بلغ الغضب بالفتيات والنساء اللواتي شاركن في وقفة احتجاج أمام البرلمان، للتنديد بجرائم الاغتصاب والاعتداء والتحرش التي تطال المرأة المغربية، إلى استعمال عبارات كالتي يُسمعهنّ الرجال في الشارع، بدون قيود، تعبيرا منهن عن أنّ "السكين وصلات للعظم"، كما قالت إحدى الفتيات. تنظيم الوقفة الاحتجاجية التي انطلقت الدعوة إليها عبر مواقع التواصل الاجتماعي جاء عقب انتشار مقطع "فيديو" يوثق لجريمة اغتصاب فتاة ذات إعاقة في حافلة بمدينة الدارالبيضاء، بُثّ صباح يوم الاثنين الماضي، وخلف صدمة وسط المجتمع المغربي. ولجأت الفتيات المشاركات في الوقفة الاحتجاجية إلى تنصيب "حائط العار" في الساحة المقابلة للبرلمان، وهو عبارة عن جدار من اللوح المقوَّى، عُلقت عليه "تدوينات" لرجال مغاربة يحمِّلون فيها مسؤولية تعرّض المرأة المغربية للتحرش والاغتصاب لها، ل"لعدم سترها لنفسها". "حنا بغينا نعرفو اشناهي هاد "سْتري راسك"، وشكون اللي محدد لينا النوع ديال اللباس اللي خصنا نلبسو باش يرضاو علينا الرجال؟"، تتساءل فتاة في كلمة أمام جمهور المحتجين المشكل في أغلبه من شابات وبعض الشباب، مضيفة: "اللي ما عجبوش اللباس ديالنا يحدر عينيه". ولم تتمالك عدد من الحاضرات أنفسهن فذرفن الدموع مع شابة كانت تحكي عن شعورها وهي تشاهد "فيديو" اغتصاب الفتاة ضحية شبان الدارالبيضاء.."تخيّلت راسي بلاصتْ ديك البنت مسكينة، وما كاينش اللي يعتقني، كي غانكون..."، تقول الشابة قبل أن تخنقها الدموع. ووجهت المشاركات في الوقفة الاحتجاجية انتقادات لاذعة إلى الحكومة والبرلمان، بسبب تأخّر إصدار قانون يحمي النساء من العنف، والذي لازال في مجلس المستشارين؛ وقالت إحداهن: "بغينا مسؤولين ديال بصح يدافعو على حقوقنا ويديرونّا قوانين تحمينا". من جهتها قالت نعيمة بوشارب، الفاعلة الجمعوية والبرلمانية السابقة عن حزب التقدم والاشتراكية، إنّ ثمّة حاجة ماسة إلى إخراج قانون كفيل بحماية النساء في المغرب من العنف الممارس ضدهن، والذي تكشف أرقام المنظمات الحقوقية وحتى الهيئات الرسمية أنه يسير في منحى تصاعدي. مشروع القانون رقم 103-13، الموجود حاليا في الغرفة الثانية، لا يرقى إلى مستوى تطلعات النساء، إذ عبّرت المشاركات في الوقفة الاحتجاجية، من خلال اللافتات اللاتي رفعنها، عن أنّ هذا المشروع، الذي أعدته الحكومة خلال الولاية السابقة، لا يضمن لهن الحماية المنشودة. في هذا الإطار، دعت نعيمة بوشارب، في تصريح لهسبريس، إلى تضمين مشروع القانون سالف الذكر كل الملاحظات التي قدمتها الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، ليكون قانونا ضامنا للمساواة وحاميا للنساء من جميع أشكال العنف، مضيفة: "لا يمكن أن ننكر أننا قطعنا أشواطا مهمة، لكن يجب تعضيد ما راكمناه من إنجازات بقانون قوي". ورفعت خلال الوقفة شعارات من قبيل "أيتها المرأة ثوري على ثقافة الاغتصاب، ثوري ضد ثقافة تشييء الجسد"، "لباسي ماشي جريمة..التحرش هو اللي جريمة"، "لا لتحميل المسؤولية للضحية"، "إلى كل النساء، باركة من السكات، المجرم هو المتحرش". ويبقى المثير في الوقفة الاحتجاجية الداعية إلى وضع حد للاغتصاب والتحرش أنه في وقت كانت المحتجات يصرخن ضد ما يطالهن من اعتداءات ومضايقات في الشارع، كان يافعون يتحرشون ببعض المشاركات، ومن ضمنهنّ سيدة متزوجة. وعقب انتهاء الوقفة مرّ مجموعة من المراهقين يرتدون قمصان فريق لكرة القدم، وحاول بعضهم التحدث إلى بعض الفتيات من المشاركات في الوقفة، فجوبهوا بصدّ من طرفهنّ تحوّل إلى نقاش طويل بين الطرفيْن؛ إذ حاولت الفتيات إقناع المراهقين الذين تحرشوا بهنّ بأن التحرش يُعدّ اعتداء على المرأة. نعيمة بوشارب قالت إن القوانين وحدها لا تكفي لوضع حد للاعتداءات التي تطال المرأة المغربية، وإن كانت ضرورية، مؤكدة على ضرورة إعادة النظر في أدوار المؤسسات، وخاصة الأسرة والمدرسة والأحزاب السياسية، من أجل النهوض بمهامها في تربية وتأطير الناشئة لتتشبّع بالقيم والمبادئ السامية، وعلى رأسها مبدأ احترام الغير.