بعد موجة الغضب التي عبرت عنها هيئات حقوقية مغربية إثر رفض المغرب توصيات تهم الحرية الفردية لدى المغاربة، خلال تقديم نتائج الاستعراض الدوري الشامل بمجلس حقوق الإنسان خلال دورته الأخيرة بجنيف، وهي الموجة التي طالت المصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، خرجت هيئات أخرى لتهاجم الوزير الإسلامي بسبب موقفه تجاه المثليين. سياق هذه المواجهة رسالة مفتوحة وقعتها 154 جمعية مغربية، منها هيئتان تضم نشطاء مثليين وتدافع عن حقوقهم، تقول فيها إن الرميد أساء إلى هذه الفئة من المغاربة "حين صرح في معرض جوابه عن استفسارات بعض الصحافيين، قائلا: "وابزاف.. هاد المثلية الجنسية عاد ليها الشان ونتكلمو عليها..الأوساخ هاد الناس""، مشيرة إلى أن هذا الموقف جاء عقب حضور الوزير للجلسة الافتتاحية لورشة "الآليات الوطنية للوقاية من التعذيب بشمال إفريقيا"، بالمكتبة الوطنية بالرباط. تصعيد الهيئات الغاضبة بلغ درجة مطالبتها رئيس النيابة العامة بفتح تحقيق مع الوزير الرميد "عن مواقفه اللادستورية واللاحقوقية التمييزية بسبب الميول الجنسية"، وطلبها من مؤسسات الدولة المعنية أيضا فتح تحقيق آخر معه وإحالته على المحاسبة الحكومية والتشريعية والقضائية، مشددة على أن رئيس الحكومة مدعو إلى "ممارسة اختصاصاته السياسية تجاه هذا الوزير الشارد عن السياسات العامة المعلنة"، وفق تعبيرها. وبجانب هيئتين تضمان نشطاء مثليين وتدافع عنهم، وهما "مجموعة أصوات لمناهضة التمييز المبني على الجنسانية والنوع الاجتماعي" و"مجموعة أقليات لمناهضة التجريم والتمييز ضد الأقليات الجنسية والدينية"، فإن هيئات أخرى وقعت على الرسالة المفتوحة الموجهة إلى رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، من بينها جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان، والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، ومؤسسة أيت الجيد للحياة ومناهضة العنف، والمنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف، والفيدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية، والمركز المغربي للديمقراطية والأمن وجمعية منتدى بدائل المغرب. وأوردت الوثيقة، التي توصلت هسبريس بنسخة منها، أن الرميد الذي وصفته ب"الوزير المنتمي إلى تيار الإسلام السياسي"، سبق أن عبر في معرض رده على انتقادات جمعيات حقوقية للاستعراض الدوري الشامل للمغرب بمجلس حقوق الإنسان بالقول: "هل يريدون أن نرفع التجريم يوما ما عن العلاقات الجنسية المثلية؟ وهل يمكن أن يتعايش المغاربة مع تشريع يسمح بهذا، أو بتشريع يساوي بين الرجال والنساء في الإرث؟"، وهو ما استنكرته الهيئات المذكورة. ويضيف المصدر ذاته أن وصف الأوساخ الذي اتهم الرميد بتوجيهه للمثليين المغاربة "خرق سافر للدستور المغربي"، و"مؤشر على قمة الانحطاط الذي أصبحت فيه حكومة تحالف الإسلام السياسي والقوى الرجعية المناهضة لحقوق الإنسان المتحكمة حاليا في دواليب الدولة"، مضيفة أنه "يفترض في كل الوزراء الولاء للدستور ومبادئه ومقتضياته الحقوقية، لا تصريف المعتقدات الشخصية والحزبية". وفيما عبرت الجمعيات، التي وصفت نفسها بأنها "متشبعة بمبادئ حقوق الإنسان الكونية والشمولية"، عن غضبها الشديد "لما تتعرض له حقوق المثليين المغاربة "كأقلية" تجب حمايتها وصيانة حقوقها"، قالت إن استناد الوزير المكلف بحقوق الإنسان إلى الدين في مناقشة مثل هذه المواضيع الحساسة "يضرب في العمق حقوق الإنسان والأقليات داخل البلاد، وهو استهتار بحقوق الإنسان"، وفق تعبيرها. المطالب الأخرى للهيئات الغاضبة من الرميد شملت أيضا "ممارسة رئيس الدولة جلالة الملك محمد السادس اختصاصاته الدستورية لحماية حقوق وحريات الأفراد والجماعات باعتباره الضامن لممارستها دستوريا"، و"حماية السير العادي للمؤسسات، إذ إن وزارة حقوق الإنسان نشأت لدعم الحقوق والحريات وليس لمحاربتها وخلق أسس تقويضها"، لتشدد على أن الرميد "بمثل هذه التصريحات يشجع "فوبيا المثلية" المحرمة أمميا، ويحرض بشكل أو بآخر ضد النشطاء الحقوقيين، وخاصة المدافعون عن الحقوق الشخصية حينما نعتهم ب"دعاة اللواط"". وكان المصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، قد أورد خلال مشاركته في دورة مجلس حقوق الإنسان في جنيف خلال شتنبر المنصرم، أن المغرب رفض 44 توصية قدمتها الدول المنضوية تحت الهيئة الأممية، تهمّ رفع التجريم عن العلاقات الجنسية بالتراضي مع الجنس نفسه وإلغاء الأحكام التمييزية المتعلقة بالحضانة والوصاية على الأطفال والزواج والميراث وتعدد الزوجات، وذلك بمبرر وجود ثوابت جامعة نص عليها الدستور.