اهتمت الصحف المغاربية الصادرة اليوم الأربعاء، على الخصوص، بقرار الاتحاد الأوروبي سحب تونس من القائمة السوداء للبلدان المصنفة "ملاذات ضريبية"، وحالة الغليان التي تشهدها الجبهة الاجتماعية في الجزائر، واتساع دائرة الاحتجاجات الطلابية في موريتانيا. ففي تونس قالت صحيفة "الشروق" إن تونس خرجت أمس رسميا من "القائمة السوداء" للاتحاد الأوروبي المتعلقة بالملاذات الضريبية ليتم إدراجها ضمن القائمة الرمادية، وذلك بعد أن كان الاتحاد الأوروبي قد أدرجها في دجنبر الماضي ضمن قائمة تضم 17 دولة صنفت "ملاذات ضريبية". واعتبرت الصحيفة أن إخراج تونس من القائمة السوداء "للملاذات الضريبية" سيبقى في حاجة إلى خطوات أخرى لتنفيذ التعهدات التي قدمتها تونس للاتحاد الأوروبي، مضيفة أن "قرار أمس وإن كان إيجابيا فهو يحتاج إلى خطوات أخرى للخروج النهائي من تصنيف الاتحاد الأوروبي للدول غير المتعاونة ضريبيا." وأشارت إلى أن تونس مرت في هذا التصنيف من القائمة السوداء إلى القائمة الرمادية على إثر التزام قدمته السلطات التونسية من حكومة وبرلمان بتعهدات تقضي بإصلاح قوانينها الضريبية، معتبرة أن تونس "ملزمة اليوم بتحقيق ما تعهدت به على مستوى السياسة الضريبية حتى يتم شطبها نهائيا من تصنيف الاتحاد الأوروبي". ومن جهتها سجلت صحيفة "المغرب" أنه بعد سحبها من القائمة السوداء، ينتظر تونس تقرير وتقييم لجنة خبراء الاتحاد الأوروبي المنتظر أن تجتمع يوم 14 فبراير المقبل من أجل المتابعة التقنية لمدى التزام الدول بقرارات مجلس الأعمال للاتحاد ووضع الآليات وطرق العمل. وأضافت الصحيفة أن شطب الاتحاد الأوروبي لتونس من هذه القائمة جاء بعد تقييم قام به خبراء أوروبيون للالتزامات التي تعهدت بها لتفادي النقائص والانتقادات الموجهة لها في المجال الضريبي ومنحها سنة لتنفيذ التزاماتها وإصلاح النقائص والاخلالات على مستوى النظام الجبائي والالتزام بتحسين مواصفات الشفافية. ومن جهتها قالت صحيفة "الصباح" أنه بقدر ما يجب أن يدعو قرار الاتحاد الأوروبي إلى "الارتياح واستعادة بعض التفاؤل...، بقدر ما يجب التوقف جديا عند الدروس ... والوقوف عند الأخطاء التي أدت إلى مثل هذا القرار ودون ذلك فعلينا أن نتوقع تكرار الأخطاء". وأضافت الصحيفة في افتتاحية بعنوان "ماذا بعد خروج تونس من القائمة السوداء؟"، أن "تجاوز مرحلة الصدمة لا يعني بأي حال من الأحوال طي الصفحة وتجاوز ما حدث نهائيا لأن أسباب الأزمة ما تزال قائمة ولا يمكن اعتبارها من الماضي". واعتبرت أن "في هذه التجربة ما يستوجب إعادة ترتيب الأولويات وتحديد الخيارات الإستراتيجية المستقبلية التي بدونها لا يمكن كسب الرهان القادم"، مضيفة أن "الأمر ينسحب على مختلف الأزمات الاجتماعية العالقة التي لا تكاد تهدأ إلا لتعود من جديد أكثر حدة". وذكرت صحيفة "الصحافة اليوم" من جانبها، أن تونس عبرت عن "ارتياحها" للقرار الذي اتخذه مجلس وزراء الاقتصاد والمالية الأوروبي، أمس الثلاثاء، والمتمثل في سحبها من القائمة السوداء للبلدان غير المتعاونة جبائيا. وأشارت إلى أن وزارة الشؤون الخارجية التونسية اعتبرت أن هذا القرار يأتي "تتويجا للمساعي المكثفة التي قامت بها السلطات التونسية على المستوين السياسي والدبلوماسي، لحث مؤسسات الإتحاد الأوروبي على مراجعة قرارها الصادر بتاريخ 5 دجنبر 2017 والذي أ درجت تونس بمقتضاه في قائمة الملاذات الضريبية". ونقلت عن السفير رئيس البعثة الأوروبية في تونس باتريس بيرغاميني قوله إن "الاتحاد الأوروبي التزم بما تعهد به وخرجت تونس من القائمة