بدت استعدادات مسلمي بوروندي لعيد الأضحى حثيثة، رغم الفقر المتفاقم جراء الأزمة السياسية والأمنية التي تهتز على وقعها البلاد منذ أكثر من عامين، وارتفاع أسعار الأضاحي بسبب تزايد الطلب. ومنذ 26 أبريل 2015، تعيش بوروندي على وقع أزمة سياسية اندلعت على خلفية إعلان الرئيس، بيير نكورونزيزا، ترشحه رسميًا لولاية رئاسية ثالثة يحظرها الدستور وترفضها قوى المعارضة. ورغم إعادة انتخاب نكورونزيزا لولاية ثالثة، إلا أن البلاد ما تزال تنوء تحت ثقل أعمال العنف والاغتيالات، ما أثقل مؤشراتها الاقتصادية، وفاقم من معاناة سكان البلد الصغير الواقع وسط إفريقيا. تحدي الأزمة في العاصمة بوجمبورا، حيث توجد نسبة كبيرة من المسلمين، دبّت الحياة مجددًا في شرايين المدينة، حتى يخيّل لمرتاديها أنّها خلعت فجأة رداء الحداد، وارتدت حلّة الاحتفال، استعدادًا لعيد الأضحى الذي يصادف اليوم الجمعة. غير أن تزايد الإقبال على الماعز والخراف كان لا بدّ وأن يؤدي آليًا إلى ارتفاع الأسعار، جراء الخلل الحاصل بين عرض مستقر وضعيف مقابل طلب متزايد. غلاء يثقل كاهل سكان وأدت الأزمة قدرتهم الشرائية، لكنه لم يمنع المسلمين منهم، بأي حال، عن الاستعداد بما يليق بالمناسبة الدينية المقدسة. ففي سوق الأغنام في"جيهوشا" بضاحية "نتاهانغوا" شمال بوجمبورا، بدت الحركة خلال الأيام الماضية استثنائية لأبعد الحدود، إذ يتدافع رواد السوق بحثًا عن الأضاحي. عائشة، بوروندية مسلمة، كانت تقف وراء الحشود، رافعة رأسها في محاولة لرصد خروف يمكن أن يفي بالغرض. "جئنا لابتياع خروف للعيد"، تقول المرأة نفسها قبل أن تستدرك: "الأمر لم يكن بالسهولة التي اعتقدنا، فلقد تضاعفت الأسعار لمرتين بل لثلاثة". وحتى قبل أسبوع، كان سعر الخروف في البلاد لا يتجاوز 60 دولارًا، لكنه تجاوز حاجز ال150 وأكثر من ذلك، اعتمادًا على وزن الأضحية. عائشة، التي قصدت السوق رفقة زوجها محمد عيسى، بدت مستاءة لأبعد الحدود، وهي تهتف: "إنه باهظ الثمن!".. وغير بعيد عنها وقف إدغار يراقب الخرفان عن كثب، قبل أن يستدير بمجرد أن تفوه أحد الباعة بالأسعار. إدغار، المقيم في حي"بويزا" بالعاصمة، قال إن الكثير من مسلمي العاصمة ارتادوا السوق، منذ الإثنين الماضي، بحثًا عن الأضاحي؛غير أنهم عادوا مرات عدة خائبين بسبب غلاء الأسعار. "البلاد تواجه أزمة منذ 2015"، يقول المتحدث نفسه، ويضيف: "نحمد الله على أننا ما نزال أحياء.. علينا أن نحتفل بهذا الأمر ونشكر الله على ذلك". *وكالة أنباء الأناضول