تضم جهة كلميم واد نون أكبر نسبة من ذوي الاحتياجات الخاصة، بنسبة تفوق 4,8 بالمائة، حسب معطيات الإحصاء العام للسكان والسكنى الأخير. وتشتغل بكلميم الكثير من الجمعيات التي تهتم بهذه الفئة الاجتماعية. وتعد جمعية "تحدي الإعاقة" من أكبر هذه الجمعيات، وهي جمعية غير حكومية. ويقول رئيسها عبد الرحمن إدلمقدم: "تأسست الجمعية قبل سنوات، وفق شراكة بين بلدية كلميم والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية ووكالة تنمية الأقاليم الجنوبية والتعاون الوطني، الذي ساهم بالتجهيزات. والجمعية مكلفة بالتسيير، وفق اتفاقية موقعة بين الشركاء". وأضاف "نستقبل أكثر من مائتي طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة ابتداء من سن الخامسة"، مشيرا إلى أن "هناك أكثر من خمسة وثلاثين بالمائة من الإناث بين هؤلاء الأطفال، الذين يؤطرهم خمسة وثلاثون من الأطر الإدارية والتربوية، ويتلقون الرعاية الاجتماعية والتربوية اللازمة". وأضاف أن الجمعية "تهتم بمرضى التوحد، والتربية الخاصة للصم من خلال لغة الإشارة، والأطفال المصابين بالثلاثي الصبغي 21، إضافة إلى المصابين بالتأخر الذهني، وهم أكبر فئة، ولدينا أكثر من سبعين طفلا من هذه الفئة، كما لدينا الترويض الطبي أيضا". صعوبات وإكراهات وأوضح عبد الرحمن إدلمقدم، في تصريح لهسبريس، أن جمعيته "تشتغل بصمت، رغم الإكراهات المتعددة، منها ضعف الدعم المقدم من قبل المجلس البلدي، إذ تلقينا منه فقط ثلاثة آلاف درهم في السنة الماضية كمنحة سنوية، وبدل مساعدتنا يضع العراقيل في طريقنا منذ سنوات، وكان آخرها نزع اللوحة الخاصة بالمركز في الشارع العام، والتي وضعتها وزارة الداخلية". واستنكر رئيس جمعية "تحدي الإعاقة" هذه "الخطوة الغريبة التي استهجنها الناس، خصوصاً أن الأمر يتعلق بجمعية تخص فئة المعاقين". وأضاف عبد الرحمن إدلمقدم أن "الجمعية لديها ناد رياضي يضم عشرات الرياضيين من ذوي الاحتياجات الخاصة، ونتوفر حاليا على خمسة لاعبين في المنتخب الوطني لكرة السلة على الكراسي المتحركة"، مشيراً الى أن "الفرق الرياضية للجمعية تشارك في البطولات الرياضية الوطنية، وقد شاركنا في بطولة دولية في اليونان، وفزنا بالرتبة الثالثة". في المقابل، قال محمد بلفقيه، رئيس المجلس البلدي لكلميم، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن "المجلس البلدي مستمر في دعم كل الجمعيات الفاعلة بكلميم، في إطار الإجراءات القانونية المنصوص عليها في هذا الإطار، سواء الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة أو غيرها". وأضاف "لا يُعقل أن نكون ضد جمعية نحن من ساعدها على تشييد هذا المركز الجديد والنموذجي بعد أن كانت تشتغل مقر قديم وفي وضعية حرجة"، مشيرا إلى أن "المجلس السابق بذل مجهودات جبارة في هذا الإطار لتعبئة الشركاء والممولين، ولكن للأسف تم تسييس هذا الملف". وبخصوص نزع اللوحة الإشهارية الخاصة بمركز جمعية "تحدي الإعاقة، نفى رئيس المجلس البلدي لكلميم أن تكون لدى البلدية أي نية لمنع هذه الجمعية. وزاد قائلا: "نطلب من الجمعية فقط احترام الضوابط القانونية والشروط الجاري بها العمل في هذا الإطار"، مشيرا إلى أن "هذه الجمعية يمكنها تقديم طلبها لوضع اللوحة وفق الإجراءات المعمول بها، وستتجاوب مصالح البلدية معها، كما نفعل مع جميع الطلبات التي تردنا بهذا الخصوص". حافلة من لوكسمبورغ محمد هباز، وهو شاب يتحدر من مدينة كلميم ومقيم بلوكسمبورغ، وصل قبل أيام إلى المدينة، وهو يقود حافلة كبيرة قدمها مساعدة لجمعية "تحدي الإعاقة" بكلميم لاستعمالها في نقل نزلاء الجمعية. يقول محمد هباز: "أنا ابن المنطقة وسمعت بهذه الجمعية التي تستحق كل الدعم لما تقدمه لفئة المعاقين بهذه المدينة". وأضاف، في تصريح لهسبريس، "اشتغلنا أكثر من سنة لمساعدة هذه الجمعية من خلال جمع تبرعات من أفراد وجمعيات في لوكسمبورغ لشراء هذه الحافلة التي تحتاجها الجمعية، وهي بطاقة استيعابية تصل إلى 59 راكبا". وأوضح قائلا: "ما حفزني على مساعدة هؤلاء الناس، الذين يقومون بعمل كبير، أنني لمست نتائج باهرة في عملهم مع ذوي الاحتياجات الخاصة"، مشيراً إلى أنه عاين مشاكلهم "التي يعانونها في منطقة لا تتاح فيها فرص الولوج إلى الشغل بالنسبة إلى المعاقين، الذين يحرمون أيضاً من الاندماج في مشاريع اقتصادية". وقال إن "الإعلام في لوكسمبورغ ساعدني كثيراً في الوصول الى المانحين والمواطنين، الذين قدموا لنا مساعدات لشراء الحافلة، من خلال تناول مبادرتنا من طرف قنوات تلفزية وجرائد فرنسية أيضا". وقام هذا الشاب، الذي ينشط في المجال الجمعوي بلوكسمبورغ، بقيادة الحافلة لمدة خمسة أيام، وهي محملة بمساعدات مختلفة من قلب أوربا إلى مدينة كلميم، وعبر عن شكره ل"مسؤولي الجمارك المغربية في طنجة، الذين قدموا لنا كل التسهيلات فيما يخص إجراءات العبور وإدخال الحافلة إلى التراب المغربي". وشدد على أهمية مساعدة الفئات المحتاجة، إذ قال: "سأستمر في مساعدتهم ودعمهم لأنهم يستحقون ذلك، ويجب أن نحس بمعاناتهم لأن كل واحد منا يمكن أن يتعرض لحادثة، لا قدر الله، ويصبح معاقاً، ويعاني مثل هذه الصعوبات".