يبدأ الزعيم الليبي معمر القذافي الاثنين زيارة لفرنسا تستغرق خمسة أيام ينتظر أن يوقع خلالها عقودا تجارية بمليارات الدولارات، في أول زيارة له لهذا البلد منذ عام 1973. "" وأعلن قصر الإليزيه أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي سيستقبل الزعيم الليبي مرتين الاثنين والأربعاء، في حين أعلن نجل القذافي سيف الإسلام أن طرابلس ترغب في شراء طائرات إيرباص ومفاعل نووي و"تجهيزات عسكرية عدة" بأكثر من ثلاثة مليارات يورو. وأعرب ساركوزي عن أمله في أن تسمح زيارة القذافي "بتوقيع عدد من الاتفاقيات الاقتصادية" حيث إن منظمة رجال الأعمال ترغب في الاستفادة من انفتاح دولة تصنف ثالث منتج للنفط في أفريقيا. ولم تخف طرابلس ارتياحها لذلك التطبيع، وقال سيف الإسلام إن الزيارة تدل على أن العلاقات بين البلدين وصلت إلى قمة مستوياتها. وسيستقبل القذافي في الجمعية الوطنية، كما سيلتقي "مفكرين" من أعضاء الجالية الأفريقية واليونسكو وسيزور قصر فرساي الشهير ويشارك في "رحلة صيد". وتبعا "لتقاليد الصحراء" نصبت خيمته في حديقة مقره الرسمي في فندق ماريني. ويصل القذافي بعد سلسلة من التصريحات المثيرة أدلى بها في قمة لشبونة الأوروبية الأفريقية حيث اعتبر أنه "من الطبيعي أن يلجأ المستضعفون إلى الإرهاب". وأكد له ساركوزي في لشبونة أنه "سعيد جدا" باستقباله ثم برر مطولا دعوة القذافي إلى باريس. وأضاف ساركوزي "قلت للعقيد القذافي إنني سأشجع عودته إلى الاحترام الدولي"، مضيفا "أما بشأن ما تبقى، فله شخصيته ولا تعليق على ذلك". وشدد ساركوزي على أنه لم يتوجه إلى ليبيا في يوليو/تموز الماضي إلا عندما تم الإفراج عن الممرضات والطبيب البلغاريين بعد ثماني سنوات من الاعتقال في السجون الليبية. تصريحات كوشنر وفي المقابل شدد وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنر على أن استقبال القذافي في باريس لا يعني نسيان من وصفهم بضحايا النظام الليبي باسم "السياسة الواقعية". وتساءل كوشنر في مقال ينشر الاثنين في صحيفة "لاكروا" عما إذا كان تزامن هذه الزيارة مع الذكرى السنوية لتبني الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فأل خير، أم استفزازا؟. وأضاف "يتذكر كل الناشطين وبالتالي أنا شخصيا، أن الرئيس الليبي كان منتهكا محترفا لحقوق الإنسان وكان يدعو إلى قيام إسلام فاتح". وشدد كوشنر على أنه "من غير الوارد نسيان أسماء الضحايا الذين نسب إليه مصرعهم. من غير الوارد نسيان أي من عذاباتهم حتى ولو تخلى القذافي عن أسلحة الدمار الشامل ونأى ببلاده عن الإرهاب". انتقادات وواجهت زيارة القذافي لفرنسا انتقادات جمة من المعارضة ومن منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان. ورفض الاشتراكيون استقبال القذافي في الجمعية الوطنية. وقالت منظمة العفو الدولية لساركوزي إنه يستقبل "ديكتاتورا"، في حين رفعت جمعية "تشيرنوبلاي" المناهضة للنووي دعوى ضد القذافي بتهمة "التعذيب" وطالبت بتوقيفه. من جانبه دافع الحزب الحاكم "الاتحاد من أجل حركة شعبية" عن "السياسة الواقعية" التي ينتهجها ساركوزي، معتبرا ان مسألة بيع الأسلحة لم تعد من "المحرمات" منذ رفع الحظر الأوروبي عن ليبيا. وتجهد فرنسا لبيع عشر طائرات قتالية من طراز رافال بقيمة خمسين مليون يورو لم تنجح في تصدير أي واحدة منها بعدُ. وكانت باريس أبرمت اتفاقا حول النووي المدني والتعاون العسكري مع ليبيا غداة الإفراج عن الممرضات والطبيب البلغاريين. وتحاول لجنة برلمانية تحديد ما إذا كانوا تم الإفراج عنهم بمقايضة. ولعبت باريس دورا جوهريا في ذلك الملف الذي كان آخر عقبة أمام تطبيع كامل لعلاقات ليبيا مع الاتحاد الأوروبي. وبدأت ليبيا تخرج من عزلتها عام 2003 بعد تخليها عن برنامج أسلحة الدمار الشامل وتعويض ضحايا تفجيري لوكربي في أسكتلندا (270 قتيلا عام 1988) وطائرة دي. سي-10 في أجواء النيجر170 قتيلا عام 1989.