حذر البروفيسور عدنان الرمال، باحث في علوم البكتيريا بجامعة فاس، من عودة البشرية إلى مرحلة ما قبل عصر المضادات الحيوية، بسبب فقدانها لنجاعتها إزاء مقاومة الميكروبات جراء استعمال هذه المضادات في الإنتاج الحيواني والنباتي. الرمال الحائز على جائزة المخترع الأوروبي لسنة 2017 التي يمنحها المكتب الأوروبي لبراءات الاختراع، وخلال عرض له قدمه بالجامعة الخاصة بمدينة فاس مساء الأربعاء، ذكر أنه بمجرد أن يصل مضاد حيوي ما إلى السوق يصبح، بعد فترة قصيرة، دون جدوى جراء تمكن الميكروبات من مقاومته، وهو ما يدفع المختصين، بحسبه، إلى البحث عن مضاد حيوي جديد باستثمار أموال ضخمة، وهكذا دواليك. وأورد الباحث ذاته، في معرض مداخلته التي اختار لها عنوان: "المضادات الحيوية في مفترق الطرق بين الطب الإنساني والفلاحة"، أن الوقت حان لإنقاذ المضادات الحيوية من الدمار الذي يلاحقها باستمرار، قائلا: "إن ذلك يشكل لعبا بالنار، وتهديدا حقيقيا لصحة الإنسان، ولعمل الأطباء الذين هم في حاجة ماسة إلى المضادات الحيوية في مختلف تدخلاتهم الطبية، سواء الجراحية أو غيرها". وأرجع البروفيسور المغربي، المولود بفاس سنة 1962، سبب تراجع فعالية المضادات الحيوية لدى الإنسان إلى استعمالها في تغذية المواشي والإنتاج النباتي، "حيث، بفضل السلسلة الغذائية، يصل تأثير ذلك إلى جسم الإنسان"، يقول الرمال، الذي أبرز أنه تم حظر استعمال هذه المواد في عدد من الدول، بينما لا زال يتم استعمالها من طرف المنتجين الزراعيين المغاربة. وأورد الرمال مثالا على ذلك بإنتاج الدواجن التي تم منع تسويقها مؤخرا بأوروبا بعد أن تبين استعمال المربين المغاربة لمواد محظورة في تغذيتها، مبرزا أن ذلك فوت على المغرب موارد مالية مهمة بعد أن لجأت أوروبا إلى تعويض المنتوج المغربي بالبرازيلي، البعيد والمكلف. وأورد الباحث المغربي في علوم البكتيريا، في تصريح لهسبريس على هامش عرضه أمام طلبة الجامعة الخاصة، أنه ركز في مداخلته على تجربته العلمية المتمثلة في تطوير عقار معزز بمضادات حيوية مستخلصة من زيوت نباتية طبيعية قادر على مكافحة التهديد المتزايد للميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية، الذي وصفه، ب"أخطر التهديدات المحدقة بالصحة البشرية في وقتنا الحاضر". واعتبر الرمال المضادات الحيوية تراثا طبيا بشريا يجب أن يبقى خاصا بالطب البشري، وقال: "استعمال هذه المواد في الإنتاج الحيواني والنباتي هو في الحقيقة جريمة في حق الطب البشري، هناك من يستورد مواد محظورة ويستعملها في الفلاحة، ونتيجة ذلك وخيمة على صحة الإنسان". عدنان الرمال، الحاصل على شهادة الدكتوراه في الفارماكولوجيا الجزيئية من جامعة باريس سنة 1987 وعلى دكتوراه الدولة في علم الجراثيم سنة 1994 من جامعة فاس، ذكر لهسبريس أن المغاربة، اليوم، أصبحوا يتوفرون على حل لتعويض المضادات الحيوية المخلوطة مع أغذية الحيوانات، قائلا: "عندنا حل مغربي خالص، وبراءة اختراع لتعويض تلك المضادات الحيوية المستعملة في الفلاحة، يجب منع تلك المواد المستوردة المحظورة خارج المغرب، واستبدالها بهذه المواد المغربية الآمنة". وأوضح المخترع المغربي أن استعمال المضادات الحيوية بواسطة الزيوت المستخلصة من النباتات سيكون له فائدة عظمى على الاقتصاد الوطني، مبرزا أن ذلك "سيغني البلد عن صرف مبالغ كبيرة بالعملة الصعبة في استيراد مواد مستعملة في الفلاحة ولها أضرار على صحة البشر"، مضيفا: "يمكن لنا تعويض هذه المواد المضرة بمواد طبيعية ننتجها في المغرب، وذلك فيه مصلحة على البيئة وعلى الإنسان والاقتصاد". من جانبه، صرح محمد عزيز لحلو، رئيس الجامعة الخاصة، لهسبريس، بأن استضافة العالم المغربي عدنان الرمال، الذي وصفه بالباحث العالمي، فضلا عن كونها شكلت مناسبة لتقريب اختراعات هذا الباحث من طلبة الجامعة، فقد كانت فرصة تم من خلالها استعراض الجوائز التي فاز بها هذا العالم على الصعيد الدولي، "وفي ذلك قدوة لطلبة الجامعة الخاصة لفاس للمزيد من المثابرة والاجتهاد للوصول إلى أحسن النتائج"، بتعبير لحلو، الذي أكد أن تجربة الرمال أثبتت أنه رغم ضعف الإمكانيات، يمكن الوصول إلى المبتغى بالاجتهاد. يذكر أن لعدنان الرمال اختراعين؛ الأول عبارة عن مكمل غذائي يخلط مع علف الحيوانات عوض المضادات الحيوية، وهو يمكّن المربين من الحصول على نتائج أفضل من استعمال المضادات الحيوي. ويكمن الاختراع الثاني في عقار يعالج التعفنات لدى الإنسان التي يكون سببها البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، وهو عبارة عن مضادات حيوية أضيفت لها مواد طبيعية مستخلصة من زيوت طبيعية.