قال مركز الأبحاث والدراسات التابع للمجمع الشريف للفوسفاط إن المغرب والصين بإمكانهما تطوير شراكة متقدمة للاستثمار في الصناعات الغذائية وتوفير الأمن الغذائي للقارة الإفريقية، بالنظر إلى الإمكانيات التي يتوفران عليها في هذا المجال. وتطرق مركز الأبحاث والدراسات ذاته، في تقرير جديد له من إعداد فتح الله ولعلو، الوزير الأسبق للاقتصاد والمالية والخوصصة، وعضو المركز ذاته، إلى فرص المغرب والصين في المنطقة الإفريقية التي تضم أكثر من مليار نسمة، خصوصا في مجال الأغذية الزراعية. وأوضح الخبير الاقتصادي أن القارة الإفريقية تعرف ارتفاعا متزايدا في طلب الغذاء خلال القرن الواحد والعشرين، بحكم ارتفاع نسبة النمو السكاني، وكذلك نتيجة تسارع التمدن؛ وهو الأمر الذي يتطلب ثورة فلاحية حقيقية من أجل محاربة الفقر والمجاعة وتطوير التصنيع والتوسع العمراني. ويرى الخبير المتخصص في الاقتصاد والأستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط أن إشكالية الأمن الغذائي في إفريقيا تملك مفاتيحها كل من الصين، باعتبارها قوة عظمى، والمغرب باعتباره دولة صاعدة في منطقة شمال إفريقيا؛ وأيضا باعتبار الدولتين من أكبر المنتجين الدوليين للفوسفاط، أحد المكونات الأساسية في صناعة الأسمدة التي تعتبر من العناصر الضرورية لتطوير الإنتاج الفلاحي. وعلاقة بالقواسم المشتركة بين الدولتين، تعد الصين أكبر منتج ومستهلك في العالم للفوسفاط ومشتقاته، وفي المقابل يتوفر المغرب على أكبر احتياطي عالمي ويعد أكبر مصدر في العالم للفوسفاط الخام، ما يمكنهما من بناء شراكة قوية في إفريقيا يكون عنوانها الأبرز الإنتاج الزراعي. وأشار مؤلف كتاب "نحن والصين" في التقرير ذاته إلى أن المغرب والصين تجمعهما علاقات خاصة بالقارة السمراء، حيث أصبح "التنين الصيني" مع مطلع القرن الحالي أول مستثمر، وأحد أهم شركائها الاقتصاديين في جميع القطاعات. والمغرب بدوره يطمح في السنوات الأخيرة، بفضل المبادرات الملكية، إلى تعزيز تموقعه بالقارة. "إفريقيا هي اليوم مركز إستراتيجي للصين، والمغرب بفضل توجهات الملك محمد السادس استطاع أن يقوي علاقاته بجذوره الإفريقية، خصوصا بعد العودة إلى الاتحاد الإفريقي سنة 2016، ورغبته في استكمال اندماجه الاقتصادي في جميع مؤسسات القارة الإفريقية"، يورد ولعلو. وأبرز المتحدث أن المغرب يمكن أن يكون جسرا للصين نحو إفريقيا وأوروبا بفضل تموقعه الجغرافي، لينضاف هذا التوجه الجديد إلى مبادرة "الحزام والطريق" التي أطلقها الرئيس الصيني "شي جين بينغ" عام 2013، وتهدف إلى تطوير وإنشاء طرق تجارية وممرات اقتصادية تربط أكثر من 60 بلدا. ويستند مقترح المكتب الشريف للفوسفاط إلى أن القارة الإفريقية توفر على الأقل أكثر من 30 في المائة من الأراضي غير المزروعة بالعالم، وهي المساحات التي يمكنها أن تلعب دورا أساسيا في تأمين مستقبل الغذاء. وحذر وزير الاقتصاد والمالية الأسبق من النقص في الغذاء مستقبلاً، والذي ستعاني منه أيضا جمهورية الصين الشعبية، معتبرا أن تطوير الزراعة بإفريقيا سيلبي أولاً الأمن الغذائي لدول المنطقة، وثانيا سيساهم في تلبية الحاجيات الغذائية المتزايدة لبيكين. التقرير الاقتصادي الذي جاء في 36 صفحة باللغة الفرنسية تحدث أيضا عن مساهمات المكتب الوطني للشريف والفوسفاط في مجال إنتاج الأسمدة من خلال إنشاء فروع خاصة بإفريقيا، في إطار شراكات مع دول عديدة؛ وذلك من أجل مواكبة التطور في السوق الإفريقية، وتطوير آليات التوزيع، والنهوض بالممارسات الزراعية لتجويد حاجيات التربة والمحاصيل، ووضع رؤية مستقبلية لحاجيات الأراضي الإفريقية. يشار إلى أن تقريرا سابقا صادرا عن موقع "بواتش انفيستينغ" الكندي، المتخصص في الإنتاج العالمي للفوسفاط، سبق أن ذهب في الاتجاه نفسه وأكد أن المغرب يُساهم في الحفاظ على الأمن الغذائي العالمي، باعتباره المصدر الأول للفوسفاط في العالم، ويمكن له أن يساهم في الحفاظ على الأنشطة الفلاحية في مختلف مناطق العالم بفضل إنتاجه للأسمدة. وشجع التقرير الدولي المؤسسات الدولية على أن تتعاون مع المغرب لتطوير إنتاجه من الفوسفاط لمواجهة التحديات المستقبلية على مستوى نقص الأسمدة، خصوصا أن "الفوسفاط لا يوجد بكميات كبيرة في العالم".