مازال أعداد المقيمين الأجانب بمراكش في تزايد كبير حسب إحصائيات خلال السنوات الأخيرة، إذ تعتبر المدنية الحمراء الوجهة الأكثر شعبية بالنسبة للفرنسيين الراغبين في العمل والإقامة، كما تعتبر الوجهة الأكثر إغراءا للمتقاعدين المسنين الذين يفضلون قضاء بقية حياتهم في مدينة ترحب بالأجانب وتمنحهم امتيازات كثيرة. ويعتبر الكثير من الفرنسيين الذين اختاروا مراكش للإقامة، أن تدني كلفة المعيشة، وانتشار تداول اللغة الفرنسية بالمدينة، والقرب من أوروبا، والاستقرار السياسي، والطابع الاجتماعي للمدينة، والقوانين التي تمنح للأجانب الحق في تملك عقار خاص، مع تنوع المناخ والأنشطة الترفيهية، كلها مغريات يصعب إيجادها في مدينة أخرى بشمال إفريقيا، إلا في مراكش. ويقبل الفرنسيون، بشكل كبير على اقتناء بيوت في المدينة القديمة لطابعها التقليدي العتيق الذي يستهويهم، مع تجهيزها بأغلب الكماليات، وهو ما يصعب عليهم تحقيقه في بلدهم الأصلي فرنسا. كما أن الدولة المغربية تخصم لهم 10 في المائة فقط من الضرائب على الدخل بدلاً من 40 بالمائة لو كانوا في فرنسا. كلها عوامل تحفيزية جعلت الفرنسيين يختارون المدينة الحمراء للاستقرار والعمل وإنشاء مشاريع اغلبها سياحي يتماشي والنمط الاقتصادي للمدنية. وإذا كانت العوامل المحفزة للمتقاعدين للاستقرار في مراكش، هي التكلفة المنخفضة للمعيشة، فإن الأمر يختلف قليلا عند valerie وهي فرنسية تبلغ من 47 سنة وتقيم في مراكش منذ ما يزيد عن 3 سنوات. Valerie أكدت ل"هسبريس" أنها اختارت مراكش بعد أن وجدت كل محفزات الحياة في المدينة الحمراء التي تعتبرها "جنة" صغيرة في الأرض. وأشارت الفرنسية المرحة أن المراكشيين أصحاب نكتة ومبتسمون على الدوام، وهذا عامل مهم للاندماج والاستمتاع بالحياة في هذه المدينة. كما أن بساطة المراكشي تجعل التأقلم معه ومع أجواء المدينة ليس صعبا، حسب المواطنة الفرنسية التي أغرمت بالمدينة الحمراء. ولم تخفي valerie أن الجانب المادي كان له دوره أيضا في اختيارها الاستقرار بمدينة مراكش، خصوصا وأن ضغط العمل، ودخلها في فرنسا لم يعد يلبي كل حاجياتها الحياتية، هذا بالإضافة إلى أن الجو الجاف صيفا والمعتدل في باقي أيام السنة يعتبر محفزا قويا لجذب الفرنسيين للعيش بهذه المدينة التي تدلل المقيمين بها. وتعمل valerie حاليا في مركز للاتصال بقلب مدينة مراكش، حيث تعتبر أن اختيارها هذا العمل جاء بفعل الجو المفعم بالحياة الذي تجده بين زملائهم الفرنسيين والمغاربة في مقر عملها الذي تديرها مغربية تحمل الجنسية الفرنسية. وتؤكد valerie أنها لا تهتم كثيرا بالتفكير في العودة إلى فرنسا، حيث وجدت بمراكش كل عوامل الحياة التي كانت ترغب فيها. ويعمل أغلب الفرنسيين بالمدينة الحمراء في مراكز الاتصال التي تؤسسها المقاولات الفرنسية بالمغرب بفعل انخفاض تكلفتها قياسا بفرنسا، كما يؤسس العديد من المتقاعدين مشاريع سياحية خاصة تندمج في إطار السوق السياحي، والخدمات التي انتعشت بمراكش في السنوات الأخيرة. وعبّر الفرنسيون المقيمون بمراكش، عن تضامنهم مع سكان المدينة إبّان حادث "أركانة" الإرهابي، حيث عمدوا إلى نشر إعلان فيما بينهم عبر الفايسبوك من أجل دعم تجار ساحة جامع الفنا لتجاوز الكساد الذي أصابهم بعد الحادث، وذلك بصرف 250 درهما لكل فرد منهم كتعبير عن تضامنهم مع سكان المدينة التي يقيمون فيها. ومعلوم أن المعطيات تشير إلى أن هناك 30 ألف فرنسي مقيم بالمدينة الحمراء، نصفهم من المتقاعدين الذين اختاروا مراكش لقضاء آخر أيامهم، في حين أن الباقون هم من الفئة النشيطة التي تعمل في مختلف الأنشطة، ومنهم مستثمرون كبار في الأنشطة السياحية على وجه التحديد. [email protected]