على غرار باقي القطاعات، شهدت سنة 2017 أحداثا كثيرة على المستوى الفني جعلت منها سنة مضطربة، بعد أزمة "البلوكاج الحكومي" الذي أثّر سلبا على صرف الدعم المخصص لكل من المسرح، الكتاب، والمهرجانات، قبل أن يتم الإفراج عن شطره الأول في نهاية السنة. وعلى الرغم من الاضطراب الذي عاشه القطاع طيلة هذه السنة، إلا أنّ المهنيين أجمعوا، في تصريحات لهسبريس، على كون هذه السنة عرفت إنتاجا غزيرا وعطاءا متواصلا أغنيا المشهد بإبداعات في المستوى المطلوب. مسرح مضطرب أمين ناسور، كاتب ومخرج مسرحي، وصف 2017 ب"السنة المضطربة"، موضحا أنّ "البلوكاج الحكومي خلق اضطرابا في الموسم المسرحي؛ الشيء الذي أدّى بالمسرحيين إلى الدخول في نضال طويل من أجل الحفاظ على مكتسباتهم ونيل مستحقاتهم"، مضيفا: "لا نلوم الوزير الوصي على القطاع، ونعلم أنّ البلوكاج مسألة إدارية، لكن بعد تعيين محمد الأعرج على رأس الوزارة أخذ هذا البلوكاج منحى آخر، وعرف مجموعة من الاضطهادات، لم يتم حلها إلى غاية متم السنة". في مقابل ذلك، اعتبر ناسور أن السنة "اتسمت بتنوع مسرحي مهم وأعمال عالية الجودة، خاصة تلك التي يشرف عليها مخرجون وممثلون شباب، ولقيت نجاحا كبيرا داخل المغرب وخارجه، وحصدت جوائز عربيه مهمة، وصالحت الجمهور مع قاعات العروض المسرحية"، ولاحظ "إقبال فئة فتية على المسارح لمتابعة تجارب مسرحية رائدة". وخلص المخرج والفنان المسرحي إلى أن دعم الدولة ل"أب الفنون" يظل ضعيفا، مقارنة مع المجهودات الجبارة التي يقوم بها الفنانون، داعيا إلى إحداث ترسانة قانونية منظمة للقطاع، والإفراج عن النصوص التنظيمية لقانون الفنان. حصيلة مخيبة للآمال أمّا على مستوى الفن السّابع، فاعتبر الناقد السينمائي، عبد الإله الجواهري، أنّ حصيلة السنة لم تتفوق على نظيرتها في 2016 من حيث الكم والكيف، قائلا إن سنة 2017 "عرفت تغليب السينما التجارية على الأفلام الجادة، حيث تمّ إنتاج حوالي 20 فيلما روائيا طويلا وأزيد من 50 فيلما قصيرا". وأضاف: "ماعدا فيلم (عرق الشتا) للمخرج حكيم بلعباس الذي استطاع أن ينقذ ماء وجه السينما المغربية، دون احتساب فيلم (بورن أوت) للمخرج نور الدين الخماري، وفيلم (وليلي) لفوزي بنسعيدي، اللذين لم يتم عرضهما بعد في القاعات السينمائية، يتضح أنّ هناك إرادة سياسية حقيقية للنهوض بالسينما المغربية والانكباب على تحسين وتطوير القوانين المنظمة للمهنة، لكنها لازالت لم تخرج إلى حيز الوجود، وبالتالي لا يمكن إصدار أحكام مطلقة عليها". الجواهري أشار في حديثه إلى إصدار الحكومة السابقة لعدد من القوانين التنظيمية، ودفاتر التحملات، والكتاب الأبيض، من أجل تأهيل القطاع، إلاّ أنّ "تطبيقها أدى إلى نتائج عكسية". ورغم إشادته بصندوق دعم الثقافة الحسّانية، اعتبر الجواهري أنّ الحصيلة الفنية لهذا الصندوق مخيبة للآمال، ودعا في هذا الصدد إلى تضافر الجهود من أجل الرقي بالسينما المغربية ورفع الراية المغربية في المهرجانات العالمية، وإيجاد حلول لأزمة الإنتاج التي يعيشها الفن السابع المغربي. تحسن ملموس وفي تقييمه للأعمال التلفزيونية، أشاد الناقد المغربي، مصطفى الطالب، بتحسن الأعمال الدرامية في الجانب الفني وملامستها للقضايا الاجتماعية، وقال: "الدراما التلفزيونية عرفت تحسنا كبيرا نلمسه في أداء الممثلين، لكن العيب والعار أن نسجل في هذه السنة، كباقي السنوات، ارتباط الإنتاج الدرامي بشهر واحد في السنة"، مضيفا: "على المسؤولين الالتفات إلى الأعمال التاريخية والأدبية، لأن السيتكومات أصبحت تعيد نفسها من حيث المضمون دون المجيء بأفكار جديدة". وعلى مستوى البرامج، قال: "رغم محاولة القنوات المغربية التجديد في البرامج، إلا أنّها لم تنسلخ عن التصور ذاته الذي يكرر نفسه كل سنة وبكل القنوات"، داعيا إلى "التفكير في برامج تطرح للنقاش قضايا الإبداع ومشاكله في بلاطو موحد يجمع بين جميع التصورات". لوبي متحكم إلهام زروق، منتجة ومديرة الأعمال، قالت إنّ "الأغنية المغربية الشبابية عرفت تحولا مهما خلال هذه السنة من النمط المغربي الممزوج بالإيقاعات الخليجية إلى لون فني جديد يدعى (راي واي واي)"؛ وهو ما خلق حركية متجددة في السّاحة الغنائية بعيدا عن النمطية والتكرار، مضيفة أنّ "التحول الحاصل على مستوى وفرة الإنتاج في الأغاني والكليبات أدخل المجال في منافسة جديد واستثمار الأغاني والوجوه الفنية المشهورة في مجال الإشهار والسوق الإعلانية". في مقابل ذلك، اعتبرت زروق أنّ المجال يعيش حربا داخلية تتحكم فيها بعض اللوبيات، وتؤثر سلبا على الوجوه الفنية الصاعدة، وقالت: "نجد الوجوه الفنية نفسها تتكرر في كل السهرات والبرامج"، داعية إلى القضاء على اللوبيات المتحكمة في البرامج الإعلامية وإعطاء الفرصة للجميع.