قدم الباحثان عبد الواحد بن نصر وجان جاك هوبلين، مكتشفي أقدم إنسان معاصر بالمغرب، أبرز حيثيات هذا الاكتشاف، مؤكدين أن الأبحاث التي تم إجراؤها على العظام والجماجم التي تم اكتشافها تؤكد أنها الأقدم إلى حد الساعة، ومبرزين بعض خصائص هذا الإنسان، وخاصة دماغه، وأبرز مميزات جبل إيغود الواقع بمنطقة اليوسفية على مسافة مائة كيلومتر غرب مدينة مراكش، وهي منطقة الاكتشاف. جاء ذلك في ندوة نظمتها، مساء الخميس، بمقر المعهد العلمي بالرباط، جامعة محمد الخامس، وسفارة فرنسا بالمغرب، مصلحة التعاون والنشاط الثقافي، والمعهد الفرنسي بالمغرب، تحت عنوان: "اكتشاف أقدم بقايا لفصيلة الإنسان العاقل بالمغرب". وأكد الباحثان أن القارة الإفريقية تبقى إلى حد الساعة المنطقة التي تضم أقدم إنسان معاصر. وفي هذا الإطار أوضح عبد الواحد بن نصر، الأستاذ بالمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث بالرباط، أن أول إنسان في العالم كان يوجد بالقارة السمراء، موضحا أنه تم الوصول إلى اكتشافات متعددة، منها بإثيوبيا وتنزانيا، كاكتشافات "أومو كيبيش"، و"هرتو"، إلا أن أقدمها تلك التي تعود إلى جبل ايرهود. وأشار الباحث المغربي إلى أنه تم التأكد من عمر العظام والجماجم المكتشفة بالمنطقة، والتي تعود إلى ما قبل ثلاثمائة ألف سنة بطريقتين علميتين. بن نصر أبرز أيضا غنى منطقة جبل ايرهود بالاكتشافات، مؤكدا أنها كانت تعد منطقة إستراتيجية ومكانا يمكن أن يحمي هذا الرجل المكتشف من المخاطر التي كانت آنذاك، من قبيل الحيوانات المتوحشة. وأوضح المتحدث أن المنطقة تتوفر على عمر جيولوجي مهم، إذ كانت بها محاولات كثيرة للتأريخ، كل مرة يتم اكتشاف أشياء بها تؤكد أقدميتها، مفيدا بأنه على سبيل المثال، وخلال الفترة الممتدة منذ عام 2004 إلى 2011، تم اكتشاف 22 عينة، من بينها عناصر تعود على الأقل إلى خمسة أفراد. من جانبه تحدث جان جاك هوبلين، عن معهد "ماكس بلانك" للأنثروبولوجيا التطورية في لايبزيغ بألمانيا، وأحد مكتشفي العظام البشرية بالمغرب، عن أبرز اختبارات الحمض النووي والجينات التي تم إجراؤها على عينات اكتشافات منطقة جبل ايرهود، موضحا أنه في وقت تعود اكتشافات أقدم إنسان معاصر في إفريقيا الجنوبية إلى ما قبل 260 ألف سنة، وكينيا قبل ألفي سنة، تبقى اكتشافات جبل ايرهود هي الأقدم. وأوضح هوبلين أبرز تطورات الدماغ التي حدثت منذ قبل ثلاثمائة ألف سنة، مفيدا بأن الأبحاث التي تم إجراؤها على جماجم جبل إيرهود تبين أن ذلك الإنسان القديم يشترك معنا في خصائص متعددة، إذ إن "له عقلا حجمه يقترب من حجم عقل الإنسان الحالي، لكنه يختلف عنه في الشكل، ما يجعله شبيها بالإنسان الحالي". وأما عن كون غالب الاكتشافات لأقدم عينات للإنسان المعاصر توجد دائما في بلدان بالقارة الإفريقية، أكد الباحث أن ذلك يعود إلى كون "إفريقيا الأمس ليست هي إفريقيا اليوم، إذ كانت معظمها عبارة عن غابات ولم تكن تتوفر على صحارى كما هو الحال اليوم، ما جعلها بيئة مواتية لعيش الإنسان".