انطلقت أعمال الندوة الإقليمية لمبادرة اتفاقية مناهضة التعذيب، اليوم الاثنين بفاس تحت عنوان "إقامة العدل وإنفاذ القانون .. في إطار التعاون الدولي وتبادل الخبرات"، وذلك بحضور محمد أوجار، وزير العدل، والمصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، إلى جانب مشاركة وفود من عدد من الدول الإفريقية وخبراء عن المنظمات الأممية المعنية بمناهضة التعذيب وحقوق الإنسان، يتقدمهم أندرو جيلمور، مساعد الأمين العام لحقوق الإنسان بمفوضية الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان. وتتميز هذه الندوة، التي ستتواصل على مدى يومين، بمناقشة محاور عدة؛ من ضمنها: "العدالة وتطبيق القانون.. الفرص والتحديات"، و"الإجراءات والضمانات.. الإيجابيات والنواقص"، و"دراسة تقنيات التحقيق"، فضلا عن التداول في مواضيع مرتبطة بالمعايير المهنية الخاصة بالشرطة، وآليات المراقبة، وتقوية التعاون الدولي. في غضون ذلك، أبرز المصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، خلال افتتاحه لهذه الندوة، "أن المملكة المغربية اختارت وضع خطط إستراتيجية، تضمنت محاور تهم مناهضة التعذيب، سعيا منها لتعزيز حقوق الإنسان"، موردا أنه يوجد من بين هذه المحاور: الخطة الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان الجاري تحيينها في أفق اعتمادها قبل نهاية السنة الحالية، والأرضية المواطنة للنهوض بثقافة حقوق الإنسان، وخطة العمل لمتابعة تنفيذ التوصيات الصادرة عن الآليات الأممية لحقوق الإنسان. وتوقف الرميد عند تجربة المملكة المغربية في مجال العدالة الانتقالية "التي وقفت على حالات التعذيب باعتبارها أحد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وعالجتها، سواء من خلال جبر أضرار الضحايا، أو من خلال تقديم مداخل الإصلاح وضمانات عدم التكرار"، مبرزا تجربة المملكة في مجال "إصلاح منظومة العدالة، من منطلق ما تضمنه ميثاق إصلاح العدالة، الذي يعدّ خارطة طريق إصلاحها والنهوض بأوضاعها"، مشيرا في هذا الصدد إلى انتقال سلطة رئاسة النيابة العامة من لدن وزير العدل إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض و"ما ترتب عن ذلك من استقلال مؤسساتي للسلطة القضائية، يزكي ذلك ويضمنه قانونان تنظيميان لكل من المجلس الأعلى للسلطة القضائية والنظام الأساسي للقضاة". وأشار الرميد إلى زيارة المقرر الخاص المعني بالتعذيب للمغرب سنة 2012، والزيارة التي قامت بها، مؤخرا، اللجنة الفرعية لمنع التعذيب، مبرزا على أن هاتين الزيارتين شكلتا مناسبة للتأكيد على أن المغرب "ليس لديه ما يخفيه في موضوع التعذيب"، وأن المملكة "قطعت مع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وحققت مكاسب مهمة في هذا المجال كرسها دستور 2011". من جانبه، أكد محمد أوجار، وزير العدل، أن المغرب "قطع نهائيا مع الاختفاء القسري والتعذيب الممنهج بشهادة اللجان الدولية والمساطر الخاصة والمنظمات الوطنية والدولية". وأورد وزير العدل، خلال تدخله في افتتاح هذه الندوة، أن المغرب اتخذ جميع التدابير التشريعية والمؤسساتية الهادفة إلى مناهضة التعذيب بجميع أشكاله وصوره والوقاية منه. وأبرز أوجار أنه "تم سن عدة مقتضيات زجرية لمناهضة التعذيب والوقاية منه، من خلال مشروعي القانون الجنائي والمسطرة الجنائية"، مشيرا إلى أن "الحكومة المغربية تضاعف من جهودها للإسراع بإخراج الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب إلى حيز الوجود". وأوضح محمد الصبار، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، في كلمته خلال افتتاح الندوة الإقليمية لمبادرة اتفاقية مناهضة التعذيب، أن "مناهضة التعذيب هدف ينشده المجلس ويكتسي بالنسبة إليه أهمية بالغة في سبيل تعزيز دولة الحق والقانون والمؤسسات"، مبرزا التجربة المغربية في هيئة الإنصاف والمصالحة، ومشيرا إلى أن مسار مناهضة المغرب للتعذيب توج بمصادقته على اتفاقية مناهضة التعذيب وعلى البروتوكول الاختياري الملحق بها. يذكر أن هذه الندوة عرفت، في يومها الأول، تدخل أندرو جيلمور، مساعد الأمين العام لحقوق الإنسان بمفوضية الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان، الذي أكد في كلمته على أهمية تنظيم الندوة الإقليمية لمبادرة اتفاقية مناهضة التعذيب في تبادل وجهات النظر وتعزيز التعاون في هذا مجال مناهضة التعذيب، موردا أن التعذيب لا يزال ممارسا ببعض البلدان، فضلا عن تدخل وزيري العدل في جمهورية السودان وغامبيا، اللذين أشادا بالتجربة المغربية فيما يخص مناهضة التعذيب، مؤسساتيا وتفعيلا. وتعد "مبادرة اتفاقية مناهضة التعذيب" مشروعا عالميا انطلق في مارس 2014 ويمتد على مدى عشر سنوات، ويقوده المغرب، إلى جانب الشيلي والدنمارك وغانا وإندونيسيا، ويهدف إلى تعزيز التصديق العالمي على اتفاقية مناهضة التعذيب عبر تبادل التجارب النموذجية في المجال بين مختلف دول العالم.