بعد رفض الأمانة العامة لحزب "العدالة والتنمية" تغيير القانون الداخلي للحزب، من أجل السماح ل"عبد الإله بنكيران" بالترشح لولاية ثالثة أمينا عاما، وبعد تأكيد هذا الرفض من طرف المجلس الوطني للحزب المنعقد مؤخرا، بتصويت 126 ضد التمديد للأمين العام و101 لصالح التمديد...دخل الحزب الإسلامي في متاهة تنظيمية وتدافع(بالمعنى السياسي للكلمة التي تحيل على الصراع في الأبجديات الغير الإسلامية) شديد بين ما سمي إعلاميا بتيار "الإستوزار" وتيار "بنكيران"، تجاذب سيرخي بظلاله لا شك على المؤتمر الوطني المزمع عقده قريبا. لكن وقبل الخوض في السيناريوهات الأربعة المحتملة لمؤتمر حزب "المصباح"، لابد من الإشارة لنقطتين مهمتين من الناحية التنظيمية والسياسية، لم نفهم السبب في إغفالهما من طرف العديد من المحللين للشأن/الصراع التنظيمي(السياسي) الذي يدور رحاه داخل الحزب الإسلامي الأول بالمغرب... فمن جهة لماذا يجزم الجميع ويعتبر أن تغيير المادة 16 من القانون الداخلي، التي تسمح ل"بنكيران" أو أي أمين عام آخر بالترشح 3 مرات والبقاء على رأس الأمانة العامة ثلاث ولايات متتالية، أن "عبد الإله بنكيران" سيظفر بالولاية الثالثة وسينتصر على أي منافس أو مرشح ضده، فهذا يعني من وجهة نظرنا أن الرجل يتوفر على شعبية كبيرة داخل الحزب ولن يستطيع أي مرشح هزمه، وبالتالي وجب قطع الطريق أمامه بأي شكل من الأشكال...؟ ومن جهة أخرى، ما يقع داخل حزب "العدالة والتنمية" ليس صراعا تنظيميا أو قانونيا، بل هو من وجهة نظرنا صراع سياسي محض بين تيار "بنكيران" وتيار مناوئ له (تيار الإستوزار)، يسعى لتفادي أي مواجهة بين الحزب والدولة تعيد عقارب الساعة بين الطرفين(الدولة والحزب) إلى الصفر، الأمر الذي انتبه له "بنكيران" وتياره مبكرا حينما طالب بتغيير المادة 37 كذلك من القانون الداخلي للحزب، التي لو نجح تيار الأمين العام الحالي في تغييرها لمنع الوزراء من الوصول إلى الأمانة العامة، وبالتالي عزل التنظيم الحزبي بمفهومه الأكاديمي عن الحكومة، مما يعني عمليا قطع دبر تيار "الإستوزار" وعزله تنظيميا. وبالعودة إلى السيناريوهات المحتملة للمؤتمر الوطني لحزب "العدالة والتنمية"، فمن وجهة نظرنا لن تخرج عن أربع سيناريوهات لا غير: -1- قبول تيار "بنكيران" لنتائج المؤتمر وعدم إثارة النقاش حول تغيير المادتين 16 و37 من القانون الداخلي المشار إليهما أعلاه، بمبرر الحفاظ على وحدة الحزب وصورته أمام ناخبيه، عن طريق تحكيم المنطق الديني الذي يميز الحزب عن باقي الأحزاب المغربية الأخرى، وهذا السيناريو يعني الموت السياسي والتنظيمي لتيار الأمين العام الحالي رغم تمكينه من مناصب قيادية داخل الحزب عن طريق التفاهم القبلي أو نظام "الكوطا". -2- عدم حضور "عبد الإله بنكيران" للمؤتمر بشكل نهائي ونهج سياسة الكرسي الفارغ، حيث لم يحضر الرجل لاجتماع الأمانة العامة الأخير، وهذا الإحتمال سيؤدي حتما ودائما من وجهة نظرنا، إلى تأزيم الوضع التنظيمي داخل الحزب وربما حدوث انشقاق داخله بعد إعلان "بنكيران" مغادرته للحزب وللحياة السياسية بصفة نهائية، خصوصا إذا أخذنا بعين الإعتبار أن "بنكيران" يعتبر نفسه تعرض لخيانة من بعض المقربين منه ومن طرف الجناح الدعوي للحزب(حركة التوحيد والإصلاح)، الذي لعب (الجناح الدعوي) دورا كبيرا في عدم تغيير المادة 16، وتصويت المجلس الوطني الأخير ضد التمديد. -3- الدفع من طرف تيار الأمين العام الحالي، ب"مصطفى الخلفي" أو أي إسم آخر مقرب من "بنكيران" (عبد العالي حامي الدين مثلا رغم رفضه من طرف بعض الجهات بسبب ما قيل عن تورطه في استشهاد آيت الجيد بنعيسى بفاس) كمرشح للأمانة العامة للحزب، والدفاع بشكل قوي عن الإسم المقترح والدعاية له من طرف "بنكيران"، في أفق عودة الأخير(بنكيران) للأمانة العامة للحزب في الولاية القادمة، وهو الإحتمال الأقرب من وجهة نظرنا. -4- محاولة تفجير المؤتمر ونهج سياسة الأرض المحروقة من طرف أنصار "بنكيران"، وإعلان المواجهة المباشرة مع الدولة من داخل المؤتمر، في ظل عدم توافر الشروط الموضوعية والسياسية لتأسيس حزب ديني جديد بالمغرب، وهو احتمال بعيد جدا من وجهة نظرنا.