استغرب حكيم بنشماش، رئيس مجلس المستشارين، من تصريحات عبد القادر مساهل، وزير الخارجية الجزائري، معتبرا أنها تعاكس توجه المغرب الذي ما فتئ يقدم باستمرار نموذجا في حسن الجوار، ويمد يد التعاون من أجل مواجهة التحديات المشتركة استجابة لتطلعات الشعوب المغاربية في الرخاء والازدهار والعيش الكريم. وجدد بنشماش، خلال مباحثات جمعته بالرباط بوزير العلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان بجمهورية تونس، مهدي بن غربية، التنويه بالموقف الثابت لجمهورية تونس الداعم للوحدة الترابية للمملكة المغربية، مؤكدا أن المغرب قدم مقترحا للحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية للمملكة وصف بالجدي وذي المصداقية من لدن المجتمع الدولي. وأبرز كبير المستشارين أوجه التشابه بين المغرب وتونس كنموذجين على مستوى الإصلاحات الداعمة لتعزيز البناء الديمقراطي المؤسساتي، وترسيخ مقومات دولة الحق والقانون، بفضل إصرار شعبيهما وإرادة قيادتيهما. ودعا بنشماش الجانب التونسي إلى التفكير في خلق آليات مشتركة من أجل الارتقاء بعلاقات البلدين الاقتصادية إلى مستوى العلاقات السياسية المتميزة، مؤكدا على أهمية دور برلماني البلدين في تدعيم وتوطيد هذه العلاقات لتشمل كافة المجالات، وكذا مواجهة التحديات التي تهدد أمن واستقرار المنطقة. من جهته، أشاد وزير العلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان بجمهورية تونس بمتانة وعمق الروابط التي تجمع بين البلدين، وتميزها على كافة المستويات، مبرزا أهمية الزيارة التي قام بها الملك محمد السادس إلى بلاده، والتفاعل الإيجابي الذي تركته لدى عموم الشعب التونسي. المسؤول التونسي دعا بدوره إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين لترقى إلى مستوى متقدم، مؤكدا على دور القطاع الخاص كقاطرة لتطوير هذه العلاقات بما يتماشى وطموح البلدين والشعبين الشقيقين، وكذا إرادتهما في بناء شراكة اقتصادية نموذجية بالمنطقة. ولم يفت الجانبين، خلال هذا اللقاء، التأكيد على ضرورة تقوية التنسيق والتشاور بين البلدين من أجل اعتماد مقاربة موحدة للعمل المغاربي المشترك على اعتبار أن الاتحاد المغاربي هو خيار لا محيد عنه في عالم سمته العولمة والتكتلات. وشهد فضاء مجلس المستشارين مباحثات لرئيس المجلس مع وزير العدل لجمهورية النمسا، Wolfgang Brandstetter، الذي يقوم بزيارة عمل إلى المغرب. وأعرب بنشماش، خلال هذا اللقاء، عن اعتزازه القوي بمستوى العلاقات التي تربط بين المغرب والنمسا الضاربة في عمق التاريخ، داعيا إلى استثمارها لإعطاء دفعة جديدة لمسار العلاقات المغربية النمساوية. وأبرز الدور الاستراتيجي الذي يلعبه المغرب على مستوى المنطقة كبوابة نحو إفريقيا التي يعد الشريك التجاري الثاني على مستوى القارة والشريك الأول على مستوى دول غرب إفريقيا، مذكرا ب"الوضع المتقدم" الذي يحظى به من لدن الاتحاد الأوروبي، وصفة "الشريك من أجل الديمقراطية" التي يتمتع بها لدى الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا. كما استعرض رئيس الغرفة الثانية خصائص الدينامية الإصلاحية التي يعيشها المغرب كورش إصلاحي كبير تحت قيادة الملك محمد السادس، مبرزا ما تحقق في دستور 2011 من مكتسبات نوعية في مجالات عدة. ولم يفت بنشماش دعوة النمسا، وهي مقبلة على ترؤس الاتحاد الأوربي خلال العام القادم، إلى وضع حد للتلاعبات في المساعدات الإنسانية المقدمة من طرف الاتحاد الأوروبي للمغاربة بمخيمات تندوف، لاسيما وأن هذه المساعدات مقتطعة من ضرائب المواطنين الأوروبيين، وتستغل من قبل جماعة البوليساريو لغير الأهداف الإنسانية الموجهة إليها. كما تساءل، في السياق نفسه، عن خلفيات رفض الجزائر والبوليساريو لإحصاء ساكنة تندوف. من جهته، ثمّن وزير العدل بجمهورية النمسا مستوى علاقات الصداقة والتعاون القائمة بين البلدين، معتبرا أن المغرب يعد شريكا متميزا لبلاده على مستوى المنطقة لما يحظى به من ثقة لدى شركائه الأوروبيين. كما أبدى الوزير النمساوي إعجابه القوي بطبيعة الإصلاحات التي تعرفها المملكة المغربية، وخصوصا منها تلك التي شهدها مجال العدالة. وفي الختام استعرض الوزير النمساوي مجمل التحديات المشتركة التي يواجهها البلدان في ما يتعلق بالتهديدات الإرهابية، واعدا بدعم مستوى الشراكة الأوروبية المغربية، والدفع بها على كافة المستويات عند ترؤس بلاده للاتحاد الأوروبي.