السوداء للملاذات الضريبية". ورأت الصحيفة في تعليق لها أن "هذا الملف كشف مدى خطورة تأثير عدم الاستقرار السياسي على العمل الإداري الذي من المفروض أن يكون في حياد تام مع المستجدات السياسية، حيث تسببت التعديلات الوزارية على رأس وزارة المالية في زعزعة الروتين الإداري وتغيير قائمة الأولويات مما أدخل البلاد في متاهة المشاورات الثنائية ومتعددة الأطراف." وفي الجزائر، كتبت صحيفة (الوطن) أن الجبهة الاجتماعية تشهد حالة غليان مع إضرابات متفرقة، بما في ذلك في قطاعات حيوية، مثل قطاع الصحة حيث شلت الحركة الاحتجاجية للأطباء المقيمين البنيات الاستشفائية، وكذا إضراب مستخدمي الملاحة الجوية التجارية بشركة الطيران الجزائرية، الذي تسبب في فوضى عارمة على مستوى المطارات الجزائرية ومحطات العبور في الخارج. وأضافت أنه في فرنسا وأمام الاحتجاجات الاجتماعية التي أثارها مشروع إنجاز مطار، تراجعت الحكومة الفرنسية، وألغت المشروع الذي يعود إلى عهد فرانسوا هولاند، مما خلف حالة ارتياح وسط المدافعين عن البيئة، مسجلة أن النزاعات الاجتماعية والحركات الاحتجاجية بالجزائر تتميز في المقابل بخاصية التجذر في المعيش اليومي للمواطنين إلى درجة تصبح معها مبتذلة. ولاحظت الصحيفة في افتتاحيتها بعنوان "مسيرات وإضرابات" أن الإضرابات والمسيرات أصبحت بالنسبة للكثيرين، في أحسن الأحوال، موضوعا للفضول، مشيرة إلى أن التعبير عن التضامن مع هيئة مهنية ليس بالضرورة تعبيرا عن انخراط في معركة مطلبية، بقدر ما يتخذ شكل نقمة وإدانة لاستبداد الحكم، الذي يتحدث عن مؤامرة مع أبسط حركة احتجاجية لنزع المصداقية عن المحتجين. واعتبر صاحب الافتتاحية أن ذلك هو بدون شك الهدف الذي تسعى إليه السلطات العمومية، التي تراهن على إصابة الحركات الإضرابية والاحتجاجية بالإرهاق ونفور المواطنين جراء الإزعاج الذي تتسبب فيه لهم هذه التحركات المطلبية والتي غالبا ما تكون عادلة ومشروعة. من جهتهما، كتبت صحيفتا (الفجر) و(الشروق) أن اللجوء إلى العنف، سواء من هذا الطرف أو ذاك، من طرف المحتجين كما من طرف قوات الأمن، يحمل دائما في طياته خطر تحول النزاع من الحقل الاجتماعي والسياسي، المطلبي، إلى مواجهة جسدية لن تؤدي سوى إلى المزيد من تعقيد البحث عن حل وتغذية إحساس بالحقد، والرفض وتحدي السلطة العمومية والسياسية. واعتبرتا أنه لا يبدو أن النظام استوعب هذه العناصر الأولية للسوسيولوجيا السياسية التي تقول إن مواطنا محروما من حقوقه والمضطهد، وتم المس بكرامته، ومهدد في عمله، ويشعر بالقلق إزاء مستقبله ومستقبل أسرته، هو قوة حية تمت التضحية بها، وصوت ضائع خلال الاستشارات الانتخابية، ومشروع مهاجر سري ومتمرد مشاكس للنظام. وأضافتا أنه لا يبدو أن الحكومة استوعبت أن قوة نظام ما لا تقاس بقدرته على القمع والسيطرة على ميدان ما بالقوة، وإنما بقدرته على استباق الأزمات والنزاعات وإيجاد الحلول الملائمة، عن طريق الحوار الدائم والإدماجي، بعيدا عن المناورات السياسية والانتخابية. من جانبها، كتبت صحيفة (ليبيرتي) أن طريقة تدبير النزاعات الاجتماعية من قبل السلطات العمومية الجزائرية غالبا ما تؤدي إلى تفاقم الوضع وتتحول، في بعض الأحيان، إلى أزمة حقيقية، محذرة من أن البلد على مرمى حجر من أزمة في حالة ما إذا نفذت نقابة (المجلس الوطني المستقل لمستخدمي التدريس للقطاع ثلاثي الأطوار للتربية) تهديده ب"شن إضراب وطني لا محدود". وقالت الصحيفة في افتتاحيتها بعنوان "واجب التضامن" أن هذا الإضراب الوطني قد ينقلب إلى مواجهة بين هذا التنظيم النقابي وأولياء التلاميذ، في حين أنه يفترض في الطرفين أن يعملا بتنسيق لما فيه مصلحة المدرسة والتلميذ، الذي يمر بالضرورة عبر مصلحة المدرس، موضحة أن المدرس-النقابي هو في الوقت نفسه مدرس ونقابي، وهو مدعو إلى المصالحة بين هاتين المسؤوليتين، دون تفضيل إحداهما على الأخرى. بدورها، كتبت صحيفة (لوكوتيديان دو وهران) أن الأطباء المقيمين، الذين تم قمعهم بشراسة يوم ثالث يناير الجاري بالجزائر العاصمة، لم يتراجعوا، بما أنهم نظموا صباح أمس الثلاثاء داخل مستشفى مصطفى باشا تجمعا احتجاجيا سلميا كبيرا للتنديد بسياسة اللامبالاة والهروب إلى الأمام التي تنهجها الحكومة. وذكرت أن الأطباء المقيمين بالمراكز الاستشفائية الجامعية ال12 بولايات الشمال ضربوا موعدا للانضمام للتجمع المرتقب بمستشفى مصطفى باشا للتعبير مجددا عن مطالبهم الاجتماعية والمهنية. وعنونت صحيفة (لوماتان دالجيري) على صفحتها الأولى "إيقاف أطباء مقيمين في الليل بالعاصمة"، مشيرة إلى أن التنسيقية المستقلة للأطباء المقيمين أعلنت في رسالة نشرت أمس الثلاثاء على شبكات التواصل الاجتماعي عن إيقاف أطباء مقيمين قدموا من مناطق أخرى بالبلاد للمشاركة في التجمع الذي نظم أمس بمستشفى مصطفى باشا بالعاصمة. وفي موريتانيا، اهتمت الصحف، على الخصوص، بامتداد الاحتجاجات الطلابية إلى جامعة العلوم الإسلامية الواقعة بمدينة لعيون (عيون العتروس) عاصمة ولاية الحوض الغربي (شرق)، بعد تلك التي شهدتها جامعة نواكشوط وعدة مؤسسات للتعليم العالي، ضد الشروط الجديدة التي أصدرتها الوزارة الوصية للاستفادة من المنح الدراسية. وكتبت الصحف أن الطلبة المحتجين وصفوا الشروط الجديدة التي أصدرتها الوزارة ب"المجحفة"، محذرين من تبعات تقليص أعداد الطلبة المستفيدين من المنح، موضحة أن هذه الشروط تقضي بمنع الطلبة الجامعيين الذين تتجاوز أعمارهم 22 عاما من الحصول على المنحة. ونقلت عن رئيس قسم الاتحاد الوطني لطلبة موريتانيا بالجامعة قوله إن "الاتحاد ماض في النضال لرفض القرار الارتجالي"، مشددا على ضرورة تمكين الطلبة من حقهم في المنحة. وذكرت بأن الشرطة فرقت، صباح أول أمس الاثنين، وقفة احتجاجية نظمتها الجبهة الطلابية للدفاع عن الحقوق والمكتسبات (تضم عددا من الاتحادات الطلابية) أمام مبني وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، رفضا لمعايير إسناد المنح المالية للطلبة هذا العام. وقالت إن المحتجين رفعوا شعارات تندد بالمعايير "المجحفة" التي سيتم بموجبها إقصاء أكثر من 60 في المائة من الطلبة من مختلف المراحل الدراسية، واصفين الإجراءات الجديدة المتخذة بخصوص معايير الحصول على المنح بالنسبة للتعليم العالي ب"الارتجالية"، وبأنها محاوله لتقويض المكاسب الطلابية. وأشارت، استنادا لبيان صادر عن الجبهة الطلابية، إلى أن هذا النشاط يأتي ضمن مجموعة من التحركات التي تعتزم الجبهة القيام بها، لإجبار وزارة التعليم العالي على التراجع عن قرارها. وعلى صعيد متصل، نقلت الصحف عن الاتحاد المستقل للطلبة الموريتانيين قوله إن "هذه الوقفة هي باكورة مسار نضال ستخوضه الجبهة من اجل اسقاط هذا القرار"، مجددا موقفه الرافض للقرار "الجائر"، والتصدي لأي اجراءات تقوم بها الوزارة و أي جهة تمتد يدها نحو مكتسبات الطلبة. كما دعا إلى الاستمرار في حالة التعبئة ضد القرار. وذكرت الصحف بأن الوزارة أصدرت، الأسبوع الماضي، قرارا يمنع الطلبة الذين تتجاوز أعمارهم 22 عاما، من الحصول على المنح المالية في مؤسسات التعليم العالي، بدل 25 عاما التي كان العمل جاريا بها في موريتانيا.