كشفت التساقطات المطرية التي تهاطلت على عدة مناطق بسوس عن هشاشة البنيات التحتية بمراكز المدن السوسية وهوامشها. ومع أولى قطرات الغيث، تحوّلت معظم الأزقة والشوارع إلى مستنقعات من المياه والأوحال، تسبّبت في شلّ حركة السير في أهم المحاور الطرقية. كما أدّت المياه الجارية إلى اختناق بالوعات الصرف الصحي، بعد أن عجزت عن تمرير مياه الأمطار، فغرقت الأحياء والشوارع. هذه المشاهد أضحت عنوانا لسيناريو ظل يتكرّر، في مثل هذه الفترات من كلّ سنة، في مدن سوس والمراكز المُحيطة بها، وتؤدّي إلى إحداث الخلل في حركة السير والجولان، بالإضافة إلى تعسير وصول التلاميذ إلى المؤسسات التعليمية والعمال والمستخدمين والموظفين إلى مقرّات عملهم، زيادة على اقتحام المياه لمنازل ومحلات تجارية من غير استئذان. ففي مدينة إنزكان، على الرغم من الكميات المتواضعة من التساقطات المطرية التي تهاطلت على المدينة، فقد كافية لتغرَق وتتنفس تحت الماء، حيث ارتفع منسوب المياه الجارية على الطرقات، في أحياء الرمل والدشيرة وترّاست والجرف وإنزكان المركز وغيرها؛ وهو ما اختنقت معه حركة السير عند أهم المحاور، وتوقّفت سيارات الأجرة عن خدماتها، فكان الارتباك سائدا لدى المواطنين، أمام تكرار سيناريوهات السنوات الماضية، دون أن يلمسوا من مسؤولي هذه المدينة التجارية حلولا جذرية لمثل هذه الانشغالات. وفي منطقة الدراركة، حوصر العشرات من التلاميذ والسيارات بفعل ارتفاع منسوب مياه "واد الفاصل"، بين دوار دار بوبكر وتدوارت، قسم المنطقة إلى شطرين، حيث استحال اجتيازه، وبفعل غياب منشآت فنية في مقاطع من الوادي، أسهم في ارتفاع منسوب المياه واتساع رقعتها على هذا الوادي؛ وهو ما جعل كل محاولة متهورة لاجتيازه ضربا من المغامرة المحفوفة بكثير من المخاطر. وفي مركز القليعة، تحوّل الشارع الرئيسي الذي يخترقه إلى برك مائية، انضافت إلى الحالة المتردية التي يوجد عليه أصلا، بفعل مخلفات الأشغال تمرير قنوات الماء الشروب والصرف الصحي، فعاد المشهد المألوف لدى الساكنة المحلية في الظهور من جديد، من غير أن يكتب لهذا الشارع الرئيسي الضيق أن تتجدّد ملامحه يوما ما، حيث زادته التساقطات المطرية مزيدا من التشويه، فغرقت السيارات والبشر في المياه والأوحال. أما وسط الأحياء العشوائية المحيطة بالمركز سالف الذكر، فسكانها ألفوا "المعاناة" في الحر كما في الشتاء، مع استمرار البنيات التحتية ذاتها، التي تؤثث أحد أكبر التجمعات السكانية بسوس. وفي تزنيت، أدت التساقطات المطرية التي تهاطلت على المدينة إلى انقطاعات متكررة للتيار الكهربائي، شملت أحياء المدينة وعددا من الجماعات الترابية بالإقليم، وعاشت معها الساكنة الليل في الظلام الدامس، إلى حدود ساعات متأخرة من الليل، ضمن عزلة قاهرة، تتكرر مع كل تساقط للأمطار؛ وهو ما أربك الحركة بالمناطق التي شملها الانقطاع. انقطاع التيار الكهربائي في أحياء دو تركا والنهضة والمدينة العتيقة وتفركانت الكبير وإكي واسيف وغيرها، رافقه انتقادات نشطاء فيسبوكيين لمدبري الشأن المحلي؛ فمنهم من علّق على الأمر مازحا بكون انقطاع الكهرباء حين يجتمع بالبرد القارس وهطول الأمطار، التي تُعري عورة البنية التحتية المحلية، فإن المسؤولين يهدفون من وراء ذلك إلى التذكير بالزمن الجميل، حين يستعمل المواطن وسائل تقليدية في الإضاءة، والإنصات إلى حكايات الجدات، كما وصفت تعليقات منتقدة أخرى المنظر ب"الجميل والشاعري لتزنيت تحت الماء"، وأخرى مطالبة ب"تنظيم مهرجان للسباحة في الظلام الدامس".