هاجم أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، من وصفهم ب"الأدعياء"، الذين يسوّغون الأعمال الإرهابية بتبريرات دينية، وقال في كلمة ألقاها في الجلسة الافتتاحية للندوة الدولية حول تتبُّع خطّة عمل الرباط (الرباط+5)، المنطلقة صباح اليوم بالعاصمة المغربية، إنَّ الأديانَ جميعها بريئة من العنف ومن الكراهية. وأبرز التوفيق أنَّ الأديان جاءت بنقيض الكراهية ونقيض العنف، جاءت للمحبة والسلام، وزاد موضحا: "هذا الاقتناع يقتضي تبرئة الأديان واتهام أدعياء التديّن من البشر في سياقات تاريخية معيّنة تعدد فيها المسؤوليات وتستحق منا التحليل بدَل الشروع في اتهام الأديان". واستحضر وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربي ما سبَق لمسؤولين مغاربة أنْ بيّنوه أمام مجلس الأمن الدولي سنة 2014، بدعوة من المجلس، لشرح مقاربة المغرب لمواجهة الإرهاب، حيث أكدوا أنَّ الإرهاب لا يوجد له سنَد في الإسلام، كما يفهمه أزيد من تسعين في المائة من المسلمين. التوفيق أردف بأنَّ معالجة الإرهاب رهينة بأن تكون مبنية على تشخيص صحيح، "أيْ معرفة أصل الداء وطبيعته"، مضيفا أنه "لا ينبغي الاكتفاء بالنصوص، أي ربط الإرهاب بمقولات الدين، بل هناك عناصر ومتغيرات وازنة منها مراعاة السياق التاريخي الحالي، الذي يهيّئ لاستقبال أفكار الإرهاب، ما دام الإرهاب يعبئ باستعمال الدين". ونبّه التوفيق إلى خطورة "الفكرة المثالية" الراسخة في الدين، باعتباره دعوة إلى اكتمال الإنسان، إذا فُهمتْ على أنّها الكمال المُحقّقَ، سواء تعلق الأمر بالحاكمين أو المحكومين، ونُظر إليها على أنها الشرْط في التدّين، موضحا أنّ "الواقعية التي يُقرّها القرآن في حق الإنسان المخلوق بضعفه وعَجلته وأخطائه هي التي تتناسب مع الربوبية المتّسمة بالإحاطة واللطف والتوبة والغفران". وأردف وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بأنَّ على علماء الدين "أن يبيّنوا واقعية السّنن والتدافُع والاجتهاد سعيا إلى الاكتمال، بدَل ترْك صورة الفهم المثالي على غير حقيقته يغذّي عند المتدينين، ولاسيَما عند ضعاف النفوس، الاستعداد لتقبّل الإرهاب من أجل تحقيق عالم مثالي غيرِ مُمكن أصلا". وفيما نأى التوفيق بالدين عن الإرهاب، قال إنَّه ينبغي الإقرار بأنّ الناس المعنيّين بالحياة والمهدّدين بالإرهاب "يجدون أنفسهم في عالَم يشكو من الالتباس في شؤونه وعلاقاته على المستوى المحلي والدولي، وذلك بخصوص قضايا المشروعية والعدل ونَمَط الحياة وتدبير الحرية ومكانة الدين كمرجع لمَعنى الحياة". وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية نبّه إلى خطورة الالتباس الكامن في ما وصفه ب"الاختزال المغرض" لفهم ظاهرة الإرهاب، وذلك بنسْبتها إلى "دين جاء بالسلام من إله السلام؛ دين مبني على إفشاء السلام ويدعو إلى دار السلام"، مضيفا أنّ "انهزام التجارب الأولى للإرهاب المرصوص قد تتبعُه أنماط من الإرهاب المبثوث، يتعيّن التعايش معها بثبات وصرامة ما بقيَتْ أسبابها في النظام العالمي".