مرة أخرى تعود صفحات مواقع التواصل الاجتماعي لإثارة قضية مثيرة، سبق أن أثارت الجدل قبل أربع سنوات بطنجة، وتتعلق بمنع تلميذات من دخول أقسام الدراسة لشكل غطاء الرأس الذي يرتدينه، والذي يسمى داخل الأوساط المحافظة ب"الخمار"، إذ اتهمت تلميذات محجبات إدارة مؤسسة تعليمية في الصويرة بمنعهن من ولوجها. تعود تفاصيل القضية إلى تناقل نشطاء مغاربة منذ أيام على موقع "فيسبوك"، بجانب صفحات إخبارية محلية بمدينة الصويرة، صوراً قالوا إنها تعود لتلميذات تم منعهن من دخول ثانوية "أكنسوس"، من طرف المدير الثانوية والحارس العام، مبررين قرارهما بكونه مستمدا من "أوامر وزارية"، وفق المصادر ذاتها. مذكرة "ملغومة" وفيما فضلت مسؤولة التواصل بوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، إثر اتصال لهسبريس، غلق الهاتف وعدم الإدلاء بأي معلومة تهم الواقعة، وما إن كانت على خلفية مذكرة وزارية جديدة، إلا أن مصادر من داخل "وزارة محمد حصاد" أكدت للجريدة عدم وجود أي قرار رسمي يلزم مديري المؤسسات التعليمية بمنع التلميذات من ارتداء الحجاب أو حتى النقاب، مشددة على عدم توفر أي مرسوم يحيل على ذلك. لكن مذكرة وزارية، صادرة في يوليوز الماضي، وتهم الدخول المدرسي الحالي، حول اللباس المدرسي الموحد للتلميذات والتلاميذ بالتعليم الإلزامي، فوضت لمجلس التدبير بكل مؤسسة تعليمية سلطة تحديد مواصفات اللباس الموحد، بما يهم "اللون ونوعية القماش والتصميم وغيره". المذكرة، الموجهة إلى مديري الأكاديميات الجهوية والإقليمية ومديري المؤسسات التعليمية، تقول: "...استحضارا للغايات المتوخاة من اللباس المدرسي الموحد بالمؤسسات التعليمية، والتي ترتبط بترسيخ مبادئ المساواة بين التلميذات والتلاميذ، وتقوية روح الانتماء إلى المدرسة، وخلق فضاء تربوي منسجم في مظهره الخارجي، ومعبر عن هوية مشتركة"، لتطلب من المسؤولين "العمل على اعتماد اللباس المدرسي الموحد بالنسبة للمتعلمات والمتعلمين بسلكي التعليم الابتدائي والثانوي العادي". وتضيف الوثيقة ذاتها أن مواصفات اللباس الموحد ينبغي أن "تراعي الخصوصيات المحلية والإمكانيات المادية لساكنة كل منطقة، على أساس أنه يمكن اعتماد الوزرة المدرسية في أدنى الحالات". واقعة طنجة وأعادت واقعة الصويرة إلى الأذهان أخرى مماثلة حصلت في أبريل من العام 2013، حين اتهمت أربع تلميذات يدرُسن بالثانوية الإعدادية ابن سينا بطنجة مديرهُنّ بالإقدام على منعهن من الدخول إلى المؤسسة بسبب "الخمار"، ما دفع بفعاليات من ساكنة بني مكادة وآباء وأولياء التلاميذ إلى رفع شكاية لدى النائب الإقليمي لوزارة التربية الوطنية تضمنت عريضة استنكارية ضد مدير المؤسسة. وتحدثت الشكاية، التي اطلعت عليها هسبريس، عن إقدام مدير "ابن سينا" وحارس البوابة على طرد التلميذات وخلع "خمارهن" ونعتهِنّ ب"الإرهابيات ومثيرات الفوضى"، ما تسبب في حرمانهن من الدراسة وضياع حصص دراسية مهمة وامتحانات دورية لمدة بلغت شهرين، في وقت صرح عزيز البقالي، حارس بوابة المؤسسة، بأن تهمة نزع الحجاب وتعنيف التلميذات "غير صحيحة"؛ على أن أوامر إدارة المؤسسة هي الدافع وراء منعهن من الدخول إلى الإعدادية. احتجاج التلميذات وعائلتهن دفع مدير الثانوية الإعدادية ابن سينا بطنجة، نور الدين المنصوري، إلى الخروج بتوضيح ينفى فيه التوقيف، مشددا على أن الأمر يتعلق بتطبيق قرار مجلس تدبير المؤسسة "بشكل صارم"، والذي يدعو في أحد بنوده إلى التزام الإناث باللباس الموحد المستند على مذكرة وزارية، على أن المعنيات أخلَلْنَ بالالتزام الذي يفيد بأن من بين مواصفات زيّ الإناث "ألا ينزل غطاء الرأس على الكتف أو الصدر"، وهو قرار، يقول المدير، تمّ اتخاذه خلال انعقاد مجلس تدبير المؤسسة بحضور مُمثلِين عن الإدارة والأستاذة وكذا جمعية آباء وأولياء التلاميذ. رأي عام مختلف في استقصاء لرأي الشارع، أجرته هسبريس هذا الأسبوع، حول منع المنقبات ومرتديات "الخمار"، انقسم مغاربة حول اعتبار هذا اللباس يدخل ضمن الحرية الفردية للتلميذات ومن يرى الأمر لباسا دخيلا على المجتمع المغربي ومستوردا من إيران وأفغانستان ودول الخليج؛ فيما اقترح البعض وضع "بادج" على صدر التلميذات المنقبات يحمل أسماءهن بغرض التعرف عليهن من طرف الطاقم التربوي والإداري للمؤسسات التعليمية. الآراء ذهبت إلى ضرورة منع المنقبات على وجه الخصوص من ولوج الحرم المدرسي والجامعي، بخلفية واحدة، وهي "الهاجس الأمني" وليس "الإيديولوجي"، باعتبار النقاب يحجب هوية لابسه "الذي قد يرتديه أي شخص ذكرا أو أنثى، وقد يتسبب في أي كارثة غير مرتقبة". وعبرت آراء أخرى عن ضرورة التزام التلميذات بالحجاب وفق الهوية المغربية "مادام الغرض هو ستر العورة وليس تقليد دول أخرى".