في تقديمه لمُقاربة تحليلية لعلاقة السينما بالمواطنة، أبْرزَ المفكِّر المغربي محمد نور الدين أفاية أنّ "السينما تطرَح أكثر من تساؤل في علاقتها بالواقع، وتعد وسيلة اتصال تُخاطِبُ المُتخيل الفردي والجماعي، ولعبت دوراً مهماً في تاريخ المجتمعات، إلا أنّ هذه الأدوار تختلف حسب تجارب البلدان". وقال أفاية، في لقاء مفتوح نظمه النادي السينمائي الحقوقي، إن "السينما ظاهرةٌ إبداعية مُركبة، وفن قاسٍ، وتشكل نوعا من أنواع الصلة مع الآخر، لأنّها تعيش نفس الصور والصراعات والخيال"، مضيفاً أن "السينما فنٌ ديمقراطي، قادِرٌ على تقديم حالات إنسانية، والتّعريف بقضايا مُختلفة". كما تحدث أفاية، في مُداخلته، عن الصورة، إذ أوضح أن "الصورة ترتبط بالإدراك، وتلعب دوراً كبيراً في التعويض عن نقص الواقع أو الحرمان، وتظل الصورة السينمائية رمزية، للارتقاء بالوعي لدى المشاهد، باعتبارها أداة تعيدُ تشكيل ذاتية الواقع ولا تنقل الصورة الحقيقية له". وأضاف أن "المتلقي اليوم أصبح سيد صورته وسيد اختياراته للصور". وانتقد أفاية عدم اهتمام بعض السينمائيين المغاربة بقضايا المواطنة وحقوق الإنسان في أفلامهم السينمائية، واقتصار تصوراتهم على الخيال، وقال إن "المد الإبداعي الذي عرفه المغرب خلال فترة زمنية معينة تعرض للإجهاض، وتمّ منع التفكير الإبداعي باسم الأبوة السياسية"، داعياً إلى إعادة النظر في أدْوَار السينما المغربية. من جهة ثانية، اعتبر أفاية أنّ مقاربة موضوع السينما وحقوق الإنسان يندرج في سياق سياسي ونموذج اقتصادي وثقافي، مبرزاً أنّ "هناك تشابكا وتقاربا كبيرا بين السينما، كمجال ثقافي وإبداعي، وفعل المواطنة، الذي ظهر بشكل بارز في الدساتير المغربية". وأوضح المفكر المغربي أن "مفهوم المواطنة مرتبط بالثقافة العصرية، ولا علاقة له بالذّاكرة التراثية"، مؤكدا أنه "لا مجال للبحث في مُستندات تاريخية عن مفهوم الحرية والمواطنة، اللذين دخلا بطريقة شبه قيصرية، ودُون إدراك رهاناتهما السياسية والثقافية"، وختم مداخلته بالقول إن "المواطنة ترتكز على مبادئ خدمة المصلحة العامة وليست مجرد شعارات".