"بِدعة" جديدة لجأت إليها بعض شركات حافلات النقل الحضري في المغرب جعلت الأشخاص في وضعية إعاقة محرومين من الاستفادة من خدمات النقل العمومي. ففي مدينة فاس، وقبلها تطوان، أضحى هؤلاء، وخاصّة مستعلمي الكراسي المتحركة، ممنوعين من الولوج إلى الحافلات بسبب تزويد بواباتها بمعابر حديدية، أو "الرياش" كما يسمّى بالدارجة. سبب تزويد حافلات النقل الحضري في كلّ من تطوانوفاس ب"الرياش"، هو الحيلولة دون تسلّل الركاب إلى الحافلة دون دفع تسعيرة التنقل؛ إذ لم يعُد بإمكان الراكب أن يجتاز البوابة إلا بعد الأداء، لكنَّ الأشخاص في وضعية إعاقة أضحوا مقصيين من ركوب حافلات النقل العمومي لكون البوابات لا تتسع لمرور الكراسي المتحركة، بل إنَّ الباب المخصّص للصعود لم يعُد يُفتح بالكامل، بل يُفتح جزء واحد منه. في مدينة تطوان، أرغم ضغْط المجتمع المدني، ممثلا بالخصوص في الجمعيات المدافعة عن الأشخاص في وضعية إعاقة، على نزع المعابر الحديدية التي سبقت أن جهّزت بها بوابات الحافلات، بيْنما حكمت المحكمة الإدارية بفاس على الشركة المكلفة بتدبير النقل العمومي بالمدينة بنزع تلك المعابر، إثر دعوى رفعا ضدها شاب من ذوي الإعاقة، لكنَّ الشركة استأنفت الحكم، وما زال ذوو الإعاقة بالعاصمة العلمية محرومين من الولوج إلى حافلاتها. تزويد بوابات حافلات النقل العمومي بمعابر حديدية تُعيق ولوج الأشخاص ذوي إعاقة إليها، هُو ضرْبٌ لأحد الحقوق الأساسية للإنسان، وهو الحق في التنقل. والمثير في هذا الإجراء، هو أنّه يأتي في ظلّ دستور 2011 الذي جاء بعدد من المكتسبات لهذه الشريحة الاجتماعية، ومن ضمنها أنّ السلطات العمومية تقوم بإدماجهم في الحياة العامة والاجتماعية، وتيسير تمتعهم بالحقوق والحريات المعترف بها للجميع، بحسب الفصل ال34. "هناك مفارقة غريبة، وهي أنَّه في الوقت الذي جاء فيه الدستور ليُلغي التمييز على أساس الإعاقة، نرى تكريسا لهذا التمييز على أرض الواقع"، يقول عبد الملك أفريح، باحث في الإعاقة رئيس شبكة الجمعيات العاملة في مجال الإعاقة بالشمال، مُحمّلا مسؤولية إقدام شركتي النقل بتطوانوفاس على وضع معابر حديدية في بوابات الحافلات للسلطات وللمجالس الجماعية، على اعتبار أنّ النقل الحضري من اختصاصها، وهي التي يجب أن تراقب طُرق تدبيره. وانتقد أفريح بشدّة لجوء شركتي النقل الحضري في كل من تطوانوفاس إلى هذه المقاربة، مبرزا أنّ شركات التدبير المفوّض لها مسؤولية اجتماعية ولا يجب أن تفكر فقط في كيفية جنْي الأرباح، وقال: "نعرف جيدا أنّ منطق الربح هو الذي يحكم الشركات الدولية العاملة في هذا المجال، لكن هناك دفاتر تحمّلات يجب تطبيق بنودها بصرامة، والأهمّ من ذلك أنّ لدينا دستورا يحظر التمييز بين المواطنين على أساس الإعاقة". واعتبر الفاعل الجمعوي أنَّ المشكل الذي طرَحه حرمان الأشخاص ذوي الإعاقة من الولوج إلى حافلات النقل العمومي في تطوانوفاس ليس سوى جزء من مشكل كبير ما زال مطروحا في المغرب، وهو غياب الولوجيات الخاصة بهذه الشريحة من المجتمع بشكل عام، مؤكّدا أنّ تجاوز هذا المشكل الكبير يُوجب أن تتوفّر كل مدينة على التصميم المديري للولوجيات.