عاشت محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، اليوم الثلاثاء، على وقع التوتر منذ بدايتها؛ وذلك بعد إعلان ممثل النيابة العامة رفض قائد حراك الريف، ناصر الزفزافي، المثول أمام هيئة الحكم. وشهدت الجلسة التي انطلقت متأخرة، بسبب غياب ناصر الزفزافي، بينما حضر المعتقلون الآخرون، تأكيد ممثل النيابة العامة، حكيم الوردي، على أن قائد الحراك بمعية ثلاثة معتقلين رفضوا المثول أمام الهيئة. ويتعلق الأمر حسب نائب الوكيل العام بكل من جواد الصيباري، وعلي الحدود، وجمانة مونة، والذين رفضوا حسب تقرير صادر عن مدير السجن المحلي عين السبع (عكاشة) المثول أمام المحكمة، مشيرا إلى أنهم "عرضوا على طبيبة المؤسسة السجنية، وتبين أن وضعهم الصحي مستقر وعاد، لكنهم رفضوا الامتثال إلى أمر الحضور". وطلبت النيابة العامة في مرافعتها من هيئة الحكم، التي يرأسها علي الطرشي، استئناف الجلسة، مع توجيه إنذار للمتهمين الأربعة، مؤكدة أنها قامت بزيارة المعتقلين الخميس والجمعة الماضيين بالسجن، وجرى الاستماع لمطالبهم وتحرير تقرير مفصل، ومشددة على ضرورة الحيلولة دون الاستمرار في إطالة المحاكمة وتطبيق الفصل 423 من القانون الجنائي، الذي ينص على إخبار المتهمين وإحضارهم ولو استدعى الأمر استعمال القوة العمومية. ولم يرق للنقيب عبد الرحيم الجامعي هذا الأمر، فانتفض معارضا ما جاء على لسان ممثل الحق العام، مطالبا القاضي علي الطرشي بانتداب أحد أعضاء الهيئة من أجل البحث في الأسباب التي كانت وراء رفض الزفزافي والمتهمين الثلاثة الآخرين الحضور على غرار باقي المعتقلين والمثول أمام المحكمة. وشدد النقيب الجامعي على أن التقرير الذي تقدم به ممثل النيابة العامة عن إدارة السجن المحلي "لا سند له ومجانب للصواب"، ملتمسا الوقوف على حقيقة عدم إحضار المعتقلين من المؤسسة السجنية التي يقبعون فيها. واسترسل النقيب، وهو يرد على النيابة العامة، بأن التقرير "ليس وثيقة رسمية، بل مجرد إخبار بالحضور؛ ناهيك عن غياب أي فحص صحي لفائدة المعتقلين، وبالتالي وجب إجراء خبرة طبية للتأكد من وضعهم". وانتفض معتقلو الحراك بعد سماعهم ما ورد على لسان النيابة العامة، إذ كذب نبيل أحمجيق، الذي يوصف ب"دينامو الحراك"، ما جاء في المرافعة قائلا: "ما جاءت به النيابة العامة كذب، والمعتقلون يتعرضون للتضييق حتى لا يتسنى لهم الحضور والدفاع عن أنفسهم". وأمام الغليان والاحتقان الذي شهدته القاعة رقم 7 بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، سقطت والدة المعتقل محمد جلول مغمى عليها، وهو ما اضطر إلى نقلها على الفور صوب المستعجلات لتلقي العلاجات الضرورية. وجرى رفع الجلسة من طرف رئيسها علي الطرشي من أجل تفعيل الفصل 423 من المسطرة الجنائية الذي طالبت به النيابة العامة، كما توجه عدد من المحامين صوب سجن "عكاشة" من أجل معاينة الزفزافي ومن معه، الرافضين للمثول أمام المحكمة. من جهة أخرى، انتفض الصحافي حميد المهداوي، مدير موقع بديل، المتابع بالمس بسلامة أمن الدولة، والذي تم ضم ملفه إلى ملف معتقلي حراك الريف، إذ تحدث عن معاناة أسرته وتنقلها أسبوعيا من مدينة سلا صوب الدارالبيضاء لمتابعة المحاكمة. وأكد المهداوي قبل أن يتم طرده من الجلسة أن أسرته، وخاصة زوجته، تتكبد معاناة التنقل، الذي لا تملك ثمنه، وقال مخاطبا المحكمة: "أخطأتم بضمكم ملفي إلى ملف المعتقلين..والمفسدون هم العصابة التي فضحتها واتصلت بي هاتفيا"؛ وهو يقصد المحادثة الهاتفية مع شخص من هولندا، كانت وراء اعتقاله بسبب عدم التبليغ عنها. وشهدت الجلسة حضورا مكثفا لأعضاء هيئة الدفاع عن المعتقلين، والذين كانوا قد انسحبوا في الجلسة السابقة، وذلك احتجاجا على كونهم تقدموا "بمسألة عارضة تتعلق بالوضعية المأساوية للمعتقلين، والتضييقات التي يتعرضون لها، والتي اشتدت خلال الأيام الأخيرة، من سجن انفرادي وحرمان من أبسط الحقوق، ومن معاملة قاسية ومهينة وحاطة من الكرامة، بلغت حد استعمال العنف في حق أحد المعتقلين، ما ترتبت عنه آثار ظاهرة". وأكد الدفاع، في بلاغ سابق، على أنه "أثناء جواب النيابة واعتراض الدفاع، رفع رئيس هيئة المحكمة الجلسة للمداولة في القضية العارضة، دون استكمال الاستماع للأطراف، لتخرج المحكمة من المداولة بعد حيز من الزمن وتعلن قرارها بصرف النظر عما أثير".