اختتمت، مساء اليوم الأربعاء بالصخيرات، أشغال "الخلوة الجهوية من أجل الهجرة" التي نظمت على مدى ثلاثة أيام، وأسهم فيها صناع القرار في وضع خارطة طريق لتفكيك المفاهيم الخاطئة عن الهجرة في إفريقيا عبر وضع تشخيص حقيقي لهذه الظاهرة التي باتت تقض مضجع المنتظم الدولي. وقال عبد الكريم بنعتيق، الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، في كلمة خلال الجلسة الاختتامية، إن الهدف من "الخلوة الإفريقية" هو وضع مقاربة شمولية وتصور موحد ومشترك بشأن "الميثاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية" المرتقب اعتماده سنة 2018. في الصدد ذاته، أكد المسؤول الحكومي أن المغرب يتوفر اليوم على سياسة ناجحة في مجال الهجرة بفضل توجيهات الملك محمد السادس، والتي أصبحت مرجعا رائدا على المستوى الإفريقي، وأشار إلى أنه بناء على طلب ألفا كوندي، رئيس الاتحاد الإفريقي ورئيس جمهورية غانا، وافق الملك على أن يأخذ على عاتقه مسألة الهجرة في أحضان الاتحاد الإفريقي. وتحدث بنعتيق عن التجربة المغربية في مجال الهجرة واللجوء، مؤكدا أنها انطلقت من مقاربة شمولية عملت على تحيين القوانين والتشريعات التي سمحت للمهاجرين بالولوج إلى مجموعة من الخدمات، من قبيل الصحة والتعليم والتكوين المهني؛ وذلك بعد أن أغلقت أوروبا حدودها على وقع الأزمات الاقتصادية التي عصفت بها. وبلغة الأرقام، أشار الوزير بنعتيق إلى أنه يوجد اليوم أكثر من 245 مليون مهاجر عبر العالم، يشكلون نسبة 3.3 في المائة من مجموع سكان الكون، ضمنهم 150 مليون مهاجر اقتصادي و50 مليون مهاجر في وضعية غير قانونية، ولفت إلى أن القارة الإفريقية حاضرة بقوة في صلب هذه المعادلة ب16 مليون مهاجر إفريقي اختار أن يهاجر ويقيم داخل القارة السمراء. وشدد الوزير على أن "العالم يشهد أوقاتا عصيبة، وكثيرة هي المناطق التي تعرف عدم الاستقرار السياسي والأمني؛ الأمر الذي يفرض علينا نحن الأفارقة أن نضع يدا في يد من أجل وضع حلول ناجعة في مجال الهجرة"، بتعبيره. "الهجرة ليست مشكلا مطروحا على دولة بعينها، بل إنها ظاهرة عالمية ومسؤولية مشتركة ومتقاسمة"، يورد المسؤول ذاته الذي أكد أن المملكة تجرأت من خلال مبادرة رئيس الدولة التي أظهرت للعالم أن المغرب لم يعد بلدا للعبور بل بلدا للاستقرار والإقامة في وقت تنكر فيه كثيرون لهويتهم. وخلص الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة إلى أن "الهجرة عامل للتنمية وعامل للنمو وعامل للاستقرار السياسي، ولكن بشرط أن يواجه أصحاب القرار المشاكل المطروحة دون تضخيمها". وتميزت الخلوة الإفريقية بمشاركة ممثلين من قطاعات مختلفة؛ منهم على الخصوص ممثلون حكوميون للدول الإفريقية، ومختلف هياكل الاتحاد الإفريقي (مفوضية الاتحاد الإفريقي، والجماعات الاقتصادية الإقليمية)، والمنظمات الدولية كالأممالمتحدة، والمنظمة الدولية للهجرة، وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي، ومكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بالإضافة إلى فاعلين بالمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية. وكان ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، قد أكد، خلال الجلسة الافتتاحية يوم الاثنين بالصخيرات، أن "مسلسل إعداد واعتماد الميثاق العالمي يتيح للمجتمع الدولي بشكل عام وإفريقيا على وجه الخصوص فرصة تاريخية لإصلاح الحكامة العالمية للهجرة"، مؤكدا أنه "يجب على إفريقيا أن تتكلم بصوت واحد" من أجل فرض أجندتها بشأن قضايا الهجرة.