وزارة الداخلية تحصي الشباب المعنيين بالخدمة العسكرية الشباب المدعوين بأداء الخدمة العسكرية لهذه السنة    مُذكِّرات    منظمات تدق ناقوس الخطر وتدعو لتحقيق دولي في جرائم إعدام بمخيمات تندوف واتهامات مباشرة للجيش الجزائري    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    روبيو: على أوروبا أن تقرر ما إذا كانت مستعدة لإعادة عقوبات إيران    ممثلون عن اليهود في بريطانيا يدينون العدوان الإسرائيلي في غزة    احتجاجات بالمزونة التونسية تنديدا بمصرع 3 تلاميذ وبتهميش المدينة    "كان" الفتيان: تحكيم ناميبي للمباراة النهائية بين المغرب ومالي    إيقاف السباح التونسي أحمد الحفناوي 21 شهرا بسبب انتهاكات لقواعد المنشطات    بطولة ألمانيا.. دورتموند المحبط يسعى الى بطاقة دوري الابطال    رغم التأهل.. فليك غاضب من أداء لاعبي برشلونة أمام دورتموند ويطالب بمزيد من الانضباط    توقعات أحوال الطقس ليوم الجمعة    وفاة الفنان المصري سليمان عيد    مهرجان "تيم آرتي" يختار مواهب الراب الشابة في دورة جديدة    وفاة مفاجئة للممثل المصري سليمان عيد عن عمر ناهز 64 عاماً    وفاة الفنان المصري سليمان عيد عن عمر 64 عامًا    ولاية أمن أكادير: هذه حقيقة ادعاءات إحدى منظمات المجتمع المدني حول مزاعم بسوء المعاملة    مجلس الأمن يدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار وعملية سياسية شاملة في السودان    دي ميستورا يستشعر نهاية "المينورسو" .. ضغوط مالية وتغيرات دولية    الرباط: تقييم مدى تقدم الأشغال المتعلقة بإنشاء وإعادة تأهيل الملاعب المستضيفة لمباريات كأس أمم إفريقيا 2025    الرئيس الصيني يختتم في كمبوديا جولته الدبلوماسية في جنوب شرق آسيا    استشهاد 15 فلسطينيا في غارة إسرائيلية جديدة على غزة    توظيف مالي لأزيد من 46 مليار درهم من فائض الخزينة    بعد ستة أشهر من الغياب.. الصحفي حمزة رويجع يكشف الحقيقة بشجاعة: نعم، أصبت باضطراب ثنائي القطب    لجنة دعم إنتاج الأعمال السينمائية تكشف عن مشاريع الأفلام المستفيدة من الدعم    الاعتداء على أستاذ يسلب حرية تلميذ    تطوان.. توقيف شرطي وشقيقين ضمن شبكة لترويج الأقراص المهلوسة وحجز 3600 قرص مخدر    حكم يدين "العراقية" بملف إجهاض    منتخب الفتيان يستعد لنهائي "الكان"    المغرب يعد قوائم الخدمة العسكرية    لاعب يهدد أولمبيك خريبكة بالانتحار    من بينها طنجة.. وزارة الداخلية تتابع تقدم الأشغال المتعلقة بملاعب كأس الأمم الإفريقية 2025 في المدن المستضيفة    عاجل | هزة أرضية قوية تُثير الهلع بمراكش وتامنصورت    ندوة وطنية تتدارس تجربة محمد الشيخي في رؤيا وتشكيل الشعر المغربي    قيادي في حماس: لا نقبل الصفقات الجزئية وسلاح المقاومة حق وموجود طالما بقي الاحتلال    تدشين الشعب المتخصصة في فنون الزجاج بالمعهد المتخصص في الفنون التقليدية بمكناس    ارتفاع معدل التضخم بالمغرب.. والمواد الغذائية على رأس الأسباب    وزير الخارجية الإسباني يشيد بمتانة العلاقات مع المغرب ويصفها بالأفضل في التاريخ    تمغرابيت... كتاب جماعي لمغاربة العالم    توتر داخل دورة غرفة