معاناتهم ومطالبهم تمسي وتصبح معهم كل يوم بأمل تتسع فسحته ولا تتجاوز الحياة الكريمة، من علاج ومسكن وبنية تحتية صديقة لهم ووسيلة نقل تسهل حركتهم والحصول على قوت لسد جوعهم، ودفع إعاقة تنفيذ الأوامر السامية والتوصيات التي أعاقها إهمال المسؤولين. تتسع رقعة معاناة الطفل صلاح الدين مع الإعاقة والبكم والتوحد ومرض السكري وتشوهات خلقية لتشمل الفقر والحرمان من أبسط شروط العيش الكريم التي باتت صعبة المنال وسط أسرة ترعاها أم نحيفة منهكة من حمل ثقل ثلاثة أفراد على كاهلها لسنوات طوال. لا حدود للمأساة التي يعيشها الطفل البالغ 14 عاما بمفرده رفقة عائلته المعوزة، بكوخ مهترئ ضواحي مدينة بركان، بعيدا عن حلم يراود فكره بعيش حياة طبيعية والحصول على أبسط الحقوق وشروط العيش الكريم حفظا لكرامته كإنسان ضعيف. وبشيء من الأسى، تقول والدة صلاح في لقاء بهسبريس: "ابتلاني الله بطفلين في وضعية إعاقة، وتوفيت ابنتي البكر قبل سنوات، والطفل المتبقي يكابد في صمت بدون أن ينطق بأي كلمة تعبر عن مأساته، فيما دفعتني الحاجة إلى ترك طفلتي الصغرى لشقيقتي بأحد الدواوير المجاورة لمدينة الخميسات لتكمل دراستها". بملامح وجه شاحب رسم التعب تجاعيده، وبجسد نحيل أنهكه العمل وحمل صناديق الخضر والفواكه بالضيعات الفلاحية المجاورة لبركان، تسترسل الأم المكلومة في سرد معاناتها لهسبريس: "اسمي دندون عيادة، وأبلغ 55 عاما.. أنا والدة صلاح المصاب بعدة إعاقات وبمرض السكري". تأخذ نفسا عميقا وتضيف: "كنت حاملا بصلاح الدين وفي الوقت نفسه أخرج كل فجر للبحث عن العمل في مجال الفلاحة..مر الوقت بسرعة وأنجبته ليتضح للأطباء أنه يعاني من تشوه على مستوى رجله اليمنى"، وزادت: "لم أعرف في البداية أن الإعاقة الذهنية والحركية والصمم سيصبحان في ما بعد توأما لحياته". تحديات كبيرة يعيشها الطفل الذي لا يقوى على النطق بكلمة واحدة، باستثناء حروف مبعثرة لا يفهم منها شيء، لتنضاف قبل أربع سنوات من الآن معاناة مع مرض السكري المزمن.. "لاحظت في الفترة التي سبقت مرحلة الكشف أنه يكثر من شرب الماء ويأكل بشكل غريب ويدخل في نوبات غضب مستمر"، تقول عيادة. وتستطرد الأم المنهكة في سرد قصة معاناة ابنها الذي حرم من الدراسة: "يبلغ معدل السكري في دمه عادة 5 إلى 6 غرامات، الأمر الذي يفقده الوعي ويدخله في غيبوبة تدوم طويلا هو ووالده، بالرغم من مداومتهما على إبر الأنسولين". ولا يسلم الطفل من سخرية أبناء جيله بسبب تشوه رجله. وتضيف الأم في هذا الصدد: "الإعاقة منعته من ارتداء حذاء مثل باقي أقرانه، ولهذا يرتدي أحذية بلاستيكية تكبر ساقه السليمة بكثير، الأمر الذي يعرضه للسخرية ولنعوت قدحية تكسر خاطري". وختمت الأم قائلة: "أشتغل لمدة 10 ساعات وأكسب 80 درهما لا تسد خصاص البيت وإيجار الكوخ الذي أقطنه ببركان، بالإضافة إلى مصاريف التنقل نحو مدينة الخميسات لزيارة والدتي المقعدة، وعرض صلاح الدين على طبيب أخصائي في مرض السكري". للتواصل مع والدة صلاح الدين: 0654667150