وصل رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الجمعة إلى مقديشو في زيارة غير مسبوقة لتفقد ضحايا أسوأ مجاعة في الصومال منذ عشرين عامًا. وأطلق أردوغان، صرخة إنسانية إلى الضمير العالمي والشعوب المتحضرة لإنقاذ الشعب الصومالي من الجفاف والمجاعة، مؤكداً في الوقت نفسه أن تركيا لن تنتظر الدول لتتحرك، بل ستعمل من أجل وقف هذه المأساة. وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي شيخ شريف شيخ أحمد، نقلته وكالة أنباء "الأناضول" التركية الحكومية، رأى أردوغان أنّ مأساة الصومال هي اختبار للقيم، قائلاً: "في الواقع، المأساة في الصومال تختبر القيم المعاصرة. ما نريد أن نقوله هو أن على العالم المعاصر أن يجتاز هذا الاختبار ليثبت أن القيم الغربية ليست بلاغة جوفاء. أريد أن أخاطب ضمير كل إنسان. أريد أن أخاطب الأهالي الذين يعيشون في الجهة الثانية من العالم. أرجوكم، لا تنسوا أن حقوق أطفالكم الذين يمضون وقتاً سعيداً في المتنزهات، يستحقها أيضاً الأطفال هنا. الأمهات والآباء في الصومال يحزنون بشدة. وفي الواقع، يمكن إطفاء هذا الحريق. ونحن الأتراك لن ننتظر ماذا ستقول الدول الأخرى". وأضاف الزعيم التركي: "أخاطب بلدي من هنا. هناك بعض الشائعات التي تقول ماذا يفعل هناك مع وجود فقراء في تركيا؟ أنصحهم بأن يأتوا إلى الصومال ويروا ما هو الوضع عليه". وتابع: "أعلم أن الصومال يمر بأسوأ أيامه، وشهوره، وربما سنواته. إنه يقف وجهاً لوجه مع الجفاف والجوع. رأينا مخيمات، وهناك أخرى سنزورها بعد المؤتمر الصحافي. الناس يواجهون تحديداً الأمراض. حزنّا بعمق لدى رؤيتنا الوضع، وخاصة الأطفال". وتوجه إلى الصوماليين قائلاً: "نحن هنا لسماع صوتكم عن قرب. نحن هنا مع نوّابنا ورجال وسيدات أعمالنا وفنانينا ومنظماتنا غير الحكومية. نريد أن ننقل وضعكم للعالم من خلال هذه الزيارة. وفي الواقع، هذه المسألة لا تتعلق بتركيا، بل بالعالم أجمع. لكن نحن، كتركيا، نتصرف وكأنه لا يوجد أحد". من جهة ثانية، أعلن رئيس الوزراء التركي أن بلاده ستنشئ سفارة لها في العاصمة الصومالية مقديشو. وكشف أن بلاده ستشق طريقاً من مطار مقديشو إلى المدينة، وستحفر آباراً لتحسين إمدادات المياه، وستبني مدارس ومنازل. وبعد اللقاء الصحافي، زار أردوغان بصحبة زوجته أمينة، وأربعة من وزرائه، بينهم وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو وزوجته ساره، ووفد كبير من رجال الأعمال والإداريين والنواب معسكراً للنازحين ومستشفى ومخيماً للمساعدات أنشأه الهلال الأحمر التركي. وأبلغ المدير العام للهلال التركي عمر تاسلي، أردوغان، أن المخيم يمكن أن يستوعب 250 شخصاً. وقام أردوغان بدوره بتوزيع المساعدات الغذائية على النساء والأطفال، وطمأن امرأة فقدت طفلها بسبب المجاعة إلى أن مستشفى سينشأ قريباً في المنطقة. ويرافق أردوغان زوجته أمينة ووزير الخارجية داود احمد اوغلو، وفق ما علم في أنقرة، وذكرت وكالة أنباء الأناضول في اسطنبول أن جناح طائرة تقل الوفد المرافق لأردوغان لامس مدرج الهبوط في مطار مقديشو. وأصيب الجناح الأيمن لطائرة الخطوط الجوية التركية بأضرار مادية. ولم يصب أي من أعضاء الوفد الذي يضم رجال أعمال وإداريين ونوابا ومغنين ورجال امن بجروح. وقامت تركيا بحملة إنسانية ودبلوماسية واسعة للتصدي للجفاف في الصومال التي يعاني نصف سكانها، أي قرابة 3,7 ملايين، من المجاعة ويحتاجون إلى مساعدات عاجلة، وتعهد أعضاء منظمة التعاون الإسلامي الأربعاء في اسطنبول تقديم 350 مليون دولار للصومال خلال اجتماع طارئ. وشكلت كازاخستان وتركيا والسعودية والسنغال ومنظمة التعاون الإسلامي مجموعة خاصة مكلفة بمتابعة الوضع في الصومال وتنسيق حملات المساعدات، وأرسلت تركيا أربع طائرات محملة بعشرات الأطنان من المؤن والأدوية إلى الصوماليين. ولم يتم الكشف عن تفاصيل زيارة أردوغان للإعلام لأسباب أمنية على الأرجح، وفي نوفمبر الماضي، أصبح الرئيس الأوغندي يويري موسيفيني أول رئيس يزور الصومال خلال عشرين عامًا.