الفلاحة بالشمال.. وأعضاء ينسحبون ثم يعودون لاستكمال الدورة    الأمير مولاي رشيد يترأس بالرباط افتتاح الدورة ال 30 للمعرض الدولي للكتاب    "إعلان الدوحة" يُتوج مؤتمر "إيكاو" بشأن تسهيل النقل الجوي الدولي    صناعة السيارات: افتتاح الدورة الثامنة لملتقى "طنجة المتوسط أوطوموتیف میتینغ"    وزارة الصحة تخلّد اليوم العالمي للهيموفيليا وتطلق حملة تحسيسية وطنية لمكافحة هذا المرض    الأبيض ‬والأسود ‬من ‬تقرير ‬دي ‬ميستورا (2)    تراجع جديد في أسعار المحروقات بمحطات الوقود    العمال الموسميون يرفعون حالات الإصابة ببوحمرون بإسبانيا    محمد السادس للرئيس السوري أحمد الشرع: أنتم تديرون هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ بلدكم الشقيق    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    أكثر من 20 قتيلا ضمنهم أطفال في قصف همجي إسرائيلي على مخيم نازحين    نصائح طبية لمرضى حساسية الحيوانات الأليفة دون الحاجة للتخلي عنها    تسجيل ثالث حالة إصابة بداء الكلب في مليلية خلال أقل من أسبوعين    كلب مسعور على حدود المغرب .. والسلطات الإسبانية تدق ناقوس الخطر    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوروبا والعالم العربي.. رؤية نقدية للسياسات الأوروبية

يسلط كتاب «أوروبا والعالم العربي.. رؤية نقدية للسياسات الأوروبية من 1957 إلى 2014» الصادر عن مركز الجزيرة للدراسات حديثاً، الضوء على تاريخ العلاقات الأوروبية العربية؛ منذ توقيع اتفاقية روما عام 1957.
ويرى مؤلف الكتاب الدكتور بشارة خضر، الأستاذ في جامعة لوفان البلجيكية، أن سياسات الاتحاد الأوروبي في العالم العربي أميل إلى المحافظة منها إلى الرغبة في التغيير، وأن الاتحاد أخفق في تصدير نموذجه الأمني المعتمد على الديمقراطية واقتصاد السوق، مثلما أخفق في تحقيق السلام والنهوض بالمنطقة، رغم ما للعالم العربي من أهمية استراتيجية لأوروبا، ورغم اعتمادها على مصادر الطاقة العربية.
في التعامل مع القضية الفلسطينية، يرى المؤلف أن الموقف الأوروبي انتقل ببطء من التجاهل التام للبعد السياسي للقضية إلى الاعتراف بالحقوق الشرعية للفلسطينيين، «وقد أدان الاتحاد الأوروبي في كثير من البيانات الاحتلال الإسرائيلي، وندد بسياسة الاستيطان وشدد على أهمية إقامة دولة فلسطينية قادرة على العيش إلى جانب إسرائيل، وتسبب هذا التحول في الموقف الأوروبي إلى اتهامه من قبل الإسرائيليين واليهود ذوي الأصول الأوروبية؛ بالانحياز المزعوم تجاه الفلسطينيين».
يرى خضر أن بيانات الاتحاد الأوروبي أسهمت في دعم المطالب الشرعية للفلسطينيين، وكان لها دور كبير في الاعتراف العالمي بالحقوق الفلسطينية، لكنه يرى من جهة أخرى أن الاتحاد الأوروبي ببقائه تابعاً وفياً للولايات المتحدة، وشريكاً ثانوياً في عملية السلام وإخفاقه في إجبار إسرائيل على إيقاف العنف واقتصاره على تقديم المساعدة المالية للفلسطينيين، فقد أخفق في إظهار روح الإصرار والريادة في الشرق الأوسط، «وهو ما أدى في النهاية إلى تسليم دفة القيادة للولايات المتحدة، وكان سبباً فيما شهدته القضية الفلسطينية من مآلات مأساوية».
