لا يختلف واقع التنمية المحلية بالجماعة القروية تلوات، الواقعة بالنفوذ الترابي لإقليمورزازات، عن غيره في جماعات قروية أخرى بالإقليم نفسه، التي تنطبق عليها مواصفات قرية أو دوار؛ وهو ما جعل الساكنة المحلية، خصوصا بمنطقة تلوات، تسأل عن موعد مرور قطار التنمية من أجل فك العزلة عن بعض الدواوير وتخليص قاطنيها من المعاناة شبه اليومية على جميع الأصعدة. بالرغم من تلك المشاريع التنموية المحسوبة على رأس الأصابع التي عرفتها منطقة تلوات، في السنوات الأخيرة، والتي شملت الكهرباء والماء الصالح للشرب والبنية التحتية الطرقية، وبعض المشاريع الفلاحية، فإن ذلك لم يرقَ بعد إلى طموحات وانتظارات الساكنة المحلية، خصوصا مع غياب الدور الفعلي للهيئات السياسية والمنتخبة بالجماعة المذكورة وبالإقليم عموما، وهو الأمر الذي زاد الوضع تعقيدا، حسب بعض سكان مركز تلوات ممن استقت هسبريس آراءهم. جريدة هسبريس الإلكترونية تقصت، خلال الزيارة التي قامت بها بداية الأسبوع الجاري لجماعة تلوات المعروفة لدى الساكنة المحلية بمنطقة بيرو الكلاوي، واقع ساكنة بعض الدواوير التابعة لهذه الجماعة، خصوصا تلك الواقعة بالقرب من قصبة الكلاوي، ومقر الجماعة، حيث أعرب العديد من القاطنين بهذه المنطقتين عن آمالهم في أن تقوم الجماعة الترابية وباقي المتدخلين بتدخل من أجل تدارك التأخر الحاصر في تجسيد العديد من المشاريع التي من شأنها تحسين المحيط الاجتماعي. إلى جانب مطالب المواطنين الموجهة إلى الجهات المسؤولة من الجماعة الترابية وقطاعات وزارية أخرى معنية، الرامية إلى إنجاز مشروع الصرف الصحي بالمنطقة، لحماية الفرشة المائية من التلوث، بسبب العدد الكبير من "المطامر" التي تستعمل في تصريف المياه العادمة، وغياب إمكانات مادية لدى البعض الآخر؛ وهو ما يؤدي إلى تلويث محيط مساكن المواطنين، وهو ما اعتبره حميد وصالح الفاعل الجمعوي بكونه من بين المشاكل التي تعرفها المنطقة، وهو الأمر الذي لطالما كان سببا في تفاقم معاناة المواطنين، وإصابتهم ببعض الأمراض. كما يعاني شباب جماعة تلوات القروية، المعروفة ببلدة "الكلاوي" معاناة شبه يومية جراء غياب فرص الشغل، وغياب المرافق الرياضية والثقافية، حيث عبر محمد أمجوط أحد هؤلاء الشباب، في تصريح لهسبريس، عن استياء الشباب القاطنين بمركز جماعة تلوات والدواوير المجاورة، مشيرا إلى "أنهم يجيدون أنفسهم في أركان الطرقات والشارع الذي يفتح لهم أحضانه"، موضحا "أن غياب المرافق الثقافية والرياضية يسهم بشكل كبير في انتشار الآفات الاجتماعية بمختلف أنواعها"، محذرا من "أنه في حالة استمرار الوضع على ما هو عليه وعدم توفير متنفس للشباب فإن الأمر يدعو إلى القلق"، بتعبيره. الفقر والهدر المدرسي حياة حسايني طفلة في عمر الزهور، تنحدر من أحد الدواوير البعيدة عن مركز جماعة تلوات بحوالي أربعة كيلومترات، أكدت أن مجموعة الفتيات بعدد من الدواوير التابعة للجماعة الترابية المذكورة ينقطعن عن الدراسة بسبب فقر أسرهن وغياب إمكانات مادية كفيلة لأداء مستحقات دار الطالبة والداخلية، من أجل إتمام الدراسة الإعدادية والثانوية، موضحة "أنها بدورها انقطعت عن الدراسة بعد نجاحها في القسم السادس ابتدائي ونظرا إلى بعد الإعدادية وغياب الإمكانات ارتأت عائلتها توقيفها عن مواصلة الدراسة لتوفير بعض المصاريف التي كانت ستصرف عن دراستها"، حسب تعبير الطفلة البالغة من العمر 14 سنة. وأضافت المتحدثة، في تصريحها لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن قطاع التربية والتعليم من بين القطاعات الحيوية التي يجب على السلطات المحلية والمنتخبة أن توليها اهتماما كبيرا في المنطقة، من خلال تسطير وإخراج برامج لتشجيع الفتات القروية على مواصلة دراستها الإعدادية والثانوية والجامعية، موضحة أن "الجماعة لها نصيب أكبر من المسؤولية في الهدر المدرسي في صفوف الفتيات من خلال عدم تدخلها لتسهيل عملية إيوائهن في الداخلية ودور الطالبة وتوفير لهن النقل المدرسي لنقلهن بالمجان"، مشددة على أن التلميذات اللواتي انقطعن الدراسي سببهن عدم توفير شروط التمدرس في ظروف مواتية وغياب إمكانات مادية