انتقد الكاتب والمفكر المغربي حسن أوريد إخضاع التربية والتعليم لمعايير المحاسبة في القطاع الخاص، مشيراً إلى أن "قطاع التربية يكتسي طابعاً خاصاً"، لافتاً إلى أن "بناء الإنسان والمجتمع يتطلب زمناً طويلاً، ولا يمكن عده وقياسه بالمقياس نفسه المطبق في ميادين أخرى". وتساءل أوريد في ندوة وطنية بكلميم تحت عنوان "ربط المسؤولية بالمحاسبة شرط لازم للحكامة الجيدة"، السبت، قائلا: "جميل جداً أن نتكلم عن المحاسبة في الميدان التربوي، ولكن هل يجوز أن نُطبق القواعد نفسها المعتادة في القطاع الخاص، أو في بعض القطاعات الأخرى؟". واعتبر المتحدث أن "الحكامة في قطاع التعليم يجب ألا تنصرف فقط إلى الجانب المادي، كما قال مسؤول سابق: نْصبغُوا الحيوط ونْصُوبوا الشراجم"، وزاد الأستاذ الباحث قائلا: "في اعتقادي هذا إخلال بالحكامة، هؤلاء المسؤولون يريدون إخضاع قطاع التربية إلى المعايير نفسها التي تطبق على أي قطاع آخر". وأوضح المفكر المغربي أن "قضايا التربية والتعليم ليست حكراً على الدولة وحدها"، مشيراً إلى أنه "لا يمكن أن نترك ملفاً استراتيجياً على عاتق الدولة وحدها". وعبّر المتحدث في الندوة التي نظمتها فيدرالية الجمعيات المهنية للأساتذة بجهة كلميم واد نون عن خشيته من أن "يذهب الفكر إلى شكل المحاسبة وينصرف عن الغاية منها"، وزاد قائلا: "عوض أن تكون المحاسبة وسيلة من وسائل تفعيل المنظومة التربوية وبلوغ الأهداف، تصبح في نهاية المطاف عائقاً وحاجزاً"، وتساءل: "ما العمل حين تكون المحاسبة وسيلة لعرقلة النتيجة نفسياً وإدارياً كذلك؟". وفي محاولة للإجابة عن سؤال الغاية من المحاسبة، قال أوريد: "يُخشى أن تكون المحاسبة مثل كلمة حق يراد بها باطل، وتكون سيف ديموقليس يحُد من عمل الموظفين والمسؤولين؛ وهذا ليس معناه أن الأشخاص في منأى عن الخطأ أيّاً من كانواْ". من جهته، قال عبد الله بوعرفه، مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بكلميم واد نون، في مداخلته، إن "ربط المسؤولية بالمحاسبة في مجال التربية والتعليم يجب أن يكون مبنياً على تعاقد معين بين المُشَغِّل والمشغَّل، خصوصاً في المهام التي ترتبط بميزانيات". وأضاف المتحدث في الندوة المنظمة بشراكة مع جهة كلميم واد نون وجمعية أماكن أن "التعيين يأتي من أحسن الأشخاص من بين مجموعة معينة، وليس بالضرورة أن يكون الشخص المعين هو الذي سيقوم بهذه المهمة بكفاءة". وأوضح أن "تسليم السلط عملية مفصلية في المحاسبة، ولا يجب أن يتم إلا بعد علم المسؤول بدقائق الملفات، وأن يكون على علم بوضعية كل ملف بالفصيل"، مشيرا إلى أن "استمرارية الإدارة أمر مرتبط بضمان الأثر، وتقع المسؤولية على عاتق آخر مدبر، لأّنه أقر بأن كل شيء على ما يرام بعد تسلمه للسلط". عبد الناصر ناجي، رئيس جمعية أماكن، تطرق في مداخلته لموضوع ربط المسؤولية بالمحاسبة في التعليم، وقال إن "المواطن المغربي يأمل في التأسيس لمرحلة سياسية جديدة سمتها الأساس هي ربط المسؤولية بالمحاسبة كشرط لازم لتحقيق الحكامة الجيدة"، مشيراً إلى أن "الحكامة هي مجموعة من القواعد والسيرورات الجماعية الإلزامية والطوعية التي تمكن المؤسسة من تحقيق أهدافها بكل نجاعة من خلال مشاركة الفاعلين المعنيين في بلورة القرارات". وطالب رئيس جمعية أماكن ب"تحديد المسؤوليات تحديداً واضحاً على جميع المستويات كإجراء لا بد منه لربط المسؤولية بالحاسبة"، وزاد قائلاً: "لا يُسأل المسؤول إلا عن المهام التي تدخل ضمن دائرة مسؤولياته، وتتوفر له الإمكانات الضرورية لذلك". يذكر أن هذه الندوة نظمت في قاعة جهة كلميم واد نون، وتندرج في إطار برنامج تنظمه فيدرالية الجمعيات المهنية للأساتذة بجهة كلميم وادنون بالتعاون مع جمعية أماكن وجهة كلميم واد نون. وتطرقت لقضية الرؤية الاستراتيجية للإصلاح التعليم من التصور الى التطبيق، من خلال ندوة عنوانها: ربط المسؤولية بالمحاسبة شرط لازم للحكامة الجيدة.