بالسير عبر الطريق الوطنية رقم 9 في المدخل الشمالي لمدينة سطات، يسترعي انتباهك منظر جميل على يمينك، اتجاه المدينة يتمثل في بحيرة "المزامزة"، مبسوطة في موقع جغرافي وطبيعي وسط غابة من أشجار متنوّعة، ويزداد سحرها ليلا بعد تمازج أشعة الأضواء الكهربائية ومياه "النافوارت" التي تقذف المياه إلى الأعلى في لوحة تأسر الناظرين. بعد الاقتراب من المكان وولوج الغابة يخيب ظنك، بعد ملاحظة الطحالب والأوحال والأعشاب والأزبال التي أفسدت الماء والمكان، ناهيك عن الروائح المنبعثة من البحيرة وكذا واد بو موسى المجاور لها، والذي يحمل مياه الأمطار والمخلفات الصناعية، وما يرمى فيه من الأزبال من قبل المواطنين. هسبريس زارت منتجع بحيرة "المزامزة"، ... مواطنون من مختلف الأعمار يحملقون في البحيرة، في دهشة وحسرة على واقعها، "شوف أخويا هاذ الحالة... الماء كيضيع والبحيرة ملوثة، والأطفال يحوّلونها إلى مسبح في الصيف رغم علامات المنع...، معرفناش علاش توقفت الأشغال بغيناهم يصوبوها ويجهزوها" يقول أحد المواطنين الذي كان رفقة أطفاله وزوجته بمحاذاة البحيرة. مختصّون ينذرون الدكتور مصطفى حسون، مختص في البيئة وتدبير الماء، قال، في تصريح لهسبريس، إن عناصر التلوث مجتمعة في "بحيرة المزامزة"، ولخّصها في الطحالب والأعشاب التي تصاحبها كائنات مجهرية، وروائح وحشرات ناقلة للأمراض، بسبب ما يرمى من مخلّفات التي تتخاصب وتتفاعل مع مواد عضوية أخرى ثم تتعفّن بسبب وجود كائنات مجهرية؛ وهو ما يؤثر على صحة الزوّار والساكنة، خاصة الذين يعانون أمراضا تنفسية. وأضاف المتحدث أن سوء الوضع يزداد تفاقما في الصيف، حيث تنتشر الحشرات الناقلة للأمراض، مطالبا بإفراغ البحيرة من الماء الملوث الحالي وتنظيفها كلّيا، مع تطهير الموقع للقضاء على بيض الحشرات الناقلة للأمراض. وزاد مصطفى حسون قائلا "إنه بعد التطهير ينبغي تجهيز البحيرة بأجهزة التهوية بالأوكسجين قبل ملئها بالماء"، خاصة أنها بحيرة "مغلقة ليست دائمة الجريان تفاديا للتخاصب وتفاعل المكونات العضوية"، مع وضع مواد مطهرة مناسبة ما لم تكن تحتوي البحيرة على أسماك حتى لا تؤثر عليها، وتحوّلها إلى مكان بيولوجي نقيّ. وعلى المستوى الجمالي، أشار مصطفى حسّون إلى أن البحيرة توجد في موقع مهمّ، وبإمكانها أن تتحوّل إلى موقع إيكولوجي جيّد، وذلك بتهيئتها وتجهيزها بالإنارة والمرافق المختلفة كالمحلات المناسبة وأماكن الاستراحة والألعاب وتوفيّر الضروريات للزوار حتى تكون منطقة جذب. مناقشة المشروع في الدورة المقبلة توقف الأشغال وتدهور الوضع البيئي للبحيرة وتداخل الاختصاص في تهيئة المشروع بين مؤسسات وجماعات عدّة نقاط جعلتنا نربط الاتصال بهشام عمري، رئيس لجنة المالية بالمجلس الإقليمي، والذي أوضح أن ملف مشروع تأهيل بحيرة "المزامزة" سيناقش كنقطة من نقط دورة يناير الجاري الخاصة بالمجلس الإقليمي سطات. وأضاف ممثل لجنة المالية بالمجلس الإقليمي سطات، في تصريح هاتفي لهسبريس، أن المشروع يضم عددا من المؤسسات والمجالس، التي حدّدها في المجلس الجماعي سيدي العايدي والمجلس الإقليمي سطات والمجلس الجماعي للمدينة ذاتها، حيث سيجري تكوين مجلس إداري في الدورة المقبلة للمجلس الإقليمي يضم أعضاء عن المجالس سالفة الذكر للسهر على تهيئة البحيرة. وحول مصادر التمويل، أوضح هشام عمري أنها تخصّ المجالس المنتخبة الثلاثة المذكورة، كل حسب مساهمته وفق نسبة محدّدة، مع مساهمة جماعة سيدي العايدي بالأرض التي تقع فيها البحيرة، وسيتمّ تداول المشروع وتحديد ممثلي المجلس الإداري الخاص بالمشروع بتاريخ 22 يناير الجاري، والذي سيضمّ 6 أعضاء عن المجلس الإقليمي و3 أعضاء عن من مجلس سطات والعدد نفسه من جماعة سيدي العايدي لتفعيل المشروع المبرمج.