قبل أيام من عيد الأضحى، تبدأ كبرى أسواق مدينة كلميم في استقبال أعداد كبيرة من المواشي الموجهة إلى التسويق المحلي. ويشكل سوق امحيريش بكلميم، في هذه الفترة، أكبر الوجهات التجارية لسكان جهة كلميم واد نون. على مدخل سوق امحيريش جموع من الكسابة يقفون في شمس حارقة أمام قطعانهم من الغنم والخرفان والماعز، في انتظار الزبناء. ويشتكي الباعة هنا من ضعف الإقبال، بالرغم من توفر عرض متنوع من المواشي وبأثمان مختلفة، حسب ما عاينته هسبرس خلال زيارة ميدانية للسوق. نشاط الشناقة في هذه الفترة من السنة، يتنامى دور "الشناقة" أو "البرغازة"، كما يسمون محليا، في النشاط التجاري في سوق امحيريش بكلميم إضافة إلى الكسابة ومربي المواشي الرحل. محمد بن عمر رجل خمسيني، يمارس نشاط تربية المواشي في المنطقة، يقول إن "العرض كبير هذه السنة من الغنم؛ ولكن الإقبال ضعيف، ربما الناس تنتظر انخفاض الأسعار". وأضاف الكساب، في حديث لهسبريس الإلكترونية، أن "الخير موجود.. ولكن نحن الحرايفية لا يمكن أن نتضرر لأننا صرفنا كثيرا في الأعلاف". عبد الرحيم شاب عشريني يساعد والده في بيع الأغنام، يقول في حديث لهسبريس أن "العرض موجود هذه السنة؛ ولكن الزبناء لا يقبلون الأثمان ويصرون على أثمان غير مناسبة ولا تغطي مصاريف تربية الماشية ومتطلباتها الصعبة". وأضاف الشاب ذاته أن "الإقبال الضعيف ربما مرده إلى انتظار الموظفين لتسلم أجورهم؛ لأن الموظفين هم من يحرك النشاط التجاري في السوق، ويشهد الأسبوع الأخير قبل حلول العيد إقبالا كبيرا على اقتناء الأضاحي". "كسابة" متضررون تنتشر في ضواحي كلميم أعداد لا بأس بها من الكسابة الرحل من مربي المواشي في مراعي المنطقة، بالرغم من موجات الجفاف التي شهدتها المنطقة خلال السنوات الأخيرة. ويقول الحافظ، وهو كساب جلب مواشيه إلى سوق امحيريش من ضواحي كلميم: "وقفت هنا، منذ بزوغ الفجر إلى حدود الساعة التي تشير الآن إلى الحادية عشرة، ولم أبع بعد أي من الماشية، ولا أدري ما السبب في تراجع الإقبال هذا العام". ويضيف الحافظ في حديث لجريدة هسبريس الإلكتروينة: "لدي خيام على بُعد ثلاثين كيلومترا شرق المدينة، وهناك نقوم بتربية الإبل والمواشي، وأقوم في فترات عيد الأضحى بجلب بعضها إلى الأسواق". وأشار المتحدث إلى أن "الكسابة الرحل لا يتنقلون كثيرا إلى الأسواق؛ لبعد المسافات، ولانشغالهم برعي مواشيهم في المراعي في الصحاري وجبال المنطقة". ويضيف الكساب ذاته: "في غالب الأحيان، يأتينا الناس إلى خيامنا ونبيع لهم هنا.. وأحيانا تقوم عائلات بطلب أضاحي العيد في وقت مبكر ونوفرها ما تريد". وأشار الحافظ إلى أن تربية الأغنام في البادية مهمة صعبة ومكلفة للكساب، خصوصا في مواسم الجفاف.. لذلك، يكتفي جل الرحل بتربية الإبل". ويشتكي الكساب من "تكاليف مصاريف نقل المواشي ومصاريف الأعلاف بسبب موجة الجفاف هذه السنة"، ويرى أن الشناقة هم من يتحكم في السوق أكثر من الكسابة الرحل الذين يتضررون من النشاط التجاري داخل السوق. وعاينت هسبريس عملية شحن مواشي خاصة بأحد الكسابة الرحل من السوق من أجل إرجاعها إلى حظائرها، بعد فشله في البيع طيلة بعد ساعات من الانتظار في شمس حارقة وارتفاع درجات حرارة هذه الأيام بالمنطقة، وأغلق أبواب سيارة النقل غاضبا وهو يردد "الوقت مبوربية (متوقفة) هاد العام". دعم ومساعدات في المقابل، يرى دادي الأنصاري، المدير الإقليمي للفلاحة بأسا الزاك، في حديث لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الوزارة تقوم بدعم الكسابة ومربي المواشي في إطار المخطط الأخضر وتقديم الأعلاف، إضافة إلى تقديم مساعدات وحفر الآبار وتزويدهم بالحاويات البلاستيكية وتوفير الشاحنات الصهريجية ونقوم بالتدخل في المساعدة الصحية وغيرها". وكشف المسؤول الإقليمي أن "عدد الكسابة الرحل تناقص في المنطقة بسبب الجفاف، حيث يتنقلون إلى مناطق أخرى في سوس والشمال بحثا عن مراع أفضل لماشيتهم". وأشار المتحدث إلى أن "أسواق المنطقة تشهد في الغالب تسويق نسبة قليلة من صنف الصردي والماعز من الصنف المحلي الذي يسمى في المنطقة بوسكندر، إضافة إلى الأنواع المختلطة والمحلية". من جهته، يرى سعيد النبري، الطبيب البيطري بالمصلحة البيطرية بكلميم، أن "المصالح البيطرية بكلميم تقوم، في هذه الفترة قبل عيد الأضحى، بزيارات للأسواق وتجمعات المواشي وتكون الاستجابة لطلبات المواطنين ومربي المواشي فيما يخص المشاكل الصحية للمواشي". وأشار الطبيب البيطري، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن "المصالح البيطرية بكلميم تكون في خدمة السكان، سواء عند شراء الأضاحي وفي أيام العيد؛ وذلك من أجل الرد على استفساراتهم التي تخص الأضاحي من ناحية السلامة الصحية".