الرئيس التونسي يأمل في إنشاء برلمان مغاربي في إطار اتحاد يحتفظ فيه كل بلد بسيادته يواصل رئيس الجمهورية التونسية، الدكتور محمد منصف المرزوقي جولته في إطار زيارة الأخوة والعمل التي بدأها أول أمس للمغرب، حيث حل أمس الخميس بمدينة مراكش قادما إليها من مدينة الرباط. وكان في استقبال الرئيس التونسي، بمطار مراكش - المنارة الدولي، وزير الفلاحة والصيد البحري عزيز أخنوش، ووالي جهة مراكش تانسيفت الحوز محمد مهيدية. وكان جلالة الملك محمد السادس، مرفوقا بسمو الملكي الأمير مولاي رشيد، قد أجرى أول أمس الأربعاء بالديوان الملكي بالرباط مباحثات مع رئيس الجمهورية التونسية الدكتور محمد منصف المرزوقي. وأكد الرئيس التونسي منصف المرزوقي إنه لمس لدى لجلالة الملك محمد السادس إرادة واضحة لتحيين الاتحاد المغاربي وإعادة بنائه على أسس جديدة. وقال الرئيس التونسي، في كلمة أمام نخبة من الشخصيات السياسية والاقتصادية والحقوقية والجمعوية المغربية، مساء نفس اليوم «نحن أمام مستقبل واعد. لقد انخرطنا في الطريق الصحيح لبناء الاتحاد المغاربي»، معربا عن أمله في تفعيل اتفاقيات العمل المغاربي المشترك التي تضمن الحريات الخمس والمتمثلة في حرية التنقل وحرية الاستقرار وحرية العمل وحرية الاستثمار والتملك وحرية المشاركة في الانتخابات البلدية. وشدد المرزوقي، على أنه آن الأوان «لضخ الحياة في الجسد المغاربي الميت»، مضيفا أن الشعوب المغاربية دفعت ما يكفي «كلفة اللامغرب» على جميع الأصعدة، حيث تم إهدار ما يعادل 2 في المائة من الدخل القومي الخام جراء تعطل عجلة الاندماج البيني، وتجرعت الشعوب سنوات طويلة من التخلف والعجز والفقر. أما اليوم -يقول الرئيس التونسي- فإن «شعوبنا تريد الاتحاد. رسالتها هي كالتالي: كفى من الانقسام والخلافات المزاجية». وعلى صعيد آخر، نوه المرزوقي بالمسار الإصلاحي الذي انخرط فيه المغرب من باب الشعور بالمسؤولية الذي عبر عنه جلالة الملك محمد السادس، معربا عن الأمل في أن تحقق هذه الدينامية الإصلاحية ما يصبو إليه المغرب من تطلعات. وذكر الرئيس التونسي بأنه طالب خلال القمة الأخيرة للاتحاد الإفريقي بعودة المغرب إلى مكانه الطبيعي داخل الاتحاد. واستقبل رئيس الجمهورية التونسية عشية نفس اليوم رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، وأكد هذا الأخير في تصريح للصحافة عقب هذا الاستقبال، أن الزيارة التي يقوم بها رئيس الجمهورية التونسية منصف المرزوقي، للمملكة المغربية، تعد خطوة أساسية على درب تجسيد طموحات شعوب المنطقة المغاربية التواقة لتحقيق الوحدة. مشددا على الرغبة المشتركة التي تحذو كلا البلدين في تحقيق الوحدة المغاربية المنشودة، وذلك من خلال رفع الحواجز وفتح الحدود وتفعيل الشراكة في مختلف المجالات، كما هو الشأن بالنسبة لعدد من التكتلات الإقليمية التي تمكنت من الاندماج على الرغم من نقاط الاختلاف الكثيرة التي تفرقها. وأضاف رئيس الحكومة أن من شأن هذه الزيارة الهامة، المساهمة في تفعيل مختلف البروتوكولات والاتفاقيات المبرمة بين البلدين الشقيقين، ومن ثم جعل التعاون الثنائي بين البلدين أمرا واقعا وملموسا. وفي ذات اليوم الذي حل فيه رئيس الجمهوية التونسية منصف المرزوقي بالمملكة، أجرى أيضا، محادثات مع كل من رئيسي مجلس النواب ومجلس المستشارين على التوالي كريم غلاب والشيخ محمد بيد الله. وأوضح غلاب في تصريح للصحافة أن هذه المحادثات تناولت مستقبل العلاقات بين البلدين وسبل النهوض بها وتعزيزها خصوصا على المستوى البرلماني، والعمل على استثمار الأجواء الحماسية الراهنة للدفع بالعمل المغاربي وإرساء علاقات جديدة بين البرلمانين المغربي والتونسي، وكذا في إطار مجلس الشورى المغاربي. وأبرز غلاب أهمية الدلبوماسية البرلمانية في ترسيخ الوحدة المغاربية التي من شأنها أن تحقق مكاسب اقتصادية أفضل، وتشكل قوة تفاوضية للبلدان المغاربية في علاقتها مع شركائها، داعيا البرلمانات المغاربية إلى الاضطلاع بدور أكبر في هذا المجال. ومن جهته قال محمد الشيخ بيد الله في تصريح مماثل، إن مباحثات جلالة الملك مع الرئيس التونسي ستعطي دفعة جديدة للعلاقات بين البلدين، وإطلاق دينامية جديدة لإحياء اتحاد المغرب العربي. مضيفا أن هذه الدينامية من شأنها أن تجعل بلدان المنطقة قادرة على مواجهة التحديات المستقبلية المطروحة عليها في عدة ميادين، خصوصا ما يتعلق بالتحولات العميقة التي تعرفها شعوب المنطقة وتداعيات الأزمات الاقتصادية والمالية والأمن والاستقرار في المنطقة. وخلال لقائه مع أفراد من الجالية التونسية المقيمة بالمغرب، في اليوم ذاته، قال الرئيس التونسي منصف المرزوقي: آمل أن يتم عقد قمة مغاربية في بحر هذه السنة، وإقرار الحريات الخمسة للمغاربيين، والتي تتمثل في الحق في الاستقرار في أي بلد من بلدان المغرب الكبير، والحق في الشغل، والحق في الاستثمار، والحق في الملكية والحق في المشاركة في الانتخابات البلدية، إننا في حال توصلنا إلى تطبيق هذه الحقوق، خلال السنة الجارية، فإن اتحاد المغرب العربي سيكون فعلا على المسار الصحيح». وأضاف الرئيس التونسي «في الوقت الراهن، يمكننا التفكير في إنشاء برلمان مغاربي، حيث ينتخب كل المواطنين المغاربيين، في نفس اليوم، برلمانا يمارس اختصاصات مغاربية، وذلك في إطار اتحاد يحتفظ فيه كل بلد باستقلاليته وسيادته على غرار الاتحاد الأوروبي». وبعد أن أشار إلى آخر التطورات التي تعرفها بلاده، والتذكير بأواصر الأخوة التي تربط المغرب وتونس، أبرز الرئيس المرزوقي أن أعضاء الجالية التونسية تحظى باستقبال جيد في المملكة، مؤكدا على الدور الذي يمكن أن تضطلع به هذه الجالية في تنمية بلادها.