؤسسات الوطنية التي تعني بحقوق الإنسان، وأن الدفع بتنافي عضوية السياسيين واستقلال المؤسسة يعد نوعا من شيطنة البرلمانيين. وينص الدستور على أنه يمكن لرئيس الحكومة أن يربط، لدى مجلس النواب، مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها بتصويت يمنح الثقة بشأن تصريح يدلي به في موضوع السياسة العامة، أو بشأن نص يطلب الموافقة عليه، مضيفا أنه لا يمكن سحب الثقة من الحكومة، أو رفض النص، إلا بالأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب.