تكشف الثورات العربية يوما بعد يوم عالم السلطة الغريب. ومن تونس إلى مصر فليبيا وباقي الساحات الثائرة تخرج أسرار ممارسات يصدق عليها وصف شر المضحكات المبكيات. قبل مدة قصيرة وبعد أن استطاع المصريون إزاحة كابوس نظام مبارك من على صدورهم، انكشفت ألاعيب سلطة متآكلة.وخرج الخبر اليقين. عدد كبير من التفجيرات والاغتيالات والعمليات الإرهابية دبرت ونفذت وتم التخطيط لها في ردهات البوليس السياسي لوزارة الداخلية بقيادة حبيب العادلي. وفي تونس استفاق “التوانسة” على أسرار صادمة لتفاصيل تورط رئيسهم في بيع الأسلحة والمخدرات. وعض الناس على أصابعهم وهم يرون كيف حكمهم رئيس لم يكن سوى زعيم كبير لمافيا ترويج المخدرات وتاجر سلاح. وخلف ياقاته الأنيقة توارى مستنقع من القذارة السياسية وصل حد الاشراف على تفجير كنيس جربة اليهودي ومقتل العشرات، والهدف الخفي ترويع الغرب و قياداته ومجتمعه المدني لتقديم نفسه عنوانا للحل الأمني. لكن أخطر وأغرب ما اكتشفه العالم ، ما يتعلق بنظام معمر القذافي. ولا غرابة في الأمر لأن ملك ملوك إفريقيا تعود على إتيان غريب الفعل والقول. وتقول الأخبار الواردة من بلاد عمر المختار أن مخابرات القذافي أنشأت لمدة42عاما جهازا غريبا سمي ب" برنامج طمس النجوم ". وتقول ذات التقارير أن الهدف من البرنامج إقصاء كل المواهب الصاعدة وتمريغ كرامتها في و حل التراب. فلا مكان هنا لطفل صغير عبقري في الرياضيات ولا لعالم تملأ شهرته الأصقاع ولا لبطل رياضي تملأ صوره التلفزيونات. فلا زعيم غير القذافي وأبنائه. هو الواحد الأحد. وحتى معلقي كرة القدم على التلفزيون الليبي يمنعون من ذكر أسماء اللاعبين. إنهم مجرد أرقام أما الإسم الجدير بالتردد مئات الآلاف من المرات في وسائل الإعلام فهو إسم معمر القذافي. وفي الوقت الذي تبذل فيه الأمم والشعوب أموالا طائلة لصناعة النجوم الرياضية والفنية والعلمية وتشجيع الخلق والإبداع وتطوير المبادرات الفردية الخلاقة تتحول الذوات المبدعة إلى عدو للسلطة والحاكم. وتصير النجومية ممقوتة أكثر إذا كان صاحبها غير مسبح بنعم الحاكم بأمر الله . لم نصل في المغرب بعد هذا المستوى لكن بو ادر كبيرة تشير الى أن عقليات سلطوية لا تزال تحلم بالفعل ذاته. قد يكون الأمر في المغرب غير مؤسس على الطريقة التي اشتغل بها نظام “ملك ملوك إفريقيا” لكن ممارسات كثيرة تشير الى أن تشابها ما يحصل حتى هنا كذلك. في المغرب أيضا نعادي النجاح. ويتم اعتقال رشيد نيني لأنه نجم نجوم كتاب الأعمدة في المغرب. ويطرد بوبكر الجامعي لأنه صرح في أكثر من مرة “غيروا طرق الحكم.”ويمنع أحمد السنوسي من الكلام لأنه صوت مخالف.ويهمش المهدي المنجرة لأنه عالم مستقبليات جليل ذو تفكير نقدي.. وفي الأمس القريب تلطخ سمعة سعيد عويطة بإقحامه في صراع سياسي قذر لأنه نجم عالمي. أمثلة كثيرة اخرى تفيد أن يدا خفية تحاول ان تقطف كل الأشياء الجميلة في وطن ملئ بالإمكانيات والكفاءات...لكنها للأسف مقبورة...أو في أحسن الحالات يتم التنكيل بها يوميا أمام ساحات البرلمان وفي العاصمة الرباط إن هي طالبت ولو من باب حفظ الكرامة بمنصب شغل يستر ولا يغني... نتمنى أن لا نكتشف في وقت معين ما اكتشفه أشقاؤنا العرب من وجود أجهزة هدفها إطفاء الإبداع والنجومية وتكريس الرداءة لأن للأنظمة الاستبدادية في العالم العربي وفي العالم أجمع منطق واحد...تأليه ذات الزعيم وقدراته الخارقة...وإطفاء نور النجومية بأفواههم وسجونهم وجيوشهم وغرفهم المفخخة...ألم يقل مفكرنا الجليل محمد سبيلا أن “لبطولات الاستبداد العربي صولات وجولات لا مثيل لها في العالم كله”.