حمل جواب رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية، دونالد ترامب، على الرسالة التي بعث بها إليه سابقا الملك محمد السادس بشأن "قرار الإدارة الأمريكية الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها إليها"، دلالات عدة، خاصة أنه يأتي بعد تصويت غالبية أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح مشروع قرار يحث أمريكا على سحب اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل. الدكتور إدريس لكريني، باحث في العلاقات الدولية، اعتبر أن الرد الأمريكي على رسالة العاهل المغربي محمد السادس بصفته رئيسا للجنة القدس يعد "تأكيدا على مكانة المغرب ووزنه في محيطه العربي والإسلامي، وتقديرا لما يلعبه المغرب في هذا المستوى". وقال لكريني، مدير مجموعة الأبحاث والدراسات الدولية حول إدارة الأزمات، في تصريح لهسبريس، إن "التوضيحات التي حملتها رسالة ترامب إلى الملك، من قبيل أهمية القدس بالنسبة لمختلف الديانات، تعكس أن المغرب يسعى إلى المرافعة في هاته القضية المحورية في سياسته الخارجية، وتعكس أهمية التحرك المغربي في هذا الصدد". كما أظهر جواب "كبير الأمريكيين"، بحسب أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض في مراكش، أن "القرار لا يعني انسحابا وطيا للدور الأمريكي على مستوى مواكبة اتفاقيات السلام، أي إن الرئيس حاول أن يظهر من خلال الرسالة حرصه ورغبته في التوصل إلى اتفاق بين الطرف الفلسطيني والإسرائيلي والتذكير بحل الدوليتين الذي نادرا ما كان يردده في السابق". ولفت المتحدث نفسه إلى أن رسالة ترامب إلى محمد السادس "يبدو أنها جاءت في خضم ردود الفعل الدولية على محاولته إعطاء آمال عن مستقبل المفاوضات في القضية وإبراز أن الولاياتالمتحدة ما زال لها دور في مواكبة مفاوضات السلام". وجاءت هذه الرسالة، يضيف لكريني، "بعد ردود فعل واسعة، دولية وإقليمية، إزاء القرار الأمريكي الذي لا يتوافق مع الوزن الدولي لواشنطن وريادتها للعالم ورعايتها للمفاوضات التي انطلقت منذ تسعينات القرن الماضي، وكذا بعد توجهها نحو إحباط مشروع قرار من داخل مجلس الأمن كان من المفترض أن يدعو إلى التراجع عن هذا القرار، وهذا ما جعل القضية الفلسطينية تفضح النظام الراهن لتدبير القرارات". وبخصوص ما إذا كانت هاته الرسالة قد توتر العلاقات بين البلدين مستقبلا، استبعد الباحث ذلك، وقال إن "الرسالة الملكية لو قرئت بصورة موضوعية لتجنبت أمريكا ما وقعت فيه من أخطاء، خاصة أنها رسالة تذكّر بدور أمريكا في مبادرات السلام، وبالتالي لا يمكن أن تتوتر العلاقات بين الدوليتين". وما يؤكد ذلك، يضيف الكريني، كون قرار الجمعية العامة جعل واشنطن معزولة عن العالم، حتى من قبل دول حليفة لها، "لذا فالمغرب من منطلق سيادته ورئاسته للجنة القدس وحضور القضية ضمن الاهتمامات الأساسية للخارجية المغربية، فإن موقفه كان موضوعيا وليس نشازا". وأشار المحلل إلى أن القرار الأمريكي رغم قتامته وخطورته، أعاد البريق للقضية الفلسطينية وأبرز أنها مازالت في قلب المغاربة وأحرار العالم، وأنها تحظى بدعم واسع بمختلف الدول، كما أبرز أن الموقف الأمريكي "موقف مرتبك، وهذا تعبر عنه رسالة ترامب إلى الملك". يشار إلى أن الرئيس الأمريكي عبّر في رسالته إلى ملك المغرب، رئيس لجنة القدس، عن تقديره لريادة الملك محمد السادس داخل جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، مؤكدا أنه "يشاطر كذلك الأهمية التي تكتسيها مدينة القدس بالنسبة لأتباع الديانات اليهودية والمسيحية والإسلام". جدير بالذكر أن الملك محمدا السادس، رئيس لجنة القدس المنبثقة عن منظمة المؤتمر الإسلامي، كان قد عبّر في رسالته إلى الرئيس الأمريكي عن الانشغال والقلق الذي ينتاب الدول والشعوب العربية والإسلامية إزاء الأخبار المتواترة بشأن نية الإدارة الأمريكية الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة واشنطن إليها.