تزامنا مع الذكرى المئوية لوعد بلفور، والذكرى السبعين لقرار تقسيم فلسطين (1947)، سلطت جريدة هسبريس الإلكترونية الضوء على مستقبل القضية الفلسطينية عبر مناقشة أهم المحطات والأحداث التاريخية التي طبعت مسار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؛ بمشاركة ثلة من الباحثين والمفكرين الدوليين، على هامش الندوة الدولية التي نظمتها "المجلة المغربية للعلوم السياسية والاجتماعية" بجامعة محمد الخامس بالرباط، بمناسبة الذكرى المئوية للوعد البريطاني الذي مهد لقيام دولة إسرائيل. في هذا السياق، قال البروفسيور بجامعة لوفان- بلجيكا، بشارة خضر، إن الدول الأوروبية لم تترجم مواقفها الجريئة التي عبرت عنها بخصوص القضية الفلسطينية على أرض الواقع، وأنها ظلت حبيسة البيانات والبلاغات الرنانة داخل المحافل الدولية، مستغربا عدم تفعيل الغرب لأي إجراء عقابي ضد الكيان الإسرائيلي، رغم احتلاله القدس وتوسيع بناء المستعمرات في السنوات الأخيرة. الدكتور في العلوم السياسية والفلسطيني الأصل، الذي ألف 25 كتابا ويتحدث ست لغات، أكد أن أوروبا تعيش اليوم انقسامات صارخة في مواقفها بشأن القضية الفلسطينية؛ و"هو الأمر الذي ظهر جليا خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 2013 عندما صوتت 13 دولة لصالح رفع التمثيلية الفلسطينية بالمنظمة الأممية مقابل معارضة 14 دولة". وأضاف ضيف هسبريس، ومؤسس مركز الأبحاث حول العالم العربي المعاصر، أن التشرذم في مواقف الغرب يتجلى أيضا في التباين الموجود داخل البرلمان الأوروبي واللجنة الأوروبية والمجلس الأوروبي؛ "الأمر الذي يؤدي إلى إنتاج موقف متردد تجاه فلسطين ويقلل من الدور الجيوسياسي لأوروبا في منطقة الشرق الأوسط". ويرى بشارة خضر أن أوروبا على مدى تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي هُمشت من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية، التي نصبت نفسها راعية للسلام، وترفض أن تنافسها أوروبا في لعب هذا الدور بالمنطقة. من جهة ثانية، تحدث الباحث الأكاديمي الفلسطيني الأصل عن الموقف العربي تجاه القضية الفلسطينية، مشيرا إلى أنه من مفارقات التاريخ أن أوروبا رفعت من علاقاتها مع إسرائيل، بينما تحتفظ بكل مصالحها مع الدول العربية، التي لم تتجرأ على اتخاذ أي ردود فعل قوية تجاه المصالح الأوروبية. وما يبرز الموافقة الضمنية للأنظمة العربية على ما يجري في فلسطين هو عدم تضرر مصالح داعمي إسرائيل، يضيف بشارة خضر، الذي أوضح أن "نسبة التجارة الأوروبية مع العرب تساوي 300 مليار يورو سنويا، وهناك فائض تجاري يصب في مصلحة أوروبا يتراوح ما بين 55 و60 مليارا سنويا". وخلص بشارة إلى أن الموقف الأوروبي من فلسطين مر بمراحل متعددة منذ نشأته في سنة 1947 إلى غاية اليوم؛ موضحا أن المرحلة الأولى شهدت تضامنا كاملا للحكومات والشعوب الأوروبية مع دولة إسرائيل، ماليا وعسكريا، إلى غاية سنة 1967، ومرحلة الحوار العربي الأوروبي، الذي بدأ سنة 1974 بعد أزمة النفط، حيث ظهر موقف آخر يُدافع عن أحقية الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وصولا إلى سنة 1999، تاريخ اعتراف أوروبا بالقدس عاصمة لدولة فلسطين وإسرائيل. يشار إلى ندوة هسبريس شارك فيها، إلى جانب بشارة خضر، كل من ألان غريش، نائب رئيس تحرير جريدة "لوموند ديبلوماتيك" الشهيرة، وإلان بيبي، وهو مؤرخ وأستاذ جامعي في بريطانيا، وعبد المغيث بنمسعود تريدانو، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، ومدير "المجلة المغربية للعلوم السياسية والاجتماعية".