رغم الانقسام المثير في الشعارات، التي رفعها داعمون للقضية الفلسطينية داخل مسرح محمد الخامس، مساء الخميس بالرباط، حول هوية القدس بين "العربية" و"الإسلامية"، فإن المهرجان الحاشد، الذي عرف حضور وفد فلسطيني يترأسه عيسى قراقع، وزير الأسرى والمحررين بالسلطة الوطنية الفلسطينية، وأسرى محررين، كان ناجحا وبعث أكثر من رسالة سياسية داخلية وخارجية. وكان أبرز موقف عبرت عنه فعاليات المهرجان الخطابي، الذي نظمته مجموعة العمل الوطنية لأجل فلسطين تحت شعار "القدس عاصمتنا والأسرى عنوان قضيتنا"، هو الدعوة إلى مقاطعة المؤسسات الأمريكية الرسمية بالمغرب، تماشيا مع موقف السلطة الفلسطينية القاضي بعدم استقبال أي مسؤول أمريكي، ردا على قرار واشنطن الاعتراف بالقدس عاصمة وحيدة لإسرائيل. وكالعادة في كل شكل تضامني مع فلسطين، رفع الحاضرون بالمهرجان، الذين غصت بهم القاعة الكبرى والطابق العلوي لمسرح محمد الخامس، شعارات غاضبة من أمريكا وإسرائيل والأنظمة العربية، من قبيل: "الموت لإسرائيل، عدوة الشعوب، مثيرة الحروب"، "الأنظمة تساوم، والشعوب تقاوم"، و"عالقدس رايحين، شهداء بالملايين"، و"يكفينا من الحروب، أمريكا عدوة الشعوب". ولم تخل الهتافات من عبارات قومية وإسلامية، كالهتاف ب"القدس عربية" وتارة "القدس إسلامية"، إلى جانب "سيري يا حماس، انت المدفع وحنا رصاص"، مع شعارات تهتف باسم الوحدة الوطنية بين الفصائل الفلسطينية، قبل أن تطالب شعارات بوقف التطبيع مع إسرائيل، من خلال شعار: "فلسطين أمانة، والتطبيع خيانة". اللقاء الجماهيري، الذي حضره أسرى فلسطينيون محررون من سجون الاحتلال، وضمنهم قادة من حركتي "فتح" و"حماس"، استهله خالد السفياني، الناشط المغربي والمنسق العام للمؤتمر القومي العربي الإسلامي، بالدعوة إلى مقاطعة السفارة والقنصلية الأمريكية بالمملكة، "وكل المؤسسات الأمريكية"، مؤكدا أن من لم يفعل ذلك "خائن"، حيث قال السفياني: "سنقاطعها مقاطعة شاملة، وليذهب إليها الخونة إن أرادوا ذلك". وأضاف أن هذه الخطوة سيتم الإعلان عنها في الأيام القادمة بشكل رسمي من طرف هيئات ومنظمات مغربية، مستطردا: "سنفعل ذلك لتعلم أمريكا أننا إذا طالبنا في السابق بقطع العلاقات مع الصهاينة، بما فيها الدول العربية والإسلامية، فسنقاطعها مقاطعة شاملة". وقال إن "الكيان الصهيوني يعيش على سرير إكلينيكي وهو في أضعف حالاته، بينما تعيش المقاومة أحسن حالاتها، والشعب الفلسطيني كذلك لأنه شعب جبار". وفي كلمة له باسم مجموعة العمل الوطنية لأجل فلسطين، قال عبد القادر العلمي إن تنظيم المسيرات الحاشدة والمهرجانات الخطابية "تدعم معنويا الفلسطينيين، لكنها لا تكفي ولا تحقق التأثير المطلوب"، داعيا إلى "مواقف عملية"، وخص بالذكر "وضع حد لأشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني، الذي يعني التنكر لحق الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه وأرضه". وأكد العلمي أن التعامل مع إسرائيل مرفوض "لأنه كيان غاصب وهم مجرمون وإرهابيون وعنصريون سرقوا فلسطين من أهلها"، مشيرا إلى أن الأصوات الرافضة لتطبيع العلاقة مع إسرائيل "يجب أن تصل إلى من يهمهم الأمر"، مطالبا في هذا السياق بضرورة الإسراع بإخراج مقترح القانون المغربي القاضي بتجريم التطبيع مع إسرائيل. من جانبه، أشار جمال الشوبكي، سفير فلسطين بالمغرب، إلى أن حلول الوفد الفلسطيني بالمملكة يأتي في سياق "نقل صورة النضال في فلسطين والدفاع عن عن القدس ورفض القرار الجائر للإدارة الأمريكية بجعل القدس عاصمة لإسرائيل"، مضيفا أن "الزيارة تأتي أيضا لتقديم الشكر للمملكة المغربية، ملكا وحكومة وشعبا وأحزابا وبرلمانا وجمعيات.. فلا ننسى أن المغرب وقف منذ الوهلة الأولى رافضا القرار الأمريكي الظالم، الذي يخالف كل القوانين والأعراف الدولية". عيسى قراقع، وزير الأسرى والمحررين بالسلطة الوطنية الفلسطينية، توجه بالشكر إلى "جلالة الملك محمد السادس، ورئيس الحكومة الدكتور سعد الدين العثماني، والشعب المغربي أحزابا ومؤسسات وأحرارا وثوارا"، مضيفا: "أحمل إليكم رسالة وتحية من الرئيس أبو مازن والقيادة الفلسطينية وأسرانا وشعبنا الصامد على أرضه وفي قدسه، عاصمة دولتنا المستقلة والحرة".