قال محمد بنعبد القادر، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، إن ورش إصلاح الإدارة المغربية سيبدأ بكبار الموظفين العموميين بالمغرب، والذين يقدر عددهم بحوالي 10.722، من كتاب عامين ومفتشين ومدراء مركزيين وجهويين ورؤساء أقسام ومصالح. وأوضح بنعبد القادر، خلال يوم دراسي نظم اليوم الثلاثاء بالرباط، حول موضوع "الحكامة الإدارية بين القطاعين الخاص والعام"، أن "هذه النخبة الإدارية هي التي تحتك بالفاعل السياسي وتنفذ البرامج والإستراتيجيات القطاعية"، واعتبر أن البدء بهذه الفئة سيكون مدخلاً أكثر ملاءمة، وزاد موضحا: "الرأي استقر بعد أشهر من التفكير والاشتغال والمشاورة على أن نبدأ معالجة هذا الجسم المريض من رأسه وليس من قديمه، يعني أن نبدأ بالوظيفة العمومية العليا". وأشار الوزير إلى أن الذكرى الستين لصدور القانون الأساسي للوظيفة العمومية بالمغرب، التي تصادف شهر فبراير المقبل، ستعرف تنظيم أول ملتقى للوظيفة العمومية العليا، لبحث سبل جعل النخبة الإدارية بالمغرب أكثر استجابة للتطلعات التنموية عبر تحسين خدمات الإدارة العمومية، ومن خلال جعلها تشتغل بثقافة التعاقد والأهداف والخضوع للتقييمات وتقديم الحساب. وشدد الوزير بنعبد القادر، خلال اليوم الدراسي الذي انعقد بمقر المدرسة الوطنية العليا للإدارة، على أن المنظومة الحالية للوظيفة العمومية لا تسمح بإفراز الكفاءات، وزاد: "النظام الأساسي للوظيفة العمومية تغيب عنه ثقافة وآليات لتقييم موضوعي حقيقي؛ بل يتعذر اليوم في مختلف القطاعات إخضاع ممارسة موظف لتقييم موضوعي بناء على إنتاجية قابلة للتقييم". وقال بنعبد القادر إن الحكومة مقبلة على مراجعة منظومة الوظيفة العمومية، خصوصاً النظام الأساسي الذي كان أول نص مؤسس لأول جهاز إداري للدولة المغربية العصرية، وكشف أن هذا النص خضع لأكثر من 15 مراجعة وتعديل منذ صدوره في فبراير 1958، "لكنها مراجعات لم تشمل الجوهر وكانت عبارة عن تعديلات جزئية فقط"، وفق تعبيره. وأضاف الوزير: "استقر الرأي على ألا نواصل تعديل هذا النظام الأساسي، بل سنقوم بمراجعته بشكل كلي، خصوصاً أنه لا يتضمن مفهوم الموارد البشرية والتدبير التوقعي لها، إضافة إلى التكوين المستمر والتقييم. كما يجب إدماج مفاهيم جديدة والانفتاح على الممارسة الناجعة، خصوصاً في القطاع الخاص بالمغرب". ويأتي هذا اليوم الدراسي تفاعلاً مع مضمون الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش، الذي أشار إلى المفارقات بين القطاع الخاص الذي يتميز بالنجاعة والتنافسية، بفضل نموذج التسيير القائم على آليات المتابعة والمراقبة والتحفيز، وبين القطاع العام. وحضر هذا اليوم الدراسي عدد من المسؤولين في القطاعين العام والخاص، بهدف تبادل الخبرات والانفتاح على مختلف التجارب الناجحة للرفع من نجاعة التدبير العمومي، ونقل التجارب الناجعة إلى الإدارة العمومية، خصوصاً في مجال تدبير الموارد البشرية.