أكد وزير العدل، محمد أوجار، الاثنين 30 أكتوبر بفاس، أن المغرب قطع نهائيا مع الاختفاء القسري والتعذيب الممنهج بشهادة اللجان الدولية والمساطر الخاصة والمنظمات الوطنية والدولية. واستطرد أوجار في كلمة خلال افتتاح الندوة الإقليمية ل”مبادرة اتفاقية مناهضة التعذيب”، أن سلوكات ومخالفات معزولة وأحادية تبقى هنا وهناك من طرف أشخاص معدودين يتحملون وحدهم مسؤوليات أفعالهم وتبعات انتهاكاتهم إداريا وجنائيا. وقال إن المغرب يراهن على اختياره الدستوري والمؤسساتي بشأن استقلال القضاء وإخراج القانونين التنظيميين المتعلقين بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية وبالنظام الأساسي للقضاة إلى حيز الوجود، مبرزا أن اعتماد القانون المتعلق بنقل الاختصاصات المتعلقة بالنيابة العامة من الوزير المكلف بالعدل إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة، هو خيار من شأنه أن يعزز دولة القانون والمؤسسات، ومؤشر آخر على تعزيز ثقة المتقاضين في منظومة عدالتهم. وأوضح وزير العدل أن المغرب بادر إلى اتخاذ جميع التدابير التشريعية والمؤسساتية الرامية إلى مناهضة التعذيب بجميع أشكاله وصوره والوقاية منه، بدءا بتوفير الحماية الدستورية ضد التعذيب أو المعاملة القاسية. وأردف أنه تم تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة وحماية حقوق الأفراد المحرومين من حرياتهم، وسن عدة مقتضيات زجرية لمناهضة التعذيب والوقاية منه، من خلال مشروعي القانون الجنائي والمسطرة الجنائية، مستعرضا أهم هذه الضمانات، ومنها ترسيخ مبدأ قرينة البراءة، وتوفير ضمانات المحاكمة العادلة، وضمان حضور المحامي أثناء عملية الاستماع إلى المشتبه فيهم بارتكاب جناية أو جنحة ما لم يكونوا موضوعين تحت الحراسة النظرية مع إشعار عائلاتهم. وأشار إلى أنه تنفيذا لالتزاماتها الدولية بموجب المصادقة على البروتوكول الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب، تضاعف الحكومة جهودها للإسراع بإخراج الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب إلى حيز الوجود، مع توفير الضمانات اللازمة لقيام هذه الآلية بمهامها باستقلالية وحيادية وموضوعية. ومن جانبه، أبرز مساعد الأمين العام لحقوق الإنسان – مفوضية الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان – أندرو جيلمور، أهمية انعقاد الندوة الإقليمية ل”مبادرة اتفاقية مناهضة التعذيب”، مفيدا بأنها ستمكن من تبادل وجهات النظر وتعزيز التعاون من أجل محاولة القضاء على هذه الممارسة. وقال إن الندوة تكتسي أهمية باعتبار أن “الجميع متفق على أن التعذيب يعد قطعا ممارسة غير قانونية، وغير أخلاقية وغير مجدية”، مضيفا أن “ثمة توافقا حول هذه النقطة، إلا أن الممارسة، للأسف، متواصلة في بعض البلدان“. وأشاد وزيرا العدل بكل من السودان وغامبيا، على التوالي إدريس إبراهيم جميل وأبو بكر ماري طامبادو بالتجربة الرائدة للمغرب في المجال الحقوقي، وخاصة في ما يتعلق بسن مقتضيات تشريعية زجرية لمناهضة جريمة التعذيب، مؤكدين أن هذه التجربة تعد نموذجا يحتذى في ما يخص ترسيخ دعائم دولة الحق والقانون. وتم بالمناسبة، عرض شريط وثائقي يستعرض مختلف جهود المملكة في مجال مناهضة التعذيب، وذلك تحت عنوان: “من مناهضة التعذيب إلى الوقاية منه“. وتتمحور أعمال الندوة الإقليمية المنظمة على مدى يومين تحت عنوان: “إقامة العدل وإنفاذ القانون: في إطار التعاون الدولي وتبادل الخبرات”، حول مواضيع “العدالة وتطبيق القانون: الفرص والتحديات”، و”الإجراءات والضمانات: الإيجابيات والنواقص”، و”دراسة تقنيات التحقيق“. كما تناقش الندوة مواضيع تتعلق بالمعايير المهنية الخاصة بالشرطة، وآليات المراقبة، وتقوية التعاون الدولي. وتعد “مبادرة اتفاقية مناهضة التعذيب” مشروعا عالميا يمتد لعشر سنوات تقوده منذ مارس 2014 حكومات الشيلي والدنمارك وغانا وإندونيسيا والمغرب، من أجل تعزيز التصديق العالمي لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وتهدف المبادرة إلى تيسير المشورة التقنية والحوار والتعاون بين الدول لمساعدتها على تخطي العقبات المعيقة للتصديق على الاتفاقية الأممية لمناهضة التعذيب أو تنفيذها، وكذلك لتبادل الممارسات الإيجابية في المجال.