لدى عائلتهن وأسرهن، مطالبة بضرورة تدخل السلطات الإقليمية ووزارة التربية الوطنية لرد الاعتبار إلى هذه الفئة"، بتعبيرها. قصبة الكلاوي بمدخل مركز جماعة تلوات، توجد قصبة كبيرة وهي عبارة عن قصر تعود إلى ملكية عائلة الكلاوي، التي تم تشييدها سنة 1860 ميلادية، وأصبحت حاليا مجرد أطلال مهجورة تهدد الساكنة المجاورة بالسقوط فوق رؤوسهم، دون أن تتحرك وزارة الثقافة والجماعة وباقي المتدخلين لإعادة ترميمها وجعلها إرثا تاريخيا وحضاريا للمنطقة، بحجة أنها تعود إلى ورثة عائلة الكلاوي. وضعية القصبة حاليا تكرس مظاهر التهميش التي تعاني منه المنطقة لعقود من الزمن، بالرغم من محاولة رئيس المجلس الجماعي لتلوات على إبعاد تهمة التهميش الإهمال على المجلس المسير، مؤكدا أن القصبة هي لورثة عائلة الكلاوي ولا حق لأي جهة من الجهات التدخل لإعادة ترميمها. في المقابل، شدد سعدون إبراهيم، باحث في تاريخ القصبات، أن الجماعة يجب عليها اقتناء القصبة من ورثة الكلاوي وإعادة ترميمها لفتحها أمام السياح المتوافدين على المنطقة وكذا على الطلبة الباحثين للاستفادة منها. وتعتبر هذه القصبة تحفة تصارع الزمن، ومن خلالها يرسم من يزور المنطقة لأول مرة صورة سوداوية على البرامج التنموية التي تسطرها الجماعة، باعتبارها مرآة الجماعة ككل وليس لمنطقة معينة. كما أنها تعبر عن عدم وعي المسؤولين بوزن هذه المعلمة في الثقافة المحلية المغربية وفي التاريخ المغرب المعاصر، وبالرغم من تمثله من ثروة تاريخية وحضارية كبيرة، فإنها تبقى غائبة عن المطبوعات والكتب السياحية التي تعرف بالمؤهلات السياحية للجنوب الشرقي. سعدون إبراهيم، الباحث في تاريخ القصبات، في تصريح لهسبريس، شدد على أن من شأن هذه القصبة في حالة إعادة ترميمها وإعادة الروح إليها، أن تسهم في خلق مناصب شغل قارة وأخرى موسمية، من خلال استغلالها في التسويق السياحي والسينمائي، وتصوير العديد من الأفلام ذات الصيت العالمي. قصبة تلوات نموذج لمدينة مصغرة بأكملها، روعيت في بنائها التقاليد العريقة للعمران المغربي. تتكون من دروب متفاوتة الأطوال ومداخيل مقوسة ومزخرفة بالحرير والفسيفساء. كما حرص الكلاوي على تزيين غرفها بالزليج المنحوت؛ فغرفة الاستقبال آية في الروعة والجمال بأبوابها ونوافذها المصنوعة من خشب العرعر، وسقوفها التي تحتوي على أجمل أبهى ما يشمل عليه النقش المغربي من خشب الأرز المزوق بأزهى الألوان. هندسة تجمع بين الحس الجمالي الأندلسي والذوق الأمازيغي، إذ يعتبر هذا العمل من أفضل ما أنتجه ما يزيد عن 300 حرفي محلي ومبدعين من كافة أنحاء المغرب لمدة خمس سنوات من العمل الدؤوب. قفزة نوعية أحمد بوخساس، رئيس المجلس الجماعي لتلوات، قال إن هذه الأخيرة التي يترأسها عرفت في السنوات الأخيرة قفزة نوعية في تجسيد مشاريع ذات البعد الاجتماعي بمختلف المناطق التابعة لها، من خلال بناء طرق محلية وإقليمية، وبعض المشاريع الفلاحية التي لطالما انتظرها المواطن، وفق تعبيره. وشدد المسؤول الجماعي ذاته، في تصريح لهسبريس، على أن المنطقة انطلقت بوتيرة جيدة في التنمية، مشيرا إلى أن نسبة ربط الساكنة بمختلف الدواوير التابعة للجماعة بالماء الصالح للشرب بلغت 98 في المائة، في المقابل بلغت نسبة الربط بشبكة الكهرباء حوالي 99 في المائة. وفي المجال الطرقي، أكد المتحدث أن الطريق الرابطة بين تيزي نتيشكا وتلوات بلغت حاليا حوالي 70 في المائة من الأشغال، موضحا أن الطريق رقم 1506 الرابطة بين تلوات وانميتر، والتي تتعدى (11 كلم)، انتهت فيها الأشغال. وذكر المسؤول ذاته أن البرنامج التنموي المقبل للجماع، يتضمن بناء سد تيلي بتسكى، والذي ستنطلق فيه الأشغال في غضون السنة الجارية، مشيرا إلى أن "الجماعة، وبشراكة مع متدخلين آخرين، ستقوم ببناء وحدة للتبريد، والتي ستنطلق أشغالها أيضا في غضون السنة الجارية"، مؤكدا أن "المجال الفلاحي بالمنطقة بخير وتم بناء السواقي وغيرها". وواصل بوخساس حديثه بالقول إن منطقة تلوات من بين المناطق التي عرفت إنجاز مشاريع تنموية كبيرة على صعيد إقليمورزازات، مسترسلا "أن الساكنة هنا في الأمن والأمان وكل شيء متوفر"، بتعبيره.