بعدما كان تحديد أسعار أضاحي العيد عن طريق الوزن مقتصرا على بعض المدن المغربية الكبرى، بدأ ذلك النوع من التجارة يتوسّع شيئا فشيئا بباقي المناطق، خاصة المدن المتوفرة على أسواق تجارية تحرص على توفير أضحية العيد لزبنائها، معتمدة في عملية تحديد السعر على الميزان وسعر الكيلوغرام. ومن بين المدن التي عرفت، خلال السنوات القليلة الماضية، انتعاشة تدريجية في تجارة أضاحي العيد الموزونة، مدينة خريبكة التابعة لجهة بني ملالخنيفرة، التي بدأ عدد من سكانها يتعاطون لذلك النوع من التجارة لاختيار أضاحيهم، في وقت لازالت الأسواق الشعبية المعتمدة على المساومة والمناقصة ومناقشة الأسعار تفرض نفسها بقوة. وأجرت هسبريس زيارة إلى أحد الأماكن المعروفة في مدينة خريبكة بتجارة المواشي عن طريق الميزان، فوقفت على توافد مجموعة من الأسر بمختلف أفرادها؛ وفي حين قرّرت بعضها خوض غمار اقتناء الكبش الموزون لأول مرة، اقتصرت أخرى على أخذ فكرة حول هذا النوع من التجارة دون نية اعتماده، في وقت انخرط بعض الزبناء في عملية الاختيار مباشرة بعض وصولهم إلى المكان، نظرا لدأبهم على شراء الأضحية بالطريقة نفسها منذ سنوات. عز الدين بستاني، أحد تجار المواشي الموزونة، أشار إلى أنه "منذ سنة 2013 تقريبا عرف سوق الأضاحي ارتفاعا كبيرا في الأثمان، خاصة في الأيام القليلة التي تسبق العيد، ما دفع المتضررين إلى التفكير لاحقا في اقتناء الأضحية عن طريق الميزان، باعتباره وسيلة واضحة ومضبوطة ولا مجال فيها للارتفاع والانخفاض المفاجئ في الأسعار". وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "مدينتي الرباط والدار البيضاء كانتا سباقتين لاعتماد الميزان في بيع أضاحي العيد، قبل أن تصل تلك التجارة إلى باقي المدن، إلى درجة صار العاملون في القطاع يشترون الأكباش بالميزان ويبيعونها بالطريقة ذاتها"، مستدركا بأن "التجارة المعتمدة على الميزان تنتشر وتتوسع ببطء في مدينة خريبكة، خاصة على مستوى عدد نقط البيع الذي لازال ضعيفا". وأكّد بستاني أن ثمن "أكباش الكيلو" في الوقت الراهن منخفض، إذ يتراوح بين 47 و49 درهما للكيلوغرام، حسب الصنف وما يُسمى "المركد"، مشيرا إلى أن "بعض المواطنين يشترون كبش العيد عن طريق الوزن بحثا عن الجودة، وهو اعتقاد خاطئ، إذ لا يمكن معرفة درجة الجودة، سواء في سلع الأسواق الشعبية أو غيرها، فقط عن طريق الثمن أو طريقة البيع". وعن مزايا شراء الأضحية عن طريق الوزن، أوضح بستاني أن "الأمر مرتبط بالرواج التجاري العامّ، إذ تُصبح أسعار الأضاحي الموزونة في متناول الزبناء إذا ما ارتفعت الأثمان في باقي الأسواق، وفي الحالة المعاكسة يبقى في صالح المواطن اللجوء إلى سوق المعاينة والمساومة لشراء أضحيته، دون نسيان الدور الذي يلعبه "الشنّاق" في ارتفاع وانخفاض الأسعار". أما عادل الأشهب، أحد تجار المواشي بالأسواق الشعبية خلال الفترة التي تسبق العيد، فأوضح أن "السوق أو ما يُعرف بالرحبة يُعتبر ملاذ كل الطبقات الاجتماعية قبيل العيد، كل حسب استطاعته المادية، نظرا لما يوفره من أنواع المواشي باختلاف أصنافها وأسمائها وأصوافها، مع وجود هامش كبير بين الثمن الأدنى والأعلى المناسب لميزانية كل بحث عن الأضحية". وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "اختلاف الأعلاف والمناطق المنتجة للمواشي يعطي لصاحب التجربة والخبرة فرصة اقتناء الأضحية بأفضل الأثمان"، مشدّدا على أن "الرحبة توفّر للأبناء نشوة وفرصة استنشاق غبار السوق، وعيش مغامرة الاقتناء وأجواء الفرز والاختيار وإبداء الرأي، والسهر على تفاصيل وطقوس الاحتفال بالشعيرة الدينية منذ بدايتها"، وفق تعبيره. وأوضح الأشهب أن "أغلب مربي المواشي لهم عقيدة راسخة مرتبطة بالتوكل على الله، على أمل أن تكون أثمان السوق جيدة، من أجل ضمان هامش يُنعش تجارتهم ويساهم في استمرار دوران عجلاتهم المعيشية في الموسم الموالي"، مؤكد أن "البيع والشراء عبر المناقشة والمناقصة يعتمد على اللقاء المباشر بين البائع والزبون دون وسيط، مع وجود هامش يتراوح بين 100 و300 درهم في الكبش، حسب السنّ والنوع والأعلاف والمنطقة، من جهة، وخبرة وشطارة وتجربة الزبون، من جهة ثانية".