يصف الكتاب السياسات الأوروبية تجاه الشرق الأوسط بأنها كانت مشوبةً بالتفكك، فبينما كان يضغط على سوريا لإنهاء «احتلالها للبنان» عام 2005، كان يعزز من علاقاته مع إسرائيل التي تحتل الأراضي العربية، وعاقب حماس على فوزها في الانتخابات الفلسطينية سنة 2006 بفرض ثلاثة شروط لم يفرضها قط من قبل على إسرائيل.
ومن أمثلة تناقض الاتحاد الأوروبي، وفق الدكتور خضر، تقديمه الدعم للسلطة الفلسطينية على حساب حماس التي سيطرت على قطاع غزة عام 2007، وهو ما يتعارض مع منهجه تجاه فلسطين من سياسة تهدف إلى تقديم المعونة ومع غايته في النهوض بالديمقراطية.
ويذكر الكتاب أن للاتحاد الأوروبي مصالح حيويةً في المنطقة العربية، حيث تجاوز حجم التجارة بين أوروبا والعرب 300 مليار يورو عام 2013 ، كما أن للعرب مصالحهم في الاتحاد الأوروبي، حيث يعد مستثمراً رئيساً ومانحاً مهماً للمساعدات، لذلك فإن هناك اعتماداً متبادلاً بين العرب والأوروبيين. لكن الاتحاد الأوروبي يجد نفسه في موقف حرج، إذ بينما يقدم نفسه مشروع سلام كبير سيتحقق من خلال التكامل الاقتصادي، فهو يعد نفسه أيضاً داعياً للديمقراطية.
لم يرغب الاتحاد الأوروبي برأي الكاتب في معاداة الأنظمة الحاكمة التسلطية، ومع أن الاتحاد الأوروبي كان يعد نفسه قوةً قادرةً على التحويل، فإن سياساته الفعلية كانت تغذ السير في سبيل الحفاظ على الوضع الراهن، وهذا يفسر – وفق الكتاب - بقاء السياسات الأوروبية بشأن الإصلاح السياسي بادية التناقض. وقد كان الإصلاح السياسي في المفاوضات هامشياً، ويرجع السبب في اتجاه الاتحاد الأوروبي مع الأنظمة الحاكمة التسلطية إلى عودة المخاوف المتأصلة من البديل الإسلامي، وهو ما يلقي الضوء – وفق الكتاب - على عجز الاتحاد الأوروبي عن التعامل مع المصلحين الإسلاميين المعتدلين.
يرى الكاتب أن وقوع الهجمات الإرهابية في مدريد عام 2004 وفي لندن عام 2005، وزيادة تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى الاتحاد الأوروبي، أعاد النموذج الأمني مرةً أخرى إلى مقدمة الأولويات، ولم يعد ثمة حافز للضغط من أجل الإصلاح لتفادي مواجهة الأنظمة العربية المشاركة في سياسة الجوار الأوروبية، وواصل الاتحاد الأوروبي أعماله كالمعتاد مع جيرانه، متنكباً سبيل النهوض بالديمقراطية ومتجهاً إلى الأمن، ويرى خضر أن الاتحاد الأوروبي كان في حيرة من أمره، فقيمه تدعو للضغط من أجل الإصلاح الديمقراطي الحقيقي، فيما تدفعه مصالحه المباشرة للحفاظ على علاقاته الودية مع الحكومات الأوتوقراطية.
ووفق خضر، فإن الاتحاد الأوروبي بتقديمه الأمن على الإصلاح، وتهميشه الجهات الفاعلة في المجتمع المدني، وحفاظه على علاقاته الودية مع الحكام المستبدين، أساء إلى صورته في عيون العالم العربي ولم يحافظ على صورته كقوة معيارية. في الفصل الثالث، يستعرض الكتاب تعامل الاتحاد الأوروبي مع الربيع العربي، وفي هذا الصدد يرى أنه بغض النظر عن المحصلة النهائية للتحول الذي يتسم بالتعقيد، فإن العالم العربي يشهد أحداثاً تاريخيةً تمكنت من تحطيم الكثير من الأساطير التي يتداولها الغرب، مثل أسطورة الاستثناء العربي التي تدّعي أن العرب لا يهتمون بالديمقراطية وأنهم ليسوا مؤهلين لها، أما الأسطورة الثانية التي تحطمت فهي «دكتاتورنا المطيع»، أو نظرية «الوغد التابع لنا» والتي تفترض أن الدكتاتور الموالي للغرب هو الرهان الأفضل عن البديل الإسلامي، والأسطورة الثالثة هي أن العالم العربي نفسه وهم، وأن الدعوة لقيام هوية عربية قد ولّت، والأسطورة الرابعة هي أن الشارع العربي يوسم باللاعقلانية والتقلب، والأسطورة الخامسة هي أن الأنظمة التسلطية راسخة لا تهتز.
تهاوي هذه الأساطير فاجأ الاتحاد الأوروبي الذي أدرك، بعد شيء من التردد، أن عليه التعامل مع القوى المحرّكة الجديدة، واقترح الاتحاد الأوروبي في سعيه للانخراط مع الشعوب وليس مع الحكومات فحسب، أداتين رئيستين، وهما برنامج المجتمع المدني الذي يهدف إلى تنمية قدرات منظمات المجتمع المدني من مراقبة الإصلاح والمشاركة في صنع السياسة ومساءلة الحكومات، والتأكد من أن النمو الاقتصادي يسير في اتجاه تخفيف وطأة الفقر وتحقيق النمو الشامل، والأداة الثانية هي المؤسسة الأوروبية الديمقراطية التي توفر فرصاً جديدةً لدعم الحركات الديمقراطية؛ من خلال استقلاليتها النسبية عن بيروقراطية الاتحاد الأوروبي. لكن المؤلف يرى أن هذه المبادرات الجديدة تنقصها الاستراتيجية الشاملة المطلوبة لتشكيل استجابة مهمة وفعالة للتحديات التي تواجهها المنطقة العربية، ويتساءل إن كان الاتحاد الأوروبي قد فوت على نفسه فرصة تعضيد دوره كجهة فاعلة.
يفرد الكتاب فصلاً خاصاً للعلاقات الخليجية الأوروبية التي يُرجعها إلى التفاعل الاقتصادي المكثف بين الجانبين، وضمان مصالح الجماعة الأوروبية بالوصول إلى النفط. ومما زاد أهمية منطقة الخليج لدى أوروبا - حسب الكتاب - هو أن ما يزيد عن 70 في المئة من واردات الجماعة الاقتصادية الأوروبية من جميع الدول العربي كانت من دول الخليج العربي عام 1981، ولم تتوقف جاذبية دول الخليج على كونها منتجةً للنفط وسوقاً للصادرات وحسب، بل أيضاً ما يتوافر لديها من فائض رأس مال الخليج كانت تبحث عن استثمارات آمنة، لذا كان شغل الدول الأوروبية الشاغل إعادة تدوير هذه الأموال على المدى الطويل، من أجل تعويض العجز الذي تكابده اقتصاداتها.
رغم هذه الأسباب التي يفترض أن تقوي العلاقات الخليجية الأوروبية، يرصد الكتاب أن العلاقة بين الاتحاد الأوروبي والدول الخليجية ظلت منخفضة الوتيرة رغم انطلاقها منذ ثلاثة عقود، وذلك لعدة أسباب، أولها اختلاف طبيعة المنظمتين الإقليميتين. فبينما تسوق الاتحاد الأوروبي دوافع اقتصادية، تحرك مجلس التعاون الخليجي دوافع أمنية، كذلك عدم رغبة الاتحاد الأوروبي في استعداء الولايات المتحدة الأمريكية في منطقة يعدونها محميتهم السياسية. ورغم سعي الاتحاد الأوروبي إلى تحقيق مصلحة حيوية في الخليج، وهي الوصول إلى الطاقة وتأمين إمداداته منها، لكن يشاركه في هذه المصلحة المجتمع الدولي، ولذا يسود الدوائر الأوروبية شعور بأن العلاقات مع دول الخليج لم تعضد المصالح الأوروبية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.