يبدو أنَّ الأمَل الذي كانت النقابات العمالية تعلّقه على حكومة العثماني، لتجاوز "سوء الفهم" الذي وسَم الولاية الحكومية السابقة، التي رأسها عبد الإله بنكيران، قد خابَ، بعد أربعة أشهر فقط من تنصيب الحكومة الجديدة، بالرغم من أنّ وزارة التشغيل والإدماج المهني باشرت لقاءات مع النقابات، بعد تعيين الحكومة مباشرة. الاتحاد المغربي للشغل، وهو من أكبر النقابات العمالية في المغرب، أصدر بلاغا انتقد فيه بشدّة حكومة سعد الدين العثماني، بسبب ما وصفه ب"الهجوم على حقوق ومكتسبات الطبقة العاملة، والخروقات المتكررة على الحريات النقابية أمام تفرج الحكومة". وذهب الميلودي موخاريق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، إلى القول، في تصريح لهسبريس، إنَّ حكومة سعد الدين العثماني "هي نسخة طبْق الأصل لحكومة عبد الإله بنكيران". وكان موخاريق قدْ رحّب، في تصريح سابق لهسبريس، بالحوار مع الحكومة الجديدة، غداة تشكيلها؛ لكن يبدو أنّ هذا الترحيب قد تبدّد. "حين نُصّبت الحكومة الحالية عبّرنا عن نيّتنا لبناء علاقة مهنيّة مبنية على الحوار والمقاربة التشاركية، وتجاوُز مخلفات الحكومية السابقة؛ لكن بعد مائة يوم تبيّن أنّ الحكومة الحالية لا فرق بينها وبين الحكومة السابقة"، يقول موخاريق، مضيفا، في تعليقه على اللقاءات التي باشرها وزير التشغيل مع النقابات "كان هناك لقاء يتيم فقط مع الوزير يتيم". الاتحاد المغربي للشغل طالب، في البلاغ الصادر عن أمانته الوطنية، عقب اجتماعها في دروتها العادية المخصصة للدخول الاجتماعي والسياسي، الحكومة بالاستجابة الفعلية لمطالب المأجورين المطروحة لديها، مؤكدا أنه "لن يزكي أي حوار اجتماعي في لقاءات صورية لتكرار التجربة السابقة"، كما حمَّل الحكومة مسؤولية "تدهور الجو الاجتماعي بالمغرب". واعتبر موخاريق أنَّ "أوّل خطأ ارتكبه سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة الحالي، هو أنّه لم يباشر أيّ لقاءات مع النقابات العمالية قبْل عرْض حصيلة الأربعة أشهر الأولى من عمل حكومته، والاستماع إلى مقترحاتها وأخذها بعين الاعتبار، واكتفى، فقط، باستقبال ممثل الاتحاد العام لمقاولات المغرب". وأضاف موخاريق: "الباطرونا لديهم اثنان وعشرون مطلبا تتعلق أساسا بمراجعة مدونة الشغل، وهذه المطالب ستؤدّي إلى زيادة هشاشة وضعية الطبقة العاملة، والعثماني استمع إلى ممثليها، ونحن لم يجلس معنا إلى طاولة الحوار"، بينما عبّر التنظيم النقابي عن رفضه "أي إجراء تراجعي لمدونة الشغل، تُقدم الحكومة من خلاله الطبقة العاملة قربانا لأرباب العمل لتكريس الاستغلال والهشاشة في عالم الشغل". وفي تقييمها لحصيلة ال100 يوم الأولى من أداء الحكومة، اعتبرت الأمانة الوطنية للاتحاد المغربي للشغل أنّ الأداء الحكومي خلال هذه الفترة "لم يأت بشيء يذكر لصالح الشغيلة المغربية من تحسين أوضاعها المادية والمهنية وحماية حقوقها والاستجابة لمطالبها"، معتبرة إياها "حصيلة سلبية بالنسبة للمأجورين". وفي هذا الإطار، قالَ الميلودي موخاريق "رئيس الحكومة أعلن أنّ حكومته اتخذت 120 إجراء منذ تنصيبها إلى الآن؛ لكن السؤال المطروح هو: هل هناك إجراء واحد لفائدة الطبقة الشغيلة ضمن هذه الإجراءات؟". من جهة أخرى، ندد الاتحاد المغربي للشغل بأسلوب تعامل الحكومة مع النقابات العمالية، قائلا إنه أخذ علما بما يروج حول فتح جولة في مجال الحوار الاجتماعي عبر الصحافة. وفي هذا السياق، قال موخاريق: "كان من المفروض أن تفتح معنا الحكومة قنوات تواصل مباشرة، لا أن تخاطبنا عبر الصحافة، وهذا يبيّن جهل الحكومة الحالية بآليات الحوار والتفاوض".