رغم منع السلطات الإقليمية بالحسيمة جميع المظاهرات بالأماكن العمومية يومي 27 و28 أكتوبر الجاري، فإن نشطاء في مدينة الرباط أبوا إلا أن يخلدوا الذكرى الأولى لوفاة "سماك الحسيمة" محسن فكري طحنا داخل شاحنة للنفايات؛ وهي الشرارة الأولى للاحتجاجات التي اجتاحت منطقة الريف بالمغرب، وعصفت قبل أيام بوزراء ومسؤولين كبارا، ومن المرتقب أن تأتي على المزيد. ونظم العشرات من الحقوقيين والنشطاء وقفة احتجاجية أمام مقر البرلمان، مساء اليوم السبت، استجابة للنداء الذي أطلقته عدد من الفعاليات والتنظيمات الجمعوية بمناسبة حلول الذكرى الأولى لمقتل سماك الحسيمة. ورفع المحتجون شعارات غاضبة من استمرار المقاربة الأمنية ومظاهر العسكرة في منطقة الريف، وطالبوا بمحاكمة المتورطين الحقيقيين ل"شهيد لقمة العيش" وليس فقط الاكتفاء بتقديم "أكباش فداء" لطي الملف، حسبهم. كما نوهوا بالخطوة التي أقدم عليها الملك محمد السادس على اعتبارها "ممارسة تنحو في اتجاه ربط المسؤولية بالمحاسبة كما أكدها دستور 2011". الإعفاءات الملكية لعدد من الوزراء وكباء المسؤولين من مناصبهم، على خلفية تعثر تنفيذ مجموعة من المشاريع التنموية بإقليم الحسيمة، خيمت على الوقفة الاحتجاجية من خلال الشعارات التي رفعت، من قبيل: "الإعفاءات ها هي والمحاسبة فينا هي؟"، و"الأبرياء في السجون والقتلة فوق القانون". في السياق ذاته قال رشيد الغرناطي، فاعل جمعوي وحقوقي، إن تخليد الذكرى الأولى لوفاة محسن فكري يأتي في إطار المطالبة بفتح تحقيق نزيه في مقتله، وتنديدا باستمرار اعتقال نشطاء الحراك الذين خرجوا للتعبير بكل سلمية عن ملفهم المطلبي المشروع. ودعا الناشط الحقوقي، في تصريح لهسبريس، السلطات إلى الاستجابة لمطالب الحراك، وإنصاف عائلة محسن فكري، وأيضا الكف عن الاعتقالات، ورفع جميع مظاهر العسكرة حتى تعود الحياة الطبيعية إلى مناطق الريف. أما الناشطة الأمازيغية تيسين توزارا فاستغربت من البيان الذي أصدره والد محسن فكري إلى الرأي العام الوطني، والذي طالب فيه النشطاء بعدم الركوب على قضية ابنه للتحريض على الاحتجاج في الذكرى الأولى لاندلاع الحراك. وقالت المتحدثة، في تصريح لهسبريس، إن "أب محسن فكري كان دائما مساندا لحراك الريف، ولكن البيان الذي أصدره يثير مخاوف تدخل السلطات للضغط عليه"، وزادت: "إن كان الأمر صحيحا فنحن أمام انتكاسة حقوقية تبصم عليها الدولة مرة أخرى". وجددت التأكيد على أن المتضامنين مع الحراك "لا يسعون إلى الركوب على قضية فكري أو تخريب البلاد، كما يتم الترويج لذلك، بل فقط أن يحاسب الجميع ويكون الزلزال السياسي إيجابيا". وكانت وزارة الداخلية قد اعتبرت، في بلاغ لها، أن الدعوات الاحتجاجية بمنطقة الحسيمة "لم تحترم المساطر القانونية المعمول بها، وتأتي بعد عودة الأمن والطمأنينة إلى الإقليم، حيث إن الرأي العام يتتبع بارتياح تقدم الأوراش التنموية المفتوحة، وما خلفته من تفاعل إيجابي من طرف ساكنة الإقليم".