قررت السلطات السعودية الاثنين رفع الحظر المفروض على دور السينما وإعادة فتحها أمام الجمهور بعد عقود من الإغلاق، في خطوة إصلاحية جديدة تستكمل سلسلة بوادر الانفتاح الاجتماعي الأخيرة في المملكة. وأوضحت الحكومة أنها ستبدأ منح التراخيص فورا، على أن تعرض أول الأفلام في دار للسينما ابتداء من مارس المقبل، في قرار تاريخي قد يساعد على إنماء قطاع صناعة الأفلام في المملكة. ويمثل قرار إعادة إحياء قطاع السينما تحولا اجتماعيا كبيرا في السعودية التي تروج منذ أشهر لقطاع الترفيه، وهو حجر الأساس في الخطة الاقتصادية الاجتماعية الإصلاحية التي طرحها ولي العهد الشاب الأمير محمد بن سلمان في 2016، رغم معارضة المتشددين. وقالت وزارة الثقافة السعودية على موقعها الإلكتروني إن "مجلس إدارة الهيئة العامة للمرئي والمسموع (...) وافق في جلسته اليوم الاثنين على إصدار تراخيص للراغبين في فتح دور للعرض السينمائي بالمملكة"، موضحة أن "من المقرر البدء بمنح التراخيص (...) خلال مدة لا تتجاوز 90 يوماً". وأوضحت الوزارة في بيان أن "الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع ستبدأ في إعداد خطوات الإجراءات التنفيذية اللازمة لافتتاح دور السينما في المملكة بصفتها الجهة المنظمة للقطاع"، وتابعت بأن "محتوى العروض سيخضع للرقابة وفق معايير السياسة الإعلامية للمملكة"، مؤكدة أن هذه "العروض ستتوافق مع القيم والثوابت المرعية بما يتضمن تقديم محتوى مثر وهادف لا يتعارض مع الأحكام الشرعية ولا يخل بالاعتبارات الأخلاقية في المملكة". ومن المتوقع أن يعاد افتتاح 300 دار للسينما في المملكة تضم أكثر من ألفي شاشة عرض بحلول العام 2030، وفقا للوزارة. كما أن من المتوقع أن يفصل بين النساء والرجال داخل دور العرض. "يوم جميل" في فترة الثمانينيات، شن رجل دين متشددون في المملكة حملة ضد دور السينما، معتبرين أنها تشكل "تهديدا" للهوية الثقافية والدينية للسعودية، ما أدى إلى إغلاقها. وكان مفتي السعودية الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ حمل بعنف في يناير الماضي على إمكانية فتح دور للسينما، مؤكدا أنها مصدر "ضرر وفساد". وجاءت هذه التصريحات ردا على إعلان هيئة الترفيه السعودية التابعة للحكومة مشروع إصدار تراخيص للحفلات الغنائية، ودراسة إنشاء دور للسينما. إلا أن السلطات تبدو أكثر قدرة على التعامل مع المواقف الرافضة لبوادر الانفتاح الاجتماعي والتنويع الاقتصادي. ففي نهاية شتنبر الماضي أعلنت السعودية السماح للمرأة بقيادة السيارة ابتداء من يونيو المقبل. والسعودية هي الدولة الوحيدة في العالم التي تحظر على المرأة قيادة السيارة ضمن مجموعة أخرى من القيود الاجتماعية الصارمة؛ وقررت أيضا إقامة حفلات غنائية لفنانين أجانب، وفتح ملاعب كرة القدم أمام النساء بدءا من العام المقبل. وقالت المخرجة هيفاء المنصور على حسابها في تويتر بعد قرار إعادة فتح دور السينما: "إنه يوم جميل في السعودية". - نمو اقتصادي - رغم عدم وجود قاعات للسينما، تشهد السعودية نموا مطردا في قطاع الصناعة السينمائية. ويقام منذ سنوات مهرجان للأفلام في مدينة الدمام في المنطقة الشرقية. كما نال فيلم "وجدة" للمخرجة هيفاء المنصور استحسان النقاد حول العالم وحصل على جوائز عدة في مهرجانات عالمية سنة 2013. وتأمل السعودية هذا العام أيضا الدخول في سباق للفوز بجائزة الأوسكار عن الفيلم الكوميدي "بركة يلتقي بركة". وقال المنتج السعودي أيمن طارق جمال على تويتر: "الآن أصبح بإمكان شبابنا وشاباتنا أن يبرزوا إلى العالم قصصا تستحق المتابعة"، وأضاف: "مبروك لجيل 2030"، في إشارة إلى خطة "رؤية 2030" الإصلاحية التي طرحها ولي العهد (32 عاما). وتأمل السعودية أن تؤدي خطواتها الإصلاحية هذه إلى منافع اقتصادية في وقت تحاول المملكة التقليل من الارتهان التاريخي للنفط.