بخلاف الموقف الواضح الذي أعلنته المملكة المغربية الرافض لاستقلال إقليم كتالونيا، لم تجرؤ "البوليساريو" ولا دولة الجزائر التي تعتبر أكبر داعم للطرح الانفصالي بالمنطقة على التعليق على التطورات السياسية الخطيرة التي تشهدها إسبانيا، رغم أن الكاتالانيين يعتبرون من أقوى داعمي "الجبهة" على المستوى الدولي والدبلوماسي. ورغم أن "البوليساريو" توجد في وضع مشابه مع مطالب الانفصاليين الإسبان، الأمر الذي كان يفرض عليها أن تكون أول معلني قرار مساندة "الحلفاء"، إلا أنها فضلت "خيار الصمت" تفادياً للدخول في مواجهة مباشرة مع دولة إسبانيا، التي تُعتبر طرفاً أساسياً في نزاع الصحراء. وكشفت مواقع جزائرية أن قيادة تنظيم البوليساريو وجهت أوامر شديدة اللهجة بمجرد تطور الأوضاع السياسية في الجارة الإسبانية، دعت فيها أتباعها إلى عدم دعم "زعماء كتالونيا"، بالنظر إلى المساعدات الإنسانية التي تمنحها حكومة المركز لمخيمات تندوف؛ وهو الموقف الذي اعتبره كثيرون بمثابة انقلاب واضح على "حكومة كتالونيا" التي لم تتردد يوما في فتح مقرات بلدياتها ومؤسساتها في وجه "البوليساريو". في الصدد ذاته قال الباحث في شؤون الصحراء صبري الحو إن البوليساريو تدرك أن دعمها لإقليم كتالونيا سيفقدها الكثير من النشطاء والمتعاطفين معها الموزعين في باقي جهات إسبانيا، ولفت في تصريح لهسبريس إلى أن الاحتمال الثاني وراء صمت "الجبهة" يعود إلى تفطنها إلى أن إسبانيا ستخرج من أزمتها السياسية متعافية إما بالحوار أو تفعيل مادة 155 وتعطيل الاستقلال. من جهة ثانية، يرى صبري الحو أن رفض الدول الأوروبية للاستفتاء وضع جبهة البوليساريو في موقف حرج، وأدركت أن الخسارة التي ستلحق بها في حالة المساندة تتعدى إسبانيا وتطال كافة الدول الغربية التي عبرت عن رفضها للحركات الانفصالية. وأشار المصدر ذاته إلى أن صمت الجزائر أيضا يظهر "الوصاية والحجر" الذي تمارسه على البوليساريو، واعتبر أن "منبع موقف عدم إعلان قيادة الجبهة "مساندة الحلفاء" هو الجزائر التي أدركت أن الوقوف إلى جانب كاتالونيا يخدم مصالح المغرب". أما الباحث في المعهد المغربي للدراسات الإفريقية الموساوي العجلاوي، فيعتبر أن هناك توجها جديدا داخل الأممالمتحدة يسير في اتجاه التخلي عن مطلب "تقرير المصير" إلى الحل السياسي المتوافق عليه؛ وهي الحالة الموجودة في كوردستان، وكتالونيا والمنطقة الناطقة بالإنجليزية في الكاميرون. وأوضح العجلاوي، في تصريح لهسبريس، أن مناقشات اللجنة الرابعة داخل الأممالمتحدة المعنية بتصفية الاستعمار أكدت خلال مناقشاتها لقضية الصحراء على ضرورة تفادي "بلقنة القارة الإفريقية"؛ ما يعني أن مطلب تقرير المصير "لم يعد وصفة جاهزة لحل النزاع". واعتبر الباحث المغربي أن "سكوت الجزائر والبوليساريو يدخل في هذا الإطار رغم أنهما تشعران بالمرارة، خصوصا بعد مواقف المنتظم الدولي التي وقفت مع وحدة إسبانيا". يشار إلى أن وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربية أصدرت بلاغا يوم الأربعاء، أكدت فيه أن "المملكة المغربية الوفية كعادتها لاحترام مبادئ القانون الدولي تعبر عن رفضها للمسلسل أحادي الجانب لاستقلال كتالونيا، وتشبثها بسيادة مملكة إسبانيا ووحدتها الوطنية والترابية". وأكد البلاغ أن "المسلسل أحادي الجانب غير المسؤول، والذي لا يتوفر على مقومات الاستمرار، المعلن أمس، يحمل في طياته عدم الاستقرار والفرقة، ليس فقط داخل إسبانيا، ولكن في كل جوارها الأوروبي"، وشدد على أن "المملكة المغربية على ثقة في قدرة الحكومة الإسبانية على تدبير هذا الوضع بحكمة، من أجل صيانة النظام الدستوري والعمل وفق المصلحة العليا للأمة الإسبانية والقارة الأوروبية". واضطر رئيس إقليم كتالونيا إلى إعلان تعليق استقلال كتالونيا ليمنح فرصة "للحوار" مع الحكومة الإسبانية. وقال بوجديمون، خلال الخطاب الذي ألقاه أمام برلمان الإقليم، إن الاستفتاء الذي أجري مطلع شهر أكتوبر الجاري بشأن استفتاء كتالونيا أعطى حكومته تفويضا لتحويل الإقليم إلى "دولة مستقلة"؛ ولكن يتعين تجميد هذه العملية، وأضاف: "نقترح وقف إعلان الاستقلال لعدة أسابيع من أجل إجراء حوار"، ودعا الحكومة الإسبانية إلى "الإنصات..ربما ليس الإنصات لنا، ولكن للأشخاص (الآخرين) الذين يطلبون إجراء وساطة".