قال عبد اللطيف الجواهري، والي البنك المركزي، إن المغرب في حاجة إلى الشروع في إصلاح سعر صرف الدرهم لدعم الإصلاح الاقتصادي، وهو الأمر الذي كان مقرراً نهاية يونيو الماضي وتم تأجيله إلى أجل غير مسمى بعد تسجيل مضاربات في سوق العملة. وأضاف الجواهري، في ندوة صحافية عقدها اليوم الثلاثاء بالرباط بعد اجتماع مجلس إدارة بنك المغرب، أن اعتماد تحرير سعر صرف الدرهم إصلاح ضروري للبلاد، وتساءل: "كيف يمكن للبلاد أن تتقدم بدون إصلاح، فالعالم يتغير ونحن في حاجة إلى هذا الإصلاح المتعلق بتعويم الدرهم". وأشار إلى أن تحرير سعر الدرهم سيساعد المغرب على الإقلاع الاقتصادي والوقاية من الصدمات الخارجية، وحذر من تضييع المزيد من الوقت بسبب الصعوبات التي يمكن أن تطرح في حالة التأخر في إصلاح القطاع المالي. وأقر والي بنك المغرب بتقصير مؤسسته في التواصل مع الجمهور العريض حول تعويم الدرهم، وقال: "قمنا بنقد ذاتي، لقد كنا متأخرين بعض الشيء بخصوص التواصل؛ لأن كبسولات التواصل باللغات العربية والأمازيغية والفرنسية لم تصدر في الوقت المناسب". وأعاد الجواهري التأكيد على أن المغرب يمكنه اعتماد تحرير سعر الدرهم؛ لأنه في وضعية اقتصادية مستقرة وعادية، عكس بعض الدول التي اعتمدت القرار في ظل الأزمة المالية وتضررت بفعل انخفاض قيمة العملة، في إشارة إلى حالة مصر. وأضاف قائلاً: "إذا كانت الحكومة قد أجلت الأمر لإتاحة مزيد من الوقت للإصلاح، فهذا شيء إيجابي؛ لأن الإصلاح مهم وسيدوم سنوات عبر ثلاثة مراحل. لهذا، أفضل حكومةً تأخذ وقتاً أكثر للتفكير على حكومة تتسرع في القرار". وشدد على أن هذا الإصلاح المهم يسعى إلى الوقاية من الصدمات الخارجية، من قبيل ارتفاع أسعار البترول، ومن أجل المحافظة على تنافسية الاقتصاد، وأشار إلى أن "القرار السياسي بخصوصه يعود إلى الحكومة، وما هو تقني يعود إلى البنك المركزي". واستفاض الجواهري في الحديث عن هذا الموضوع الذي أثار تحليلات وجدلاً كبيراً في المغرب، وشدد على أن بنك المغرب قام بما يجب بخصوص عملية التحرير الذي كانت مبرمجة، وكشف أنه عقد 20 لقاءً مع الأبناك المغربية، و14 لقاء مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب، ولقاءات أخرى مع مكاتب صرف العملات، إضافة إلى لقاءات مع مغاربة العالم في كل من باريس وبروكسيل ومدريد. كما أشار الجواهري إلى أنه عقد لقاءً مع سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، بعد عيد الفطر في منزله، وتداول معه حول هذا الموضوع بالحديث عن فوائده على القطاع المالي والاقتصاد المغربي بصفة عامة. وأكد أنه "يجب المضي قُدماً في هذا الإصلاح". وفي حديثه عن شراء العملة قبيل فاتح يوليوز، قال الجواهري إن "شراء العملة من أجل عمليات الاستيراد لا مشكلة فيها، لكن المعاملات التي تخالف القانون لا يجب أن تتم، ومكتب الصرف يقترب من الانتهاء من تقرير حول مراقبة البنوك وسيقدمه للحكومة لمعرفة البنوك التي خالفت القوانين في هذا الصدد". وكان البنك المركزي قد أعلن في 20 يونيو الماضي عن قرار الشروع في تعويم الدرهم بشكل رسمي انطلاقاً من يوليوز، لكن الحكومة قررت تأجيل ذلك دون تحديد موعد لاحق، فيما سبق لرئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، أن أكد أن القرار لا يزال على الطاولة. ويُعتَقَدُ أن قرار تأجيل اعتماد سعر صرف مرن للدرهم يعود إلى ممارسات المضاربة المالية من قبل الأبناك المغربية من خلال شراء العملة الأجنبية قبيل التاريخ الذي كان مرتقبا أن يدخل فيه القرار حيز التنفيذ، إضافة إلى الآثار الاقتصادية التي قد تنتج عن انخفاض قيمة الدرهم.