لا يزال حزب العدالة والتنمية يعيش على وقع التباين الكبير بين تيارين؛ الأول يدعو إلى التجديد لعبد الإله بنكيران، الأمين العام الحالي للحزب، والثاني يحذر من هذا التوجه، وهو التيار الذي أصبح يسيطر على الحزب ويوصف بتيار الاستوزار. ومع اقتراب موعد المؤتمر الوطني الثامن لحزب العدالة والتنمية، يعيش التنظيم السياسي القائد للحكومة حركية غير عادية، حيث قررت اللجنة التحضيرية، التي يرأسها محمد يتيم وزير الشغل والإدماج المهني، أن تنظم في الأسابيع المقبلة ندوتين وطنيتين؛ الأولى تنظيمية لمناقشة النظام الأساسي للحزب والذي يثير نقاشا كبيرا، والثانية سياسية لإعداد الأطروحة السياسية للمؤتمر. وتنامت المخاوف داخل المعارضين للوزراء من حسم "تيار الاستوزار" للنقاش عن طريق قطع الطريق على عبد الإله بنكيران ومنعه من ولاية ثالثة على رأس "البيجيدي"، حيث تعالت الأصوات المطالبة بضرورة أن تكون الأولوية للندوة السياسية. المخاوف التي عبرت عنها العديد من الأصوات داخل حزب العدالة والتنمية مردها إلى كون إعطاء الأسبقية للندوة التنظيمية سيعطي الفرصة "لتيار الاستوزار" من أجل حسم موقف إبعاد بنكيران عن الولاية الثالثة، مطالبين بضرورة إعطاء الأولوية للندوة السياسية وبناء عليها يمكن تنزيل مخرجاتها تنظيميا. وفي الوقت الذي يعتبر التجديد لبنكيران موقفا سياسيا حسب معارضي تيار الوزراء، يتجدد النقاش داخل "المصباح" حول تعديل النظام الأساسي للحزب؛ وذلك بحذف المادة ال16 من عدمها، وهي التي تنص على أنه "لا يمكن لعضو أن يتولى إحدى المسؤوليات الآتية لأكثر من ولايتين متتاليتين كاملتين: الأمين العام، رئيس المجلس الوطني، الكاتب الجهوي، الكاتب الإقليمي، الكاتب المحلي". ومما زاد التقاطب حدة بين التيارين هو ما صرح به بنكيران عندما هاجم بشكل ضمني "تيار الاستوزار" بالقول، "الجميع يعلم أن هناك أزمة على مستوى رئاسة الحزب وقيادته، وأنا أحاول أن أدبرها بالتي هي أحسن، في انتظار تسليم المسؤولية لشخص آخر"، مضيفا في آخر خروج له "أسمع كلاماً غير صحيح ومؤلماً عن نفسي، من أشخاص مقربين، ومع ذلك ألوذ بالصمت، رغم أنني أمين عام الحزب، ويمكنني أن أمارس صلاحياتي عبر تشكيل لجان للتحقيق". وبعدما صرح بنكيران، قائلا: "أنا قريب باش نتفارق معكم، ربما من هنا ثلاثة أشهر أو ربما نزيد شي حاجة، وهذا أمر لا يهمني"، سبق لمصادر من داخل حزب "المصباح" أن كشفت أن تيار المستوزرين أصبح يقوم بحملة انتخابية سابقة لأوانها، بهدف الإطاحة بعبد الإله بنكيران وقطع الطريق أمامه لولاية ثالثة، بدعوى أن استمراره مجددا سيجعل الحزب في صدام مع الدولة وأعلى سلطة